تذكروا:” الطفل يحاكي ما يرى أكثر من محاكاته لما يسمع”
تأتي العطلة.. طويلة، مملة، في جو حار، أبناؤنا في البيت يتكدسون، ويتعاركون لأتفه الأسباب.. لا دراسة تشغلهم، ولا لعب يستنفد وقتهم، يمضون أوقات يقظتهم على ألعاب الحاسوب أو تصفح النت واليوتيوب ومواقع التواصل على الأجهزة الذكية. ونقف نحن الآباء والأمهات حيارى، كيف نقنعهم في ترك ذلك ونجتذبهم لما قد يكون ذا فائدة لهم؟ خاصة ونحن واثقون ألا شيء يملأ فراغ هذه الأجهزة الذكية في نفوس أبنائنا التواقة للتكنولوجيا ومعطياتها.
نشفق عليهم من هذا الغول الذي نراه يفتك بأجسادهم المسترخية دوماً على المقاعد والأسرِّة، وعقولهم المعطلة إلا من تأثيرات ذلك، وعيونهم التي تسلب نورها ببطء شديد هذه الأجهزة الفظيعة! ماذا نفعل؟ وكيف نبعدهم عن الضرر المتربص بهم رغم تشبثهم به؟
القضية لا تكمن في العطلة فقط، فأطفالنا لديهم فائض من الوقت يومياً وطوال العام، حتى في أثناء العام الدراسي، لأنهم وبشكل عام لا يُمضون يومهم كاملا في المدرسة والدراسة، خاصة وأننا نتحدث عن جيل يمل بسرعة ويسأم الدراسة ويبحث دوماً عن تلبية رغباته والترفيه عن نفسه. وليس هناك ما هو مثالي ليلبي هذه الشروط مثل الأجهزة الذكية وألعابها ومواقعها، التي صُممت خصيصاً لتسبب الإدمان لمستخدميها، كباراً كانوا أم صغاراً. ولا يغيب عنا أننا القدوة أمام أبنائنا، فعندما يرى الطفل منذ أن يفتح عيونه على الدنيا أن الجهاز الذكي بتطبيقاته لا يكاد يغادر أيدي أبويه، سيدرك أن هذا الشيء شيء مهم.. ويدفعه فضوله للتعرف عليه، فلا غرو إذن أن يتشبث ابن العام الواحد بالجهاز، ويبكي بحرقة عندما نسلبه فرصة التعرف عليه عن قرب ولمسه ورؤية الصور والألوان والأصوات التي يُصدرها.
شيء آخر غاية في الأهمية، مهارة تنظيم الوقت مهارة يبدأ الإنسان بتعلمها منذ بداياته، المسؤوليات التي تقع على عاتقه، أولوياته، ترتيبها، والبدء بالأهم ثم الأقل أهمية وليس بما ترغبه النفس، أهداف تسمو نفسه بها وتروم لتحقيقها. إذن لنسأل أنفسنا: هل شرعنا نعلم أبناءنا ذلك قبل أن نطلب منه الاستفادة من العطلة الصيفية بما هو مفيد؟ وعند تقصيرنا في ذلك، نكون قد أسسنا لمشروع إنسان مهمل يقوده إهماله للفشل!
كيف لطفل لا شيء مهم في نظره أكثر من إسعاد نفسه وتحقيق رغباته أن نطلب منه أن يفعل ما يعود عليه بالفائدة؟ علينا ألا نقول إنه صغير.. ليس لديه ما يفعله.. بل هناك الكثير مما يستطيع القيام به حتى وإن كان ينقصه الإتقان في البداية.
من المهم جداً أن نتذكر دوماً أن وضع الحدود أمام الطفل، وتوظيف أسلوب العقاب والثواب لضبط سلوكياته وتربيته على القيم والمبادئ والأخلاق الحميدة والتعاليم الدينية، دون أن يكون الضرب هو أسلوب العقاب الأمثل في منظورنا، فأساليب العقاب لا حصر لها والتي تأتي بنتائج تربوية إيجابية على الأطفال، كما أساليب الثواب كذلك أيضاً ودون أن تنحصر في إغداق الهدايا والجوائز المادية.. فإلقاء مسؤوليات ومهام على قدر الطفل يومياً، ليساعد والديه في شؤون البيت والأسرة والحياة، وننتبه ألا نسوق له الأعذار دوماً عند التقصير، وتعزيز النجاحات، والتغاضي عن الإخفاقات، ودعم ثقته بنفسه، يجعلنا ننجح مع أبنائنا.
تصنيفات : قضايا و مقالات