انتصر العثمانيون على المماليك في معركة مرج دابق (١٥١٦م) واستطاعوا أن يخضعوا بلاد الشام دون قتال بعد فرار المماليك إلى مصر، وأصبحت الطريق مفتوحة لدخول مدينة القدس الشريف التي أولاها العثمانيون اهتماما خاصا بسبب مكانتها الدينية لدى المسلمين والمسيحيين.
كانت مدينة القدس تشكو من الإهمال وسوء الأحوال الذي طال السكان وأصبحت المدينة غير جاذبة للسكان نظرا لقلة المياه وقلة الزائرين للمدينة الذين تسبب تدهور الوضع الأمني في فلسطين في عدم قدرتهم على المجيء إليها والإقامة فيها، وتسبب هذا الأمر في هجرة عكسية إلى المدن الفلسطينية الأخرى .
بعد دخول الجيش العثماني المدينة بقيادة السلطان سليم الثاني وصلاته في المسجد المبارك اجتمع مع سكان مدينة القدس الذين رحبوا فيه وشكوا له سوء الحال، وخراب المدينة الذين تسببت فيه الزلازل والثلوج التي كانت حدثت على فترات متباينة، وكذلك شكوا له انفلات الأمن وهجمات قطاع الطرق الذين كانوا يدخلون إلى المدينة، ويعيثون فيها فسادا بسبب خراب سور المدينة، وعدم وجود حامية عسكرية لحماية المدينة والسكان.
تحرك العثمانيون سريعا وقاموا بخطوات عملية من أجل ضبط الأمن والاستقرار، ومساعدة السكان على العيش في المدينة، نظرا إلى الأهمية الدينية التي كانت تمثلها المدينة لدى المسلمين الذين تركوا وحدهم في مواجهة الدعم المادي الكبير الذي كانت تقدمه الكنائس المسيحية المختلفة، التي كانت تتلقى الدعم من الدول الأوربية التي تنافست فيما بينها من أجل السيطرة والنفوذ في مدينة القدس الشريف.
تعددت أوجه الدعم الذي قدمته الدولة العثمانية لمدينة القدس الشريف، وسنبين في هذه المقالة أهم ما قدمته الدولة العثمانية وساهمت من خلاله في عمار المدينة، وحفظ الأمن ومساندة السكان، حتى يستطيعوا البقاء في المدينة:
- قدمت دعما ماليا كبيرا للسكان بلغ عددهم ١٢٩٣ شخصا وشمل الأئمة والخطباء والمؤذنين وقراء القرآن الكريم، وحراس المسجد الأقصى، ووجهاء المدينة وعلماءها ومخاتير الحارات والقيمين على المساجد والمقامات الصوفية، وكان هذا الدعم سنويا؛ فخصصت رواتب لهم من الصرة السلطانية التي كانت تقدم لمكة المكرمة والمدينة المنورة والقدس الشريف، وأيضا الصرة المصرية التي كانت تجبيها الدول العثمانية من مصر، وكانت تقدم لمدينة القدس الشريف.
- جددت بناء سور المدينة الذي تهدم معظمه في فترات زمنية سابقة، وجلبت المعماري العثماني الشهير سنان باشا من أجل الإشراف على بناء السور وإصلاح ما تعرضت له أبنية المسجد الأقصى المبارك من دمار وخراب.
تصنيفات : قضايا و مقالات