ما أحوجَ الأمةَ اليوم إلى أرقامٍ صعبةٍ في مواقعِهم وميادينهم، رجالٌ الواحدُ منهم بألفٍ في عطائِه وقوته ونمائه وحرصِه. إنَّنا لا نطلب من أحدٍ أن يكون رجل الميادينِ كلها، وإنما نريدُ من كلِّ أحدٍ أن يكون ألفًا في ميدانٍ واحدٍ يختاره بقدرته، يدور فيه كالنَّحلةِ بالعطاءِ والسعي والإنتاجِ، يزداد تألقًا ونماءً وتقدمًا فيه مع الأيام، لا يُنافسه في هذا المجالِ والميدانِ أحد، النَّاس عالةٌ عليه في ميدانِه الذي يمتاز به.
في حلِّ مشكلات الأمةِ اليوم نحن أحوجُ ما يكون لمن يسدُّ ثغرًا من ثغورِ الأمةِ بحقٍ وقوةٍ وأمانة، يكون هذا الثغر علامةً معروفةً عليه، ما أن يُذكَر هذا الثغر إلَّا وجالَ بالُ النَّاس بذلك الشخصِ الهُمام الذي يسد ذلك الثغر، قال الإمام الشافعي :”النَّاس عيالٌ في الفقه على أبي حنيفة”، وقيلَ :”لا يُفتي في الحجِّ إلَّا عطاء”!
في المدينةِ المقدسيةِ الكثير من العظماء الذين يقفون على ثغرٍ من الثغورِ بحقٍ وهمةٍ وحرصٍ وأمانة، ذوو فضلٍ وعلمٍ وديانةٍ في علومِ الشريعةِ واللغةِ والبحثِ، والتربية والإعلام والمحاماة، يذودون عن المدينةِ المقدسيةِ ويرفعون شأنها في الثغر الذي يُرابطون فيه، أمثال:
الشيخ عِكرمة صبري أمينُ المنبرِ ورئيس الهيئةِ الإسلاميةِ العُليا. والأستاذان المحاميان حمزة قطينة وخالد زبارقة اللذان يهبان وقتهما دفاعًا في المحاكم عن شبابِ القدس. والأستاذ البروفيسور عبد اللطيف الحسيني بأبحاثه العلميةِ وشذراته البهية. والأستاذ بشير بركات بمؤلفاته التاريخيةِ ومطالعته شؤون المدينةِ المقدسية. والأستاذ البروفيسور الشيخ حسام الدين عفانة أستاذ أصول الفقه في جامعة القدس.
وغيرهم الكثير مما لم أذكر، هم مدرسة كبيرة وقدوات للأجيال الصاعدة في عطائهم الدؤوب في ثغرهم الذي يقفون فيه، لا يُفقدون على الدوامِ في هذه المدينةِ المباركة، وكأنَّ الله أعزَّ هذه المدينة التي فيها مسرى رسولنا –صلى الله عليه وسلَّم- أن تبقى ولادةً للخيرِ إلى قيام الساعة.
أخيرًا : في ثنايا هذه الأمةِ المباركة طلائِع من نورٍ وبركةٍ وخير تدفعُ بالمرءِ للتفاؤلِ والأمل ودفع اليأسِ والعَجز، لكنَّ المهم والمهم كثيرًا أن يعي كلَّ واحدٍ منا أنَّه مطالبٌ بالعملِ والسعيِ وحَمل طوبةٍ أو لبنةٍ في بناءِ الأمةِ ورفعة المدينة المقدسية، فأبصِر أخي القارىء الكريم موضع قدميك اللحظةَ بعيدًا عن منصبِك وشهاداتِك المدرسية والجامعية، وانظُر فيمَا يستخدمكَ الله، وما الثغر الذي أنتَ واقفٌ عليه ! ( وقِفوهم إنَّهم مسؤولون).
تصنيفات : قضايا و مقالات