وسائل التواصل وقضايا الأمة، د. نزار عويضات
يوليو 12, 2023
للمشاركة :

إن أهم ما يميز عصرنا تطور وسائل الاتصال والتواصل تطورا فريدا من نوعه عما كانت عليه في الزمن السابق، فجعلت العالم يبدو كقرية صغيرة من حيث سهولة التواصل والاتصال وتبادل المعلومات والخبرات، والإسلام لم يفرض علينا طرقا ووسائل محددة لا يمكن أن نتجاوزها في التواصل والاتصال مع الآخرين، أو أن نبتكر فيها أو نجدد في رحابها، بل ترك لنا مساحة كبيرة للابتكار، ووضع لنا قاعدة ثابتة في السير على منهج الدين، دون إفراط ولا تفريط، فالوسائل لها حكم الغايات.

وتعد وسائل التواصل الاجتماعي الأكثر انتشارا في العالم؛ إذ يبلغ عد المشاركين والمتابعين لهذه الوسائل بالمليارات، ويصل عدد المشتركين والمتابعين لبعض الشخصيات المشهورة بعشرات الملايين من البشر، وبما أن هذه الوسائل ليست حكرا على أحد من البشر، والكل بإمكانه استخدامها ونشر ما يريد عبر صفحته، فالأولى أن يكون للعلماء والدعاة حضور كبير وفاعل عبر هذه المنصات المتاحة، وخاصة في ظل التضييق عليهم ومنعهم من أخذ دورهم في المساجد من خلال الخطب والدروس، والحد من أنشطتهم الفاعلة في المجتمع فيما يتعلق بقضايا الأمة .

إن مهمة الدعاة والعلماء مهمة عظيمة، لأن الدلائل تؤكد أن أهل الباطل على اختلاف عقائدهم وتنوع أفكارهم، عكفوا على إبعاد الجيل عن التفكير في قضايا الأمة الكبرى، وذلك من خلال استخدام هذه المواقع لمحاربة الفضيلة، ونشر الرذيلة، وإغراق الجيل في مستنقع الشهوات والشبهات. لذا كان لزاما على العلماء والدعاة الدخول إلى هذه المواقع، والتعرف على كيفية استخدامها، وطرق التعامل معها، لتكون منبرا للدفاع عن قضايا الأمة، وتوعية المسلمين وتبصيرهم بواجبهم ودورهم تجاه هذه القضايا.

وقضايا الأمة وأزماتها كثيرة ومعقدة ومتشابكة، ومن أهمها القضية الأم قضية المسلمين الأولى قضية فلسطين والمسجد الأقصى، التي يتفرع عنها جميع قضايا المواجهة مع أعداء الإسلام، فهذه القضية يجب أن تأخذ حيزا كبيرا من الاهتمام لدى علماء الأمة وخاصة المشهورين منهم الذين يتابع صفحاتهم الملايين، وأن تتضمن منشوراتهم التأكيد على أن قضية فلسطين قضية إسلامية عقائدية، وأن أرض فلسطين أرض وقف إسلامية، وأن الدفاع عنها ونصرتها واجب على أبناء الأمة جميعا، وبيان حكم المعاهدات والتطبيع مع العدو الصهيوني، وفضح مخططاته وخاصة تجاه المسجد الأقصى .

إننا أمة الجسد الواحد كالشجرة إذا ضرب غصن من أغصانها اهتزت الأغصان كلها بالتحرك والاضطراب كما بين النبي صلى الله عليه وسلم (مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ؛ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى).

تصنيفات :