سورة الضحى سورة مكية، وهي السورة رقم 93 في القرآن الكريم، وتتألف من 11 آية، وتحمل رسالة إيجابية ومعنوية للإنسان؛ لذا تتميز سورة الضحى بأسلوبها البسيط والموجز، فتحمل رسالة قوية بألفاظ قليلة، فتركيب ألفاظها السلس من كلمات وعبارات ينسجم ويتدفق بشكل طبيعي، مع مضامينها، مما يعزز قوة البلاغة ويجعلها سهلة الاستيعاب والتلاوة ولعلنا نقف عند بعض الأوجه البلاغية في هذه السورة قليلة الكلمات كبيرة المعاني، والدلالات.
التوكيد والتكرار: جاء استخدام التوكيد والتكرار في هذه السورة لتعزيز الرسالة. فمثلاً يُذكِّر الإنسان بنعمة الله عليه بالضحى (الصبح) في الآية الأولى، ثم يتم تكرار ذلك بعبارة “وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ” في الآية الثانية، لإبراز النعمة المستمرة من الله، و هذا يعزز الرسالة ويجعلها أكثر تأثيرًا وتأكيدًا.
المقابلة والتناقض: يتم استخدام المقابلة والتناقض في السورة لإبراز المعاني؛ ففي الآية الثالثة يتم استخدام الكلمات المتقاربة والمتناقضة “الموت” و”الحياة” لإبراز التناقض بينهما ولإبراز قدرة الله على خلق الحياة وإحياء الموتى.
التوجيه والحث: تستخدم الآيات الأخيرة من سورة الضحى التوجيه والحث للإنسان. ففي الآية العاشرة والحادية عشرة يدعو الله الإنسان إلى التصدق والتماثل بالخير، ويعد بالثواب والمغفرة لمن يتبع هذا النداء، وقد استعمل التركيب القرآني النداء العاطفي: في قوله: “فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ”، مما يلقي بتأثير قوي على المستمع ويحثه على التصرف بالخير والعطف على اليتيم.
استخدام الأفعال بشكل مميز لنقل الرسالة والمعنى بطريقة فعالة وتأثيرية؛ فمثلا الفعل “قهر”: يأتي في الآية السابعة ويشير إلى فعل إيذاء اليتيم وظلمه. ينبغي تفهم هذا الفعل بمعنى واسع، فهو يعكس ظلم الضعفاء والمساكين في المجتمع واستغلالهم، لذا تأتي هذه الآية لتحث الناس على العدل والرحمة والاهتمام بالفقراء واليتامى، وكذلك الدقة العظيمة واللفتة الرائعة في استخدام الفعلين (ودَّعك، وقلى)؛ إذ ذكر الكاف مع الفعل (ودّع) وحذفها مع الفعل (قلى)، وذلك أن الوداع يكون بين المحبين وحاشا لله أن يكون إلا محبا للحبيب محمد عليه السلام، وأما حذفها مع الفعل (قلى) لأنه بمعنى الترك والهجران، وهذا لا يكون بين الله ونبيه، فالله تعالى يكرم نبيه، ويُعلي من شأنه ومنزلته، كما أن حذف المفعول به للفعل (قلى) فيه توسعة وشمول وعموم، فالله تعالى ما كره محمدا ولا هجره، وكذلك ما كره عبدا مؤمنا تبع محمدا –عليه السلام- ولا هجره، تكريما لمحمد – صلى الله عليه وسلم.
وختاما يعد الإعجاز البلاغي في سورة الضحى في قدرتها على إيصال رسالتها بأسلوب قصير وموجز وفي نصٍّ واضح ومفهوم. تستخدم السورة الأساليب البلاغية ببراعة لإبراز قدرة الله وعظمته، وتحث الإنسان على العمل الصالح والإحسان.
تصنيفات : قضايا و مقالات