إنّ الضحايا للكرامة سُلّمُ، أ. حسني محمد ياسين
يوليو 12, 2023
للمشاركة :

الظلم مهما قد بدا يتحطّم

         وقلاعهم وحصونهم تتهدّمُ

الحق أبلج كالنهارِ بياضُهُ

         أما الضَّلالُ فقِطْعُ ليلٍ معتِمُ

من ظنّ أن حياتهم أبديةٌ

         أو صدّق المحتلَّ فيما يزعمُ

فلينظر التاريخ وليسمع له

         أين الأوائلُ والرعيل الأقدمُ

ياصاحبي لا يخدعّنك زعمُهُم

         فاخو العقيدة شامخٌ لا يُهزمُ

القدس نادت أهلها واستصرختْ

         أين الفوارسُ والأشاوسُ تَقحَمُ

أين الصوارمُ قد تخضّبَ حدّها

         والعاديات الضابحات تحمحمُ

من للديار إذا دهاها غاشمٌ

         مَن للكرامة إن تمادى المجرمُ

قالوا هم السّكانُ قبلَ مجيئِنا

         فهُمُ الأحق بأرضنا الأولى هُمُ

زعموا افتراءً أن هيكلهُم بها

         وقراءة التاريخ قد دحضتهُمُ

بلدُ السلام على الزمان مدينتي

         أنت الشفاء لجرحنا والبلسمُ

سلبوا معانيَ للسلامِ كريمةً

         قد شوّهوه وحالُهُ يتقزّمُ

يا قدس يا رمزَ القداسة والنقا

         بالحب بالإخلاص قلبي مفعَمُ

إن هجّروا منكِ الألوف  وشرَّدوا

         أو هدّموا فيكِ البيوتَ ودمدَموا

أو هوَّدوا فيكِ المعالمَ كلّها

         لكنّ ذكر الله فيكِ المعلمُ

لو حاولوا طمس الحقيقة خلتَها

         عن نفسها في عزّةٍ تتكلّمُ

عَفَتِ الأزِقَّةُ وانمحتْ آثارها

         لمّا غدت جدرانها تتردّمُ

وخلت شوارعها القديمةُ  كلُّها

         من ساكنيها والظلامُ يخيّمُ 

يا شارعَ الآلام زِدْتَ مواجعي

         إنّ الشوارع كلَّها تتألمُ

كمدينةِ الأشباحِ لا تلقى بها

         إلاّ عدوّاً غاشماً يتجهّمُ

وبقيّةً ممن يعيش على الطوى

         من مسلمين عدوُهُم يتحكّمُ

قد أرهقوهُم بالغلاءِ ليرحلوا

         العيش مرٌ والمذاقةُ علقَمُ

وأَتَوا بشّذاذ البلاد وشرّها

         من كل جنسٍ مِلةٌ تتشرذَمُ

فقلوبهم شتى ولكن ضمّهُم

         حبُّ الحياةِ وخوفُهُم ، فتلملموا

قد أسكنوهم في الدِّيار مكاننا

         وغدا طريداً في المنافي المسلِمُ

ملأوا الروابي والجبال وسهلها

         مستوطنَاتٍ والخوافي أعظَمُ

نبشوا المقابر واستباحوا هدمها

         أمواتنا من شرِّهِم لم يسلموا

سرقوا الوثائِقَ زوّروها خلسةً

         نهبوا القرى واستوطنوا فيها هُمُ

شقّوا الشوارع تحت حّجّةِ أمنِهِم

         هزئوا بنا وبضعفنا وتهكّموا

وعلى الحواجزِ لا يكاد يجوزُها

         أحَدٌ  وذاك طريقُهُ تتأزّمُ

والمسجدُ الأقصى تفجّرَ جُرحُهُ

         والنّارُ في المِحرابِ باتت تُضرَمُ

حفروا الخنادقَ تحته من حقدِهِم

         وصنيعُهُم هذا أغشّ وأظلَمُ

قتلوا المصلّين الذين بساحِهِ

         وغدا الشهيدُ بدمَّهِ يتحمّمُ

رأسَ العمود اليوم أنت ضحيّةٌ

         كلّ المخطّطِ واقعاً سيُترجَمُ

وبقيّةُ الأحياء ترقُبُ دورَها

         والغربُ صار لجرمِهِم يتفهّمُ

أمّا صلاة المؤمنين جماعةً

         فقضيّةٌ ممنوعةٌ لا تُهضَمُ

يا أمتي هذي حكاية قدسِنا

         مع غاصِبٍ متسلِّطٍ لا يَرحَمُ

قد داس كل حضارةٍ في خِسّةٍ

         عن وصفِ معناها يضيق المعجم

قد روّعوا سرب الحمام بظلمهم

         والبوم ينعق والغراب يحوِّمُ

خنقوا (القيامة )  أسكتوا أجراسها

         والقبّةُ الشمّاءُ لا تتبسّمُ

وكذا المآذن طاردوا صُّداحَها

         أضحى المؤذِّن  خائفاً يتلعثمُ

يا قدسُ إنا قد غفلنا حقبةً

         كنّا نعيش على الأماني نحلُمُ

فاليوم ندفع عن ضريبة نومِنا

         أترى يذودُ  عن الحيّاضِ النوَّمُ

يا أمة القرآن قومي وانهضي

         إنّ القعود عن الجهاد محرّمُ

لسنا عدُوّاً للسلام وإنّما

         يرسي السَّلامَ على الجوادِ الملهَمُ

وحُسامُهُ البتّارُ أقوى حجةً

         وهو اليراع به يخطُّ ويُبرِمُ

ولِعُهدَةٍ عمريّةٍ يمضي به

         بسكينةٍ في عزةٍ لا يُحجَمُ

وبغيره إن المفاوضَ منهُمُ

         عن حقّنا لجٌّ أصمُّ وأبكمُ

وبه يوثٌّقُ للسلام عهودنا

         وبه يصوغ المجدَ لا يتثلّمُ

الحربُ نارٌ والسلامُ ضياؤها

         والحقُ نورٌ والضلال جهنّمُ

يا صخرة المعراج يا بدر السما

         تلك المساجد والكنائس أنجُمُ

أمّ العواصمِ لن تصير  لغاصبٍ

         وربوعها الخضراء  لا تتقسّمُ

يا قدسُ أنتِ عروسنا فتزيّني

         شهداؤكِ العرسانُ والمهرُ الدّمُ

يا وردة الجوريّ في بستاننا

         كلُّ الأحبّةِ من شذاكِ تنسّموا

يا درّةَ التيجان فوق جبيننا

         والسّورُ أسوِرَةٌ وأنت المعصمُ

من ظنَّ أنّا خاذلوك فجاهلٌ

         أو مسلموكِ فساذجٌ يتوهمُ

فصلاحُ جاء وجيشه ملأ الفضا

         من خلفه ذاك الخميسُ عرمرمُ

يا فارسَ الإسلامِ أدرك أمّةً

         يا أيّها الليث الهصور الضّيغمُ

كبّر على جبل المكبّر هاتفاً

         الله اكبر والبراق يسلّمُ

يا ثالث الحرمين يا مسرى النبيّ

         والقبلة الأولى فقربك مغنمُ

يا مسجدَ الأقصى فداك نفوسُنا

         إنّ الضحايا للكرامةِ سُلّمُ

تصنيفات :