كلمة في رثاء المرحوم بإذن الله الأستاذ: أ. د. محمد نعيم ياسين، د. خضر سوندك
فبراير 1, 2023
للمشاركة :

كلمة في رثاء المرحوم بإذن الله الأستاذ: أ. د. محمد نعيم ياسين

د.خضر سوندك

الأستاذ في كلية الشريعة بجامعة النجاح

يقول سبحانه وتعالى: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [الأحزاب: 23]

لقد أكرمني الله سبحانه بمعرفة هذا الرجل، بل هذ القامة العلمية الإسلامية منذ خمسين عاماً، عرفته على مقاعد الدراسة عندما تتلمذت على يديه وغيره من العلماء والعاملين في كلية الشريعة بالجامعة الأردنية عام 1972م، ومنهم من قضى نحبه كالشهيد عبد الله عزام، والمرحوم د. إبراهيم زيد الكيلاني، ود. محمود عبيدات، ومنهم من ينتظر ولم يبدلوا تبديلاً، أطال الله في عمرهم ونفع بهم الأمة، كالدكتور أحمد نوفل ود. همام سعيد، وغيرهم من أحببتهم لله وفي الله.

لماذا أحببتك يا أبا عمرو؟

أحببتك لأنك كنت محباً للإسلام، وشريعة الإسلام، ولذلك حببتنا بها فأبدعنا، كما أبدعت من قبلنا، والإنسان- أي إنسان – يحب تخصصاً ما أو مدرس تخصصما  سيبدع فيه.

أحببتك يا أبا عمرو؛ لأنني رأيت الصلاح فيك، سواء في علمك، أو في مرافقتي لك في رحلة الحج في بعثة الجامعة الأردنية عام 1974م، ورحم الله الإمام الشافعي عندما قال في ديوانه:

أُحِبُّ الصَّـالِحِينَ وَلَسْتُ منهم      وأَرْجُو أَنْ أَنـَالَ بِهِمْ شَفَاعَة
وأَكْـرَهُ مَـنْ تِجَارَتُهُ المَعـَاصِي      وَإِنْ كُنَّا سَوَاءً في البِضَاعـَة
وما كان من الإمام أحمد رحمهم الله جميعاً، إلا أن قال مخاطباً له:
تُحِبُّ الصَّـالِحِينَ وأَنْتَ مِنْهُم      رَفـِيقُ القَوْمِ يَلْحَقُ بِالْجَمَاعَة
وَتَكْـرَهُ مَنْ بِضـَاعَتُه المَعَاصِي     حَمَاكَ اللهُ مِنْ تِـلْكَ البِضَاعَة.

أحببتك يا أبا عمرو؛ لأنك كنت محباً لطلابك، فلم تكن الابتسامة تفارق مُحياك، فلقد علمتنا العلم الشرعي، وفي قمته الإيمان والعقيدة علماً وروحاً، فحببتنا بها رغم أن بعض الجهلة أو قصيري النظر ينفرون منها، وكان وما زال كتابك (الإيمان) مرجعاً لمساق العقيدة في معظم كليات الشريعة.

أحببتك يا أبا عمرو؛ لأنني رأيت فيك الإخلاص في العلم والعمل، والحرص على النفع والعطاء، وهذا دليل قبول العمل من الإنسان، بل ويتحول إلى عبادة يؤجر عليها الإنسان، ولذلك كانت سورة الإخلاص في القرآن الكريم تعدل ثلث القرآن الكريم.

أحببتك يا أبا عمرو؛ لأنك كنت محباً لفلسطين، وطنك الأم، وبلدتك سلفيت، وفلسطين هي عقيدة ودين، وليست تراباً وشجراً وحجراً، وما زلت أذكر عندما زرتك في سلفيت أواخر السبعينات عندما زرتها، حيث قمت بزيارتك في بيت والدك المرحوم، أنا والمرحوم الشيخ سعيد بلال.

وأخيراً فإنني أتوجه بالدعاء الخالص لله سبحانه بأن يتغمدك بواسع رحمته، وأن يسكنك الفردوس الأعلى من الجنة، وأن يخلف شعبنا وأمتنا علماء عاملين خلفاً لك، وأن يجمعنا في مستقر رحمته مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً.

وإنا لله وإنا إليه راجعون

تصنيفات :