قصيدة:
الشاعر خالد سعيد
شاعر وعضو مجلس تشريعي متقاعد
أرثي الشآم وأرثي الترك والعربا زلزال مرعش أوهى أختها حلبا
يا عين فابكي كلمح البرق قد ذهبوا وكل شيء على وجه الثرى انقلبا
الأهل والدار والآثار قد طمرت والصوت والأنس من أفنائها ذهبا
لا تبصر العين إلا ردم حاضرة وقد كساها الدمار الحزن والنصبا
مغبرة صار أعلاها بأسفلها أشلاؤها عانقت في ردمها اللعبا
أين الأحبة قد باتوا يغافلهم زلزال هدم يهد الركن مضطربا
هذا دفين وهذا هل به رمق وذاك يحضن طفلا نحوه انجذبا
تخال أن بلادا ها هنا صعقت تخال أن قيام الساعة اقتربا
صارت لحودا أسرتهم مخضبة كأس المنون قبيل الماء قد شربا
أنات جرحى يكاد القلب يسمعها أنينها في حنايا قدسنا وجبا
قد يجمد الدمع في عين الوليد وقد ترى الشديد من الشبان منتحبا
وقد يواري الردى أما منعمة ويمنح العيش طفل ما أحس أبا
ويقفر الربع من أهل ومجتمع فلا صريخ لهم ينبي بما ضربا
ترى وتبصر ما قد كنت تسمعه في الغابرين وفي الأسفار قد كتبا
ترى وتبصر ما قد كنت تحسبه أمرا غريبا خيالا ممعنا عجبا
كأن طودا عظيما جاء منحدرا يجري سريعا على وجه الهضاب كبا
والأرض تنشق تخفي كل شاهقة كانت تناطح أمس الغيم والسحبا
أين المنارات قد كانت ملألئة أضواؤها حاكت الأقمار والشهبا
غارت سهول شمال الشام واأسفا وضاق مرج على اللاجي بما رحبا
كلب وفي أبى هجران منزله لربة البيت في ردم به ارتقبا
يشم أحجاره يرجو به أملا ممن رعته عساها تنفض التربا
أليس هذا بأهدى من بني بشر ساموا الشعوب سعار البغي والكلبا
من فرّ من نار بطّاش يطارده لاقاه سهم المنايا حيثما هربا
من يحمل الوزر من تشريد محصنة أزاح عنها اللجوء الستر والحجبا
كانت بدرعا كياقوت مخدرة حتى رماها غراب البين للغربا
يا رب من مس شمل الأبرياء فخذ منه القصاص بما آذى وما ارتكبا
حتى يرى الموت يرجوه فيعجزه ويحسب الموت مما نابه سربا
ويطلب الموت يقضي بؤسه كمدا ويحسب الموت أدنى المرتجى طلبا
يارب أسكن جنان الخلد من فقدوا وصب فوق الطغاة النار والغضبا
واشف الجراح وآت الهائمين هدى واكس العراة وعاف الذائقي وصبا
واسق العطاش وأطعم جائعين وهب لليائسين إلى منجاتهم سببا
وفك أسر أسارى ذل آسرهم أطلق مساجين ذاقوا المر والتعبا
بجاه أحمد خير الخلق سيدنا بحق شيخ ضعيف ظهره انحدبا
وحق طفل وليد مات مرضعه كمثل آية للآثام ما كسبا
يادهر أرّخ بدمع العين أو دمنا زلزال رعب أتى بالموت في رجبا
في الليل والليل يخفي الويل مندغما تغدو الحياة كحلم مر وانسحبا
تصنيفات : قضايا و مقالات