- لو يحدثنا فضيلة الدكتور عن رحلتيه العلمية والتعليمية وأهم الأعمال العلمية والدعوية.
- تلقيت تعليمي الثانوي في مدينة القدس / ثانوية الأقصى الشرعية، ثم التحقت بكلية الشريعة بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة 1974، وفيها تلقيت العلم على يد علماء أفاضل في التفسير والفقه والحديث والدعوة منهم: الشيخ محمود ميرة، والشيخ محمود الطحان، والشيخ محمد المختار الشنقيطي، والدكتور علي جريشة … وغيرهم من العلماء .
- – أكملت دراسة الماجستير في جامعة الملك سعود بإشراف الدكتور محمد مصطفى الأعظمي، ثم حصلتُ على الدكتوراه في السنّة وعلومها من كلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وكان ذلك سنة 1989 .
- عملت في التدريس في جامعة الملك سعود في قسم الثقافة الإسلامية بكلية التربية مدة عشر سنوات وزاملتُ في هذا القسم كثيراً من الأساتذة الأفاضل من مختلف الجنسات والتخصصات.
- التحقت بالتدريس بكلية الدعوة وأصول الدين بجامعة القدس عام 1991 ومن ثم تمت إعارتي لتولي عمادة كلية الدعوة والعلوم الإسلامية بأم الفحم في الداخل الفلسطيني، فكانت الكلية في بداية تأسيسها، وبقيتُ عميداً لها، ومن ثم أستاذاً غير متفرغ فيها حتى 2011؛ حيث أعاننا الله تعالى على عقد إتفاقيات توأمة مع كليات الشريعة بجامعتي النجاح والخليل وتحصيل عضوية الكلية في اتحاد الجامعات العربية والإسلامية، وما زلت أدرّس فيها.
- واستمر تدريسي في جامعة القدس في كلية الدعوة وأصول الدين حتى 2021.
أما بخصوص الأعمال العلمية فقد وفقني الله تعالى إلى تأليف العديد من الكتب والأبحاث العلمية وتحقيقها، كان آخرها كتاب ( الحلل السُندسية في شرح الأربعين حديثاً المقدسية )، كما شاركتُ في تأليف كتب منهجية للتدريس، وشاركت في العديد من المؤتمرات والندوات والملتقيات العلمية.
لي -ولله الحمد – درسٌ أسبوعي في الحديث النبوي الشريف في المسجد الأقصى المبارك.
- لفضيلة الدكتور رحلة متميزة في طلب العلم، ماذا يقول لطلبة العلم الشرعي اليوم؟ وما هي أهم النصائح التي يسديها لهم؟
طالبُ العلم الشرعي يُعدّ لمهمةٍ جليلة؛ فعليه أن يشمّر عن ساعد الجد ويجتهد في الطلب، ويستثمر وقته، ولا يضيّع دقيقة إلا في علمٍ نافع، وعملٍ صالح، وعليه أن يستعين على ذلك بتنظيم وقته ووضع برنامج لقراءته ومطالعاته ومتابعاته، وبحمد الله، أصبح بمقدور طالب العلم اليوم مع ثورة الاتصالات والتواصل الإلكتروني والتعليم عن بُعد أن يتابع العلماء ويأخذ عنهم، ويتخير ما يحلو له مما هو نافعٌ ومفيد في المواقع ، وينأى بنفسه عن المتابعات العبثية لمواقع التواصل، وكذلك عليه أن يتجنب الانشغال بالخلافات التي لا تزيد الأمة إلا فُرقة وتشرْذماً، وعلى طالب العلم أيضاً أن يبني شخصيته العلمية وفق منهجية منضبطة تجنّبه الانحراف أو الغلو، وليسترشد في ذلك بتوجيهات أساتذته وشيوخه الأفاضل.
- تعيش الحالة العلمية في فلسطين اليوم الكثير من المستجدات، مثل برامج دكتوراه في الدراسات العليا في عدد من الجامعات، بجانب ذلك عزوف لدى الطلبة عن دراسة الشريعة، كيف يقرأ فضيلة الدكتور المشهد وما هي سبل تخطي العقبات وتعزيز الفرص؟
أما عن وجود أقسام الدراسات العليا وبرامج الدكتوراه في الجامعات الفلسطينية فهو تطور نوعي ونُقلة كبيرة، تسهّل الأمر على الطلبة لمواصلة دراساتهم، وأتذكّر كيف كان الجيل الماضي من الأساتذة يرتحلون ويغيبون عن الوطن لسنوات عديدة من أجل الحصول على الماجستير أو الدكتوراه.
مع ذلك نجد هذا العزوف عن دراسة العلم الشرعي لأسباب أهمها: هواجس التوظيف .. فلا بد من توظيف خريجي الكليات الشرعية وضمان وظائف لهم في التربية التعليم، والقضاء والمحاكم، والإمامة والمساجد وغيرها من المجالات. وللأسف فإن مما يعيق التوظيف ارتباطه بالجهات الأمنية والسياسية.
كما أرى من جانب آخر تشجيع أصحاب التخصصات الأخرى وتحفيزهم للالتحاق بالكليات الشرعية وبرامج الدراسات العليا، وقد أعجبني في أثناء تدريسي ما رأيته ممن يحمل تخصصات متنوعة يُقبلون بنَهمٍ على دراسة الشريعة ومواصلة الدراسات العليا فيها.
والملاحظ ضعف المستوى العلمي لطلبة الكليات الشرعية والخريجين منها، والسبب في ذلك قبول المعدلات المتدنية من الثانوية العامة، ولتلافي هذا الضعف أرى ضرورة تشجيع أصحاب المعدلات المرتفعة في الثانوية العامة للالتحاق بالدراسات الشرعية وذلك بتوفير منَح دراسية وحوافز تشجيعية.
- الدكتور موسى ابن القدس، وابن المسجد الأقصى، فماذا يقول لنا عن القدس وعن الأقصى سواء في محطات هذه العلاقة الوطيدة، أو في الواقع الحالي للمسجد الأقصى؟
القدس ومسجدها المبارك في دائرة الاستهداف، ولا تزال السلطات الإسرائيلية تنفّذ مخططاتها الرامية إلى تهويد المدينة المقدّسة وفرض واقع جديد في المسجد الأقصى المبارك؛ لكنْ ما نقوله هو أن المسجد الأقصى المبارك آيةٌ تتلى في كتاب الله تعالى وهو مسرى نبيّنا صلى الله عليه وسلم، وحُبّ المسجد الأقصى المبارك عقيدة في قلب كل مسلم على وجه الأرض، والوضع الذي يمرّ به المسجد الأقصى المبارك من أسْرٍ وتضييق واعتداءات واقتحامات وادعاءات باطلة؛ كل ذلك إنما هو وضع طارئٌ واستثنائي ولا بدّ يوماً أن يتغير، لكنّ هذا التغير مرهون بالعودة الصادقة إلى الله عزّ وجل.
- ما هي سبل تعزيز الحالة العلمية والدعوية في المسجد الأقصى؟
لا شك أن الحصارالظالم المفروض على المسجد الأقصى له تأثيرُه السلبي على الحالة العلمية والدعوية فيه؛ فالعلماء والدعاة يتشوقون للوصول إلى المسجد الأقصى المبارك للقيام بدورهم العلمي والدعوي في عمارة هذا المسجد المبارك الذي هو ثاني بيت لله تعالى في الأرض، الذي كانت أروقتُه وساحاته تعجّ بالمدارس والحلقات العلمية، وندعو الله تعالى أن يعود للأقصى عزُّه وأن يَعمره العلماء، والأملُ كبيرٌ في تعزيز الحالة العلمية والدعوية في المسجد الأقصى المبارك، فقد واكبتُ الحالة العلمية منذ ما يزيد عن عشرين عاماً فوجدت في هذه الآونة ما يبشّر بالخير؛ حيث بدأتْ تظهر حلقات علمية متخصصة من علماء وطلبة علم؛ إضافة إلى برامج تنشيط مكتبة المسجد الأقصى، وهي مكتبة غنية بالمصادر والمراجع والكتب الثقافية في مختلف التخصصات.
- تعيش الحالة المقدسية تحديات كبيرة بما يتعلق بالمنهاج الصهيوني والتضييق على المدارس التي تدرس المنهاج الفلسطيني، كيف يمكن للمقدسيين مواجهة هذه التحديات؟
يشهد التعليمُ ومناهج التعليم في القدس معركة حقيقية محورُها ( الطلاب) الذين هم أبناؤنا وبناتنا، ويُعد التعليم الحصن الذي يحمي أبناءنا من الغزو الثقافي ويحفظ لهم هويتهم، وقد عملتْ وزارة المعارف الإسرائيلية طيلة الفترة الماضية على انتهاج السياسات والسبل الهادفة إلى إفساد الأجيال، حتى جاءت خطوتهم الأخيرة لمحاربة المنهاج الفلسطيني بفرض تغيرات تتفق مع الرؤية الصهيونية والتضييق على المدارس التي تطبق المنهاج الفلسطيني، إن سياسة الاحتلال محاربة المدارس التي ليس لوزارة المعارف الاسرائيلية سيطرة عليها سواء التي تحت اسم دائرة الأوقاف أو المدارس الخاصة بكل الأساليب، والحقيقة أن الإنسان المقدسي يتم غزوه في مدينته بشى صنوف الغزو، والمطلوب تعزيز صمود المقدسي في مدينته؛ بأن يلتفت القائمون على هذا الشأن لدعم صموده وخاصة في التعليم ومؤسساته؛ ببذل الدعم الموازي بل المنافس لما تبذله السلطات الإسرائيلية على المدارس التي تشرف عليها ؛ للحيلولة دون تفريغ المدارس التي تدرّس المنهاج الفلسطيني لصالح المدارس التي تشرف عليها وزارة المعارف الإسرائيلية، لكن مع كل أسف أرى التقصير في الإنفاق على التعليم ومتابعته. ولمواجهة التحديات أيضاً فإن على أولياء الأمور مسؤولية الاهتمام بأبنائهم ومتابعتهم في تحصيلهم العلمي، وتربيتهم الخلقية، والعمل على تحصينهم مما يخطط لهم.
- 7. رسالة توجهها إلى العلماء، ولعلماء الأمة خصوصا وللمسلمين عموما باسم علماء فلسطين ودعاتها.
رسالتي إلى العلماء أولاً أقول: إنهم الذين يُحفظ بهم الدين، وهم حراسُه وحماتُه، واجبهم عظيم، والأمة تنتظر منهم الشيء الكثير؛ فعليهم أن يكونوا في مستوى المسؤولية، وأن يتقوا الله في حمل هذه الأمانة، وأن يقولوا كلمة الحق، وألّا يخافوا في الله لومة لائم، وأن يأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر، ويتحملوا التبعات، وينأوا بأنفسهم عن الاختلافات؛ فالتحديات كثيرة وخطيرة والدين مستهدف، وإنه يُراد للأمة أن تنسلخ من دينها.
وعلى العلماء أن يكونوا فاعلين في معالجة هموم مجتمعاتهم وألّا يعزلوا أنفسهم؛ فهم الأوْلى في التصدي لحل المشكلات التي تجابه المجتمع، كما يُطلب من العالِم أن يبقى على صلةٍ بالعلم الذي يحمله؛ ما بين مطالعةٍ فيه ومتابعةٍ لمستجداته وممارسةٍ لتعليمه وتبليغه والدعوة إليه والعمل به.
ورسالتي لعلماء الأمة؛ أن قضية القدس هي قضية الأمة المركزية، وأن القدس عنوان عزة الأمة ومقياس رفعتها وعلو شأنها؛ متى كانت القدس في حيازتها، والواجب على العلماء أن يولوا القدس اهتماهم ودعمهم، وأن يغرسوا حب القدس والأقصى في قلوب أبناء شعوبهم خاصة في ظل انتشار سياسات التطبيع الممنهجة لدى دول عربية وإسلامية .
ورسالتي إلى المسلمين عموماً أن يتنبهوا ويدركوا حجم المؤامرة على دينهم وثوابتهم، والمؤمّل منهم أن يُرضِعوا أبناءهم حبّ القدس والمسجد الأقصى.
تصنيفات : قضايا و مقالات