بسم الله الرحمن الرحيم
لو يعرفنا فضيلة الدكتور عن حياته العلمية والعملية والتعليمية والدعوية
بدأت طلبي للعلم الشرعي في سن مبكرة من خلال التحاقي بالثانوية الشرعية، إضافة إلى الدروس التي كنت أحضرها في المساجد وفي المسجد الأقصى المبارك خصوصا، وحصلت على الدرجات العلمية في الشريعة الإسلامية في المراحل المتعددة مرحلة البكالوريوس والماجستير والدكتوراة.
التحقت بالعمل في جامعة القدس قبل خمسة وعشرين عاما وحصلت على الترقيات العلمية وكان آخرها حصولي على رتبة الأستاذية ( بروفيسور ).
عملت في العديد من المؤسسات الأكاديمية ضمن نظام العمل الجزئي منها أكاديمية القاسمي وجامعة القدس المفتوحة وجامعة النجاح وأكاديمية العلوم الشرعية وكلية الحوار.
بناء على عملي في التدريس الجامعي في عدة مؤسسات فقد درست أكثر من أربعين مساقا متنوعا في العلوم الشرعية في جميع المراحل من البكالوريوس والماجستير والدكتوراة.
عقدت عدة دورات علمية في المسجد الأقصى المبارك في الفقه الحنفي والفقه الشافعي وفي علم المواريث، بالإضافة إلى دورات في أصول الفقه والفقه الإسلامي في مساجد القدس.
شاركت في العديد من الدورات التربوية لمدرسي التربية الإسلامية في مدارس القدس ودورات لرجال الإصلاح وللمحامين الشرعيين وكذلك دورات لأئمة المساجد ولمرشدي الحج، وللأزواج الشباب.
عملت رئيسا وعضوا في هيئة الرقابة الشرعية في البنوك الإسلامية والهيئة العليا للرقابة الشرعية لمدة تزيد عن خمسة عشر عاما.
كنت عضوا في مجلس الفتوى الأعلى في فلسطين في إحدى دوراته.
لي العديد من الأبحاث العلمية المحكمة وأبحاث المؤتمرات التي وصل عددها إلى ما يقرب الثلاثين بحثا.
شاركت في عشرات المؤتمرات خاصة في جانب الصيرفة الإسلامية والوقف والحركة العلمية في بيت المقدس.
أشرفت وناقشت عشرات الرسائل العلمية في مرحلتي الماجستير والدكتوراة كما حكمت العديد من الأبحاث للمجلات العلمية المحكمة.
ورث الدكتور ميراثا ضخما عن والده، فماذا يقول لنا عن هذه العلاقة؟ وما الذي يقوله الدكتور عن والده فضيلة الشيخ عكرمة صبري؟
كان لعائلتي الدور الكبير في إيجاد التوجه نحو دراسة العلوم الشرعية سواء من جانب الوالد حفظه الله الذي تعلمت منه علو الهمة في طلب العلم كما أنني قرأت العديد من الكتب التي كانت موجودة في مكتبة الوالد في مرحلة مبكرة وكذلك تأثرت بالوالدة حفظها الله التي كانت تصحبنا إلى المكتبة العامة في القدس، إضافة أن جدي من جهة أبي هو فضيلة الشيخ سعيد صبري رحمه الله كان قاضيا شرعيا للقدس وخطيبا للمسجد الأقصى المبارك وجدي من جهة أمي هو فضيلة الشيخ هاشم صبري رحمه الله كان مدرسا ومفتيا لمدينة قلقيلية وكلاهما درس في الأزهر الشريف في رواق الحنابلة و قد تأثرت بسيرتهما.
يشرف الدكتور على عمادة كليتين الآن في جامعة القدس، ما الواقع الحالي للتعليم الشرعي في فلسطين؟ وما هي سبل الارتقاء به؟
توليت عمادة كليتي القرآن والدراسات الإسلامية والدعوة وأصول الدين في جامعة القدس قبل ثلاثة أعوام، وكانت هناك عدة تحديات تواجه الكليتين من أبرزها قلة عدد الطلاب والعزوف عن دراسة العلم الشرعي، ولكن بفضل الله تعالى تجاوزنا هذه الأزمة نسبيا من خلال تخصيص المنح الدراسية للطلبة في الكليتين مما أدى إلى زيادة العدد واستقطاب الطلبة المتفوقين في الثانوية العامة، بل إن هناك عددا من طلاب الجامعة في التخصصات الأخرى وبعد تخرجهم أعادوا التحاقهم في الجامعة لدراسة العلم الشرعي.
ولذلك يمكن القول إن هناك بداية لنهضة العلوم الشرعية من حيث إحياء فكرة التوجه لدراسة العلم الشرعي سواء في كليات الشريعة أو من خلال حلقات العلم في المساجد أو عبر المنصات العلمية في مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا التوجه بحاجة إلى دعم وتشجيع وتهذيب وتوجيه.
كما أنه لا بد من إحداث فرص العمل لطلبة العلم الشرعي وإعادة دورهم في المجتمع حتى لا يحبط طالب العلم وذلك من خلال تفعيل دور المساجد ودور تحفيظ القرآن الكريم وإعادة الاعتبار لمدرس التربية الإسلامية في المدارس وتطوير المؤسسة الدينية في فلسطين.
الحالة الأكاديمية الشرعية في انتشار.. فكيف لا تكون على حساب الواجبات الأخرى: الدعوية والاجتماعية ودور العالم داخل بيئته؟
طالب العلم الشرعي يجب أن يكون متوازنا فيجمع بين طلبه للعلم واجتهاده في التحصيل الأكاديمي وبين قيامه بدوره الاجتماعي والدعوي، ولا يجوز له أن يهمش نفسه في البيئة التي يعيش فيها أو أن يعيش بعيدا عن واقعه؛ لأن معرفة الواقع والتفاعل مع الناس يكون سببا من أسباب نجاح طالب العلم في حل مشاكلهم وإعطاء التصور الشرعي الصحيح لهذا الواقع.
اليوم الدراسات العليا الشرعية صارت في مراحل متقدمة مع برنامج الدكتوراة.. ما نصائح الدكتور عروة لطلبة الدراسات العليا في برنامج الشريعة المشترك؟
إن دراسة العلم الشرعي أمانة يحملها طالب العلم وهي ميراث النبوة وهذا يلزم منه أن يتعامل الطالب بجد واجتهاد في طلبه، وأن يعالج جوانب النقص عنده بالدراسة والبحث، وألا يتعجل في طلبه للعلم فالطلب بحاجة للصبر والمثابرة وخاصة في مرحلة كتابة الرسالة.
وهنا أشير إلى أهمية الاستمرار في طلب العلم حتى بعد التخرج لأن طلب العلم هو سلوك يتصف به ولا يتوقف في مرحلة معينة.
ولا بد لطالب العلم أن يستوعب الخلاف العلمي وألا يتشنج أمام الرأي المخالف وأن يكون خطابه جامعا لا مفرقا وأن يتجنب مسائل الخلاف في خطابه الدعوي.
وأخيرا أقول لطالب العلم إن من أوجب الواجبات أن يعمل على تزكية نفسه والعمل بالعلم الذي يحمله وأن يكون قدوة لغيره ويتذكر دائما أن الله سبحانه قد اصطفاه لدراسة العلم الشرعي وحمل أمانة العلم الشرعي، فليحافظ على هذا العلم وليرتقي بنفسه وبأخلاقه.
تعيش القدس اليوم بمسجدها الأقصى واحدا من أصعب الظروف، ماذا يقول الدكتور لأبناء القدس ولأبناء فلسطين لأداء واجبهم تجاه ذلك؟
إن الوعي من أهم مقومات الأمم الناهضة والفاعلة في واقعها، ولذلك فإن إدراك الواقع ومعرفة أهمية المسجد الأقصى في عقيدة المسلمين هي واجب الوقت حتى لا يعيشوا في غفلة عن واقعهم وقضاياهم المصيرية، كما أن الاتصال بالله سبحانه وتعالى وإدراك قدرته واليقين به يجعل المسلم مطمئنا لمستقبله ولمستقبل المسلمين فلا بد من استحضار الوعي والصلة بالله سبحانه وتعالى في مواجهة أي واقع صعب تواجهه الأمة في كل زمان ومكان.
كلمة أخيرة لحملة العلم الشرعي وواجبهم تجاه المسجد الأقصى المبارك.
إن من نعم الله سبحانه علينا أن اختار لنا السكنى في بيت المقدس ومجاورة المسجد الأقصى المبارك وإن دور العلماء في بيت المقدس يجب أن يتركز في الحفاظ على الهوية الإسلامية للجيل القادم خاصة من خلال إحياء دروس العلم وتوجيه الشباب إلى المساجد وحفظ القرآن الكريم، وأن هذا الدور يجب أن يزيد أثره في وجه التحديات الكثيرة، وأن الوعي بأهمية المسجد الأقصى المبارك يجب أن يقترن بالوعي الديني والثقافي والحضاري، ولا يجوز أن تنفصل عنها فالمسلم الواعي الواثق بدينه وحضارته هو القادر على المحافظة على مسجده.
تصنيفات : قضايا و مقالات