حاملة القرآن في صدرها، صانعة الجنان في روحها، ثابتة القدم على أرضها، لا تلهيها المسليات ولا تغريها المسميات، وأنّى لها وهي من عرفت طريق ربها وأيقنت معنى “وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله” (الأنعام – الآية 153) فاختارت البينة الواضحة التي لا عوج لها ولا أمتى ونأت بنفسها عن سبل الشيطان المتفرقة فهذا سبيل الموضة والحجاب العصري وذاك سبيل التخفف من الجلباب باستبداله بالثياب الواسعة من بنطال وقميص طويل وما شابه، وذاك سبيل الحرية في التعبير عن المشاعر على وسائل التواصل وتصوير نفسها وبيتها في أي وضع وفي كل وضع من باب ممارسة هواية وفضفضة … وهذا سبيل الانخراط في الأعمال التطوعية والاجتماعية والرياضية لما فيها من اختلاط بالشباب في أجواء من الود المتبادل على قاعدة ” احنا طالعين نغير جو” …
عودا على بدء، فحاملة القرآن حاملة النور المبين والهادي إلى الصراط المستقيم أسوة بمحمد عليه اتم الصلاة وأفضل التسليم، ومن رضيت لنفسها أن يحمل هذا المشعل ليضيء الطريق لمن حولها لا بد لها من ضوابط، فهي شاءت أم أبت يُرى القرآن فيها ومن خلالها، وهذا بيانها:
- أن تكون رحمة لمن حولها فالله عز وجل قال: ” أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين”. (المائدة: 54)
- أن تكون متواضعة في خلقها وقولها وعملها، فكلما تواضعت لله رفعها الله، وهو علامة على قرب قلبها، وكيف أنها ترد الفضل لله فيما هي فيه.
- أن تكون وقّافة عند الحق فاذا ذُكِّرت تذكرت وإن نُصحت انتصحت فالله يقول: ” وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين”. (الذاريات: 55)
- أن تكون أسرع الناس تطبيقا لشرع الله وأوامر رسوله فلا تنتظر صلاح الناس لتصلُح، بل هي مشعل الصلاح لهم، فرسولنا يقول:” لا يكن أحدكم كالإمعة، يقول إن أحسن الناس أحسنت، وإن أساؤوا أسأت، ولكن وطّنوا أنفسكم فإن أحسن الناس أحسنوا، وإن أساؤوا لا تظلموا”.
- أن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتدعو إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وأن يكون أساس دعوتها الحب ثم الحب، مبتعدة كل البعد عن القسوة والتشهير، تصديقاً لقوله تعالى: ” كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله “. (آل عمران: 110)
- أن تحب في الله وتبغض في الله فميزانها هو ميزان شرع الله ورضاه، فأنا لا أحب فلانا لجمال شكله وقوله أو لأن عمله يعجبني بل لأنه يحب الله ورسوله ويذكرني بالله ويدافع عن الحق ويرفع رايته.
فيا حاملة القرآن الكريم اعلمي أن هذا الشرف قد حباك الله إياه دون غيرك من عباده، فالثبات الثبات على هذه النعمة، وهذا الشرف لتذوقي حلاوة الإيمان ولذة حفظ كتاب الله.
تصنيفات : قضايا و مقالات