وسائل التواصل بين الضرورة والإدمان
أ.يوسف أبو راس
مرشد تربوي
في غمرة التطوُّر العلمي والتكنولوجي الهائل ظهرت وسائل التواصل الاجتماعي بتقنيات متعددة، وأنواع متعددة، فكان ( التويتر، الماسنجر، والواتس آب، الفيس بوك ، … ) من أكثر هذا الوسائل شعبيّة وانتشاراً، وممّا لا شك فيه أنّ لاستخدام هذه الوسائل ضرورات و إيجابيّات، وفي المقابل لها سلبيّات.
فمن الضرورات والإيجابيات:-
– سرعة التواصل مع العالم الخارجي، إذ إنّ الإنسان في ثوانٍ يستطيع التواصل مع من يريد وبأقلّ التكاليف، كما أنها فرصة لتبادل الآراء والأفكار حول شتى المواضيع، وكذلك هي توفر إمكانيّة للتواصل بين ذوي الإبداع والاختصاص في شتى المجالات، وفيها فُرص عظيمة لإطلاق مشاريع إبداعيّة تخدم الفرد والمجتمع على حدّ سواء.
سلبيات وسائل التواصل:-
– وتعد وسائل التواصل مرتعا خصبا لنشر ثقافة الانحلال الخلقي، وذلك في حال ضعفت الرقابة الذاتيّة واختفت عند الفرد، فهناك عشرات بل مئات المستخدمين الذين ينضمون يومياً وهم مشارب شتى فيما يحملون من قيم وتوجهات، وهي تعد عينا للعدو على مراقبة شباب الأمة، ورصد تفاعلاتهم في الساحة، وبخاصة في المبالغة في نقل الأحداث، وهي تربة خصبة لنشر الشائعات، مما يؤدي لنشر الفوضى بين الشعوب وتأليب الرأي العام، وتهديد الأمن المجتمعي، ناهيك عن إضاعة الوقت، ولا سيّما بين العابثين الذين يلهون بالتواصل عبرها من غير هدف حقيقي معتبر، كما أنها تشكل سببا في عزلة الفرد عن محيطه القريب، وتسبب في كثير من الأحيان مشاكل بين النّاس على خلفيّة التواصل العبثي بين الجنسين، إضافة لانشغال شريحة من الطلاب ممّن هم في سنّ المراهقة عن واجباتهم المدرسيّة، ممّا يترتب عليه إخفاقهم في الدراسة بشكل عام.
أسباب إدمان مواقع التواصل الاجتماعي
تتضمّن سلوكيات المُدمنين عادةً صعوبة في التحكم بالنفس عند استخدام الشيء المدمَن عليه، والشعور بأعراض عدة نتيجة الانقطاع عن هذا الشيء، ومنها القلق والرغبة الشديدة في العودة إليه، لذلك فإن الشخص المُدمِن على مواقع التواصل الاجتماعي يتّصف بعدم القدرة على التوقف عن تصفّح هذه المواقع طوال اليوم لعدة أسباب، وفيما يأتي طرح لبعض منها:
– (الفومو) : ويقصد به الخوف من فوات الشيء كالاطلاع على الأحداث، أو الخبرات، أو التفاعل مع الآخرين، وهو دافع كبير لاستخدام الشبكة الاجتماعية.
– الأنا: يحتاج بعض الأشخاص إلى منصّة لعرض أنفسهم، وتعدّ الشبكات الاجتماعية أفضل خيار لذلك، حيث وجد أنَّ 80% من المحادثات عبر الإنترنت تكون مليئة بمعلومات تفصح عن الذّات.
– كيمياء الدماغ: أظهرت دراسة من جامعة هارفارد أن الحديث عن النفس عبر الإنترنت يحرّك المنطقة نفسها في الدماغ التي تتأثر بتناول مادة تسبب الإدمان، مثل الكوكايين.
– التحقق من قبول الفرد اجتماعياً: وذلك من خلال الحصول على القبول أو الاستحسان من الأقران، وكذلك أظهرت الدراسات الحديثة أن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي يرتبط بمشاعر العزلة الاجتماعية، والاكتئاب، وانعدام الأمن، والغيرة، وسوء تقدير الذات.
علامات إدمان مواقع التواصل الاجتماعي
لمعرفة إذا كان الشخص مدمنا على مواقع التواصل الاجتماعي، يجب أن تتوافر لديه بعض العلامات التي تشير إلى ذلك، وفيما يأتي بعض منها:
– قضاء أكثر من ساعة يومياً على مواقع التواصل الاجتماعي.
– تصفّح مواقع التواصل الاجتماعي كلّما أمكن ذلك.
– الإفراط في المشاركة على هذه المواقع.
– تأثر الأداء المهني، أو الدراسي، أو الاجتماعي للفرد.
– وجود أعراض نفسية انسحابية عند محاولة تقليل وقت تصفّح مواقع التواصل.
– اللجوء إلى مواقع التواصل لتجنب المشاكل التي تحدث في الحياة الواقعية.
– تصفح مواقع التواصل الاجتماعي عند النوم مما يسبب الأرق.
آثار إدمان مواقع التواصل الاجتماعي
يسبب الإدمان على مواقع التواصل الاجتماعي آثار سلبية على حياة الأفراد سواءً أكانت جسدية أو عقلية، وفيما يأتي شرح لهذه الأعراض:
– الآثار الجسدية: متلازمة النفق الرسغي وهي مشكلة تحدث في اليدين أو الرسغين بسبب الكتابة الكثيرة، الضغط على أوتار الأصابع بسبب الكتابة على الهاتف.
– إجهاد العين نتيجة التحديق في الشاشة لفترة طويلة جداً.
– الآثار النفسية والعقلية: انخفاض تقدير الذات، توليد مشاعر الحسد عند النظر إلى حياة الآخرين التي تبدو مثالية على وسائل التواصل الاجتماعي.
– عدم الرغبة في الحصول على تفاعلات اجتماعية حقيقية إذا أمكن قول شيء واحد لمئات الأشخاص بنقرة واحدة.
– انشغال العقل في أمور لا تعود بالفائدة بدلاً من تعلم شيءٍ جديد.
نصائح وتوصيات لاستخدام وسائل التواصل
بعد أن أصبحت وسائل التواصل ظاهرة عامّة في المجتمعات، فلا بدّ من توصيات منها:
– تفعيل الرقابة الذاتيّة، بحسن التربية، ومن خلال الحوار، بتعريف النشء على ما هو مفيد، وما هو ضارّ فيها.
– تفعيل دور الرقابة الأسريّة، بمتابعة سلوك أبنائهم حيال هذه الوسائل.
– تشجيع الفرد على الاستفادة منها بشكل إيجابي، بتشجيعه على إضافة أصدقاء يتسمون بالإيجابيّة والخلق الحسن.
– تشجيع الفرد على إقامة صفحات نشطة في حسابه، يظهر خلالها إبداعه وتميزه، ويعبر بذلك عن خبراته وميوله الإيجابيّة، من خلال التواصل.
– تشجيع الإبداع لدى فئة الشباب، بتضمين المناهج المدرسيّة بحوثاً حول التواصل الإيجابي من خلال وسائل التواصل، وتفعيل طاقاتهم في بحوث مدرسيّة أخرى متعدّدة، كإعداد أنشطة مدرسية محوسبة.
تصنيفات : قضايا و مقالات