ضيف العدد
يوليو 12, 2023
للمشاركة :

 السؤال الأول: لو يعرفنا فضيلة الدكتور على رحلته العلمية والتعليمية

أنا الأستاذ الدكتور حافظ بن محمد الجعبري من مواليد مدينة الخليل عام1952، تخرجت في الجامعة الأردنية بكالوريوس شريعة سنة1976، ثم حصلت على درجة الماجستير في العقيدة الإسلامية بعنوان “الفطرة والعقيدة الإسلامية” من جامعة الملك عبدالعزيز. فرع مكة المكرمة سنة 1979م. ثم حصلت على درجة الدكتوراه في العقيدة الإسلامية من جامعة أم القرى بمكة المكرمة بعنوان: “الشيخ محمد عبده وآراؤه في العقيدة الإسلامية عرض ونقد” عام 1982م. حصلت على رتبة أستاذ مشارك في العقيدة الإسلامية سنة 2004م من جامعة الخليل. حصلت على رتبة أستاذ في العقيدة الإسلامية سنة 2009م من جامعة الخليل. أنهيت العمل في جامعة الخليل سنة 2018م.

السؤال الثاني: الدكتور حافظ كان له رحلة طويلة في واحدة من أهم كليات الشريعة في فلسطين، ماذا يقول لنا عن هذه الرحلة؟

بعد أن شرفني الله بالعمل مدرسا في جامعة أم القرى بمكة المكرمة مدة عشر سنين من عام 1982م حتى نهاية عام 1991م تعاقدت للعمل في جامعة الخليل مدرسا في كلية الشريعة من بداية 1992حتى نهاية 2018م . وكنت قد درست فيها مواد التخصص الآتية: العقيدة الإسلامية، نقد البدع والخرافات، مقارنة أديان، وفرق إسلامية، إلى جانب مواد أخرى في غير التخصص كالسيرة النبوية والثقافة الإسلامية. وقد درست طلبة الدراسات العليا في قسم العقيدة الإسلامية، وفي الأقسام الأخرى في كلية الشريعة، وأشرفت على جميع طلبة قسم الماجستير في العقيدة الإسلامية، وناقشت كثيرا من رسائل طلبة الماجستير في جامعة الخليل وجامعة القدس في أبو ديس.

السؤال الثالث:  كيف يقرأ الدكتور حافظ وضع التعليم الشرعي في فلسطين؟ وما هي سبل تطويره والارتقاء به؟

لا أخفي عن القارئ الكريم أن التعليم الشرعي في فلسطين يمر في مرحلة ضعف عام وهبوط في المستوى إلى حد قد يؤدي إلى انحراف في المفاهيم الدينية والتعاليم الشرعية الأصلية والفرعية، وهذا الضعف العام يلاحظ في العقدين الأخيرين وذلك في نظري للأسباب الآتية:

أولا: قبول الطلبة في كلية الشريعة من ذوي المعدلات المتدنية، وخاصة الطلبة الذين لم يقبلوا في الكليات الأخرى بسبب تدني معدلاتهم في الثانوية العامة.

ثانيا: نظام التعليم المعاصر بالساعات المكتسبة لا يفي بالغرض المطلوب لاستكمال منهج المادة في الغالب، وفي هذا مسخ للمادة العلمية المطلوبة.

ثالثا: توجه كثير من طلبة كلية الشريعة إلى الحركات السياسية داخل الجامعة واهتمامهم الشديد بها على حساب تلقي المادة العلمية والبحث الشرعي في بطون الكتب.

رابعا: سياسة الجامعة في عدم التشديد على الطلبة في تلقي العلم الشرعي من أفواه العلماء، والإيعاز إلى المدرسين بالتساهل الكبير مع الطلبة إلى حد مرور الطلبة في الغالب دون رسوب يذكر، وهذا أدى إلى إهمال الطلبة في تحصيل تعليمهم المطلوب.

أما سبل تطويرها فيمكن في معالجة ثلاثة أمور، الطالب والمنهج والمدرس، بالنسبة للطالب يكون بقبول بعض الطلبة المتميزين في الثانوية العامة وعدم التركيز على عدد الطلبة المقبولين ولكن على نوعيتهم، لأن المادة الشرعية تصعب على طلبة التحصيل العلمي الضعيف. وبالنسبة للمنهج العلمي فيجب أن يستوفى جميعه، لأنه لا يجوز أن يكون طالب العلم الشرعي غير مستكمل له، لأن الشرع يؤخذ كله ولا يترك بعضه. وبالنسبة للمدرسين فيتعين عليهم أن يكونوا مستقلين عن أهواء السياسة العامة للجامعة، وأن يلتزموا فقط بهدى الله وتوجيهاته. يضاف إلى ذلك التركيز على مواد التخصص والتلقي من أفواه المدرسين، وذلك للبعد عن الأبحاث المنسوخة من الكتب والمسروقة من الأجهزة في الغالب، التي لا تفيد تحصيل الطالب الشرعي للمادة المطلوبة، وتتنافى مع الأمانة العلمية.

السؤال الرابع: كان للدكتور جولات في نقاش غير المسلمين، ماذا يحدثنا عن هذه التجربة؟ وبماذا ينصح طلبة العلم الشرعي للاستعداد لهكذا نقاشات؟

بالتأكيد كان لي بعض اللقاءات مع بعض النصارى مثقفين وغير مثقفين، متعصبين وغير متعصبين، والقاسم المشترك بينهم جميعا هو تركيزهم في النقاش على ثلاث مسائل لا يتعدونها، هي: المرأة في الإسلام، والحرية، والجهاد. وبعدهم عن النقاش عن الإنسان، بدايته ووظيفته في الحياة ونهايته. وعن الكون والخالق. مما يدل على أنهم يثيرون شبهات حول الإسلام ولا يهتمون بالاقتناع به أو التعرف عليه والدخول فيه. وفي كل مرة كنت أجادلهم بالتي هي أحسن أصل وإياهم إلى صدق قوله تعالى:” وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَّا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ ۚ وَمَا أَنتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ ۚ وَمَا بَعْضُهُم بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ” [سورة البقرة:145]. ومن يريد أن يناقشهم فأنصحه بما يلي:

أولا: أن يكون النقاش بادئ ذي بدء عن الإنسان والكون والخالق، فهم أصل النقاش وغير ذلك فرع له، ومنها المرأة والحرية والجهاد.

ثانيا: التركيز على أن صورة المسلم اليوم في معظم أقطار العالم الإسلامي ليست صورة المسلم الملتزم بالدين الإسلامي الصحيح،عقائد وشرائع، لعدم وجود الفارق بين ما عليه المسلمون اليوم وما عليه غيرهم.

ثالثا: أنصح من يريد من طلبة العلم الشرعي أن يناقشهم بدراسة كتبهم المقدسة دراسة عميقة لبيان ما فيها من تحريف واختلاف وعقائد باطلة لا تتفق مع العقل السليم، لأن أغلبهم إن لم يكن كلهم غير مطلع على ما فيها من باطل، وألا تكون هذه الدراسة إلا بعد دراسة شرعنا، على الجملة وعلى التفصيل والتمكن منه، ولا أنصح لغير المتمكن من العقيدة الإسلامية السليمة والخالية من البدع والخرافات والتصوف بالنقاش معهم.

 رابعا: أنصح أن يكون النقاش معهم مسجلاً وموثقا بالصوت والصورة؛ لأن كثيرا منهم يكذبون على المسلمين وينسبون إليهم ما لم يقولوه بالتلبيس والتدليس.

السؤال الخامس كيف يمكن لطلبة العلم الشرعي المزاوجة بين الواجب الأكاديمي والواجب الدعوي؟

إن ظروف الحياة اليوم وأغلب مناحيها السياسة والاجتماعية والاقتصادية، تصعب على العلماء المزاوجة بين الواجب الأكاديمي اليومي والواجب الشرعي، وذلك بسبب انغماس العامة بمصالحها الدنيوية جريا وراء الأهواء والشهوات، وعدم التوجه إلى العلماء المستقلين في حملهم على مصالحهم الأخروية أولا ومصالحهم الدنيوية بعد ذلك. وأن هذا قد جرى أيضا على بعض العلماء اليوم  فاستحبوا الهوى على الهدى من الله، شأنهم شأن كثير من الناس، مما أضعف سلطان الله في قلوبهم وقلوب الناس. وإني أرى أن القيام بالواجبات الشرعية إلى جانب القيام بالعمل الأكاديمي إنما يكون واجباً على كل واحد منهم بحسبه، أي بحسب ما يطيق ويقدر من أمر بمعروف ونهي عن منكر، وغير ذلك مما فيه هدى الله والدعوة إليه. ولا يفوتني أن أنبه إلى ضرورة أن يستفيد العالم من وسائل التكنولوجيا الحديثة في الواجب الشرعي إلى جانب الواجب الأكاديمي، لأنها تسهل عليه كثيرا في أغلب الأحيان.

 السؤال السادس: تعيش الخليل في كثير من أوقاتها مشكلات عشائرية.. ما دور العلماء والدعاة في هذه الظروف؟

 بالتأكيد أقر أن مدينة الخليل ظهرت في الآونة الأخيرة بكثرة مشاكلها الاجتماعية، وخاصة المشاكل العائلية وبكثرة رجال الإصلاح فيها. وإني أرى في هذا الخصوص أن دور الدعاة والعلماء ينحصر في اتجاهين: الأول، إصلاح بعض رجال الإصلاح ممن ابتعدوا عن دين الله، وأخذوا في طريق العادات والتقاليد والأعراف بما يخالف شرع الله .الثاني، توجه الدعاة والعلماء إلى إقناع الناس بضرورة الالتجاء إليهم في حل مشاكلهم، وفي تطبيق العقوبة الإسلامية الزاجرة والجابرة لمن وقع في هذه المشاكل أو لمن يفكر في الوقوع فيها. وعلى الدعاة والعلماء أن يعملوا على سلب مهمة الإصلاح بين الناس من رجال العشائر الذين لا يحكمون شرع الله في حل مشاكل الناس، وهذا يفيد في عدم الإسراف في تطبيق العقوبة فلا يؤخذ الأخ بجرم أخيه، ولا الولد بجرم أبيه ولا القريب بجرم قريبه، وفيه ضمان عدم الاعتداء على أموال الناس وممتلكاتهم وضمان العدالة بين الجميع قويهم وضعيفهم، بما قد لا يتحقق بعمل رجل الإصلاح العشائري في أغلب المشاكل. وهذا يدل عليه ازدياد المشاكل في هذه المدينة وتراكمها يوما بعد يوم وقلة الأمن والأمان فيها.

السؤال السابع: كلمة أخيرة يوجهها الشيخ لقراء المجلة بخصوص المسجد الإبراهيمي وما يتعرض له لابد من تصحيح بعض المفاهيم التي درج على استعمالها الناس واعتادوا عليها فأصبحت من المسلمات عندهم، ومنها: تسمية هذا المعلم الأثري القديم بالحرم، ومعلوم عندنا وجود حرمين عند المسلمين هما الحرم المكي والحرم المدني، وهذا ليس بحرم ولا حتى من المساجد الثلاثة التي تشد إليها الرحال، وهو عند كثير من العلماء المتقدمين مما لا تجوز الصلاة فيه، لأن بداخله قبور أنبياء وصالحين، ومنهم من يؤكد عدم ثبوت قبر أي من الأنبياء بداخله، إذ لم يثبت قبر نبي على الإطلاق إلا قبر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة، كما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية. وقد حققت في بحث لي عنوانه “قبر الخليل عليه السلام وبيان ما فيه من بدع” أزيد من أربعين بدعة عقائدية وعملية تقيمها الناس فيه. وأن هذا المعلم بما فيه من مقامات أصله التاريخي كنيسة، أدخل عليها المسلمون في الحقبة الأيوبية إضافات خارجية مشاهدة، وأدخل عليه المسلمون في الحقبة المملوكية إضافات داخلية، وهي عبارة عن غرف أوهموا الناس أن بداخلها قبور أنبياء وزوجاتهم، وهي في الحقيقة عبارة عن توابيت خشبية مغطاة بقطع قماشية مزركشة وليس في هذه التوابيت شيء. وقد تعرض للاستيلاء عليه سنة 1967م من اليهود وقسموه إلى قسمين، قسم خاص لصلاة المسلمين فيه، وقسم خاص باليهود لإقامة شعائرهم وعباداتهم. وأنا أرى أنه لا حق لليهود فيه ولا في أي جزء منه وأنه حق خالص للمسلمين وذلك حسب الاتفاقيات في العهدين العثماني و البريطاني. وأن كثيراً من

تصنيفات :