صيام الست من شوال فضلها وأحكامها، أ. إسماعيل صالح حمزة
مايو 3, 2023
للمشاركة :

يعدّ فضل صيام الست من شوال بعد شهر رمضان الفضيل، فرصة مهمّة لكسب الحسنات، إذ يقف الصّائم على أعتاب طاعة أخرى، بعد أن فرغ من صيام رمضان.

لقد أرشد سيّدنا رسول الله – صلّى الله عليه وسلّم – أمّته إلى فضل صيام الست من شوال، وحثّهم بأسلوب يرغِّب في صيام هذه الأيّام، فقال صلّى الله عليه وسلّم: “مَن صام رمضان ثمّ أتبعه ستًا من شوال كان كصيام الدَّهر” رواه مسلم وغيره.

فمَن صام رمضان وستًا من شوال كان أجره وثوابه كأجر مَن صام السنة كلّها، وذلك لأنّ الحسنة بعشرة أمثالها، فشهر رمضان بعشرة أشهر وستًا من شوال بستين يومًا، فيبلغ مجموع ذلك العام كلّه. قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “صيام شهر رمضان بعشرة أشهر وصيام ستة أيّام بشهرين فذلك صيام السنة” رواه النسائي.

إنّ صيام شوال وشعبان كصلاة السنن الرّواتب قبل الصّلاة المفروضة وبعدها، فيُكمل بذلك ما حصل في الفرض من خلل ونقص، فإنّ الفرائض تكمل بالنّوافل يوم القيامة، وأكثر النّاس في صيامه للفرض نقص وخلل، فيحتاج إلى ما يجبره من الأعمال.

قيل للعارف بالله بشر الحافي رحمه الله: إنّ قومًا يتعبّدون ويجتهدون في رمضان. فقال: “بئس القوم قوم لا يعرفون لله حقًّا إلاّ في شهر رمضان، إنّ الصّالح الّذي يتعبّد ويجتهد السنة كلّها”.

إنّ صيام هذه الستة بعد رمضان دليل على شُكر الصّائم لربّه تعالى على توفيقه لصيام رمضان، وزيادة في الخير، كما أنّ صيامها دليل على حبّ الطّاعات ورغبة في المواصلة في طريق الصّالحات.

وهذه الستة ليس لها أيام معدودة معينة، بل يختارها المؤمن من جميع الشهر، فإن شاء صامها في أوله، وإن شاء صامها في أثنائه، وإن شاء صامها في آخره، وإن شاء فرقها، صام بعضها في أوله، وبعضها في وسطه، وبعضها في آخره، فالأمر واسع بحمد الله، وإن بادر إليها وتابعها في أول الشهر كان ذلك أفضل من باب المسارعة إلى الخير، ولكن ليس في هذا ضيق بحمد الله، بل الأمر فيها واسع إن شاء تابع وإن شاء فرق، ثم إذا صامها بعض السنين وتركها بعض السنين فلا بأس؛ لأنها نافلة، تطوع ليست فريضة، فإذا صامها في بعض السنين وتركها في بعض السنين، أو صام بعضها وترك بعضها فلا حرج عليه

وقد يسأل البعض عن حكم التشريك في صيام الستة من شوال مع أيام القضاء، فنقول: لقد حبب كثير من العلماء أن يفصل الصائم بينها، أي أن يصوم القضاء كونه واجبا، ثم يتبع ذلك الستة من شوال النافلة، وعند الشافعية أن من صام القضاء في شوال قد حصَّل ثواب ست شوال إذا صام ستًا منه بأي نية؛ لعموم قول سيدنا رسول الله ﷺ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ، كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ» أخرجه مسلم.

وقد أجاز مركز الأزهر العالمي للفتوى للمسلم أن يصوم الستة من شوال قبل أن يؤدي القضاء الذي عليه، كون هذه الستة محدودة في شهر معين، وربما تكون أيام القضاء كثيرة، فيشق على المسلم صيام القضاء أولا، لذا يجوز له صيام الستة أولا، ثم يتبعها بالقضاء الواجب، ذلك أن القضاء الواجب موسَّع يجوز فيه التَّراخي. والله تعالى أعلم.

تصنيفات :