الحرية في الإسلام أصل عام يمتد إلى كل مجالات الحياة الإنسانية، وهي ليست مطلقة وإنما تتسم بالنسبية، بحيث لا تتصادم مع حريات الآخرين ولا تؤدي إلى الضرر، ولا تخالف الشرع. من أجل ذلك كان لها أركان وقواعد، وهذه الأركان هي : الحرية والعدالة، والمساواة، والشورى، والتكافل الاجتماعي، والمعارضة الهادفة، والنقد الذاتي ؛ وذلك لأن الإسلام دين ودولة، والدولة نظام حكم ينبثق من المبادئ والقواعد والأحكام العامة في القرآن والسنة[1] .
الحريات في الغرب:
الحرية:
هي نقاش المفكرين منذ فجر الإنسانية[2]؛ وقد اشتعلت المناداة بها بعد الثورة الفرنسية[3].
عاش الغرب في ظلمات الجهل زمناً طويلاً؛ وقد تآمر الكنسيون والإقطاعيون على إذلال الشعوب وشرعنوا عبوديتهم؛ حيث كان عامة الشعوب عبيد يعملون لدى حفنة من الإقطاعيين مقابل قوت زهيد لا يكاد يقيم أودهم.
وقد أدى ذلك إلى انفجار تلك الشعوب وثارت ثائرتهم حيث بدأ ذلك في فرنسا ثم انتقلت العدوى إلى جميع شعوب أوروبا.
وقد أصل العديد من علماء الغرب لهذه الثورات ونادوا بالحريات ومن هؤلاء العلماء:
إيمانويل كانت الذي يقول: لا أحد يستطيع إلزامي بطريقته كما هو يريد لأصبح فرحاً وسعيداً.
ويقول فولتير: يصبح الإنسان حراً في لحظة تمنيه لذلك. و يقول لوكيوس سينيكا: الشجاع يكون حراً.
يقول مارتن لوثر كينج: لا يستطيع أحد أن يمتطي ظهرك إلا إذا انحنيت له.[4]
وكان من نتائجها: إطلاق العنان للحُرّيات في الغرب؛ وإنهاء الامتيازات الخاصّة بالنُّبَلاء، و إنهاء الحُكم الملكيّ المُطلَق، وكانت هذه الثورة هي منطلق فكرة الحريات المعاصرة في الغرب.
دور الماسونية:
الماسونية من المنظمات السرية الغامضة، ولا يعرف عنها الكثير لأنها محكمة التنظيم، ولا يتخلّى عنها أفرادها بسهولة، وقد يتم تصفيتهم إنْ فعلوا.
وهي منظمة تتستر بشعارات برّاقة، وتجذب إليها أفراداً محددين للعمل، ضمن مخططها الرامي إلى السيطرة على العالم وتنشر الإلحاد والإباحية والفساد، وتصاغ شعاراتها لتناسب المكان والجمهور، ومن شعاراتهم: (حرية، إخاء، مساواة، إنسانية)[5].
وقد استغلت الماسونية رغبة الشعوب الغربية في الحرية فأخذت تبث سمومها في توسيع مدى الحرية ليصل الى الانحلال من الدين والقيم والأخلاق. الى أن أصبح المجتمع الغربي على حاله اليوم في الانحلال من الإنسانية كلها والتردي إلى ما هو أقل من حياة البهائم: ” أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا ( الفرقان:44).
الإسلام والحريات:
وقد جاء الإسلام إلى شعوب يستعبد بعضها بعضاً وتنتشر فيهم جميع الأمراض المفسدة للإنسان في كل مجالات الحياة: وهذا ما لخصه جعفر بن أبي طالب في مرافعته أمام النجاشي: جعفر خطابه قائلا: أيها الملك، كنا قومًا أهل جاهلية، نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، يأكل القوي منا الضعيف[6].
فحرر الإسلام عقيدة الإنسان وعبادته من العبودية لغير الله؛ وحرر معاملة الإنسان فيما يتفق مع إنسانيته ولا يصطدم بفطرته؛ ولا يشتبك مع حقوق غيره من البشر والحيوان وسائر المخلوقات.
وضمن له الحقوق في حرية التعبير بما لا يغضب الله ولا يجرح الناس؛ وحرية اختيار الحاكم والاشتراك في المنظومة الاجتماعية والسياسية بالنصح والإرشاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والشورى … إلخ من جوانب الحياة التي تجعله إنساناً فاعلاً إيجابيا ًلا يخشى إلا الله: “وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ” (الحج:77) مجتنباً كل ما يسيء له أو لدينه أو لأديان الآخرين.
” وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ ” (الأنعام:108).
التسلل المشبوه للدعوة إلى نشر الحريات:
بعد الحرب العالمية الأولى ثم الثانية؛ وانهدام النظام السياسي الإسلامي؛ واستيلاء دول الغرب والشرق على بلاد المسلمين وثرواتهم؛ وجد الساسة الغربيون أنه لا بد من هدم منظومة القيم والعقيدة والأخلاق عند المسلمين لكي لا تقوم لهم قائمة تسعى إلى استرداد المجد الإسلامي؛ فبدأوا ينشرون البدائل عن العقيدة الإسلامية بالفكر القومي والعلماني والشيوعي ليكون خطوة في طريق الانحلال الأخلاقي؛ وسعوا الى هدم الأسرة المسلمة التي هي الدرع الحصين لأبناء وبنات المجتمع المسلم؛ فأطلقوا شعارات الحريات وقوانين المرأة والطفل والمثليين … الى غير ذلك من بذور الفتن التي تسعى إلى إبعاد المسلمين عن دينهم؛ ويسروا وسائل التواصل بين الناس من خلال شبكات الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي؛ لكي لا يبقى مرجعية خاصة لأي فرد مسلم تحمي وتربي وتصون؛ وأصبح الانحلال متاحا؛ وهذه الحرب الثقافية اللاأخلاقية أشد ضراوة من حروب جميع أنواع الأسلحة؛ إذ أن نتائجها احتلال العقول والقلوب بعد احتلال الديار والمقدسات؛ لكي لا يبقى مقدس في حياة الناس؛ فيسهل هضمهم وضياعهم.
الحل:
أمام ضراوة هذه المعركة يتطلب الانتباه الى الأجيال الصاعدة؛ وخوض غمار هذه المعركة بتوفير كل ما يلزم من سلاح المعرفة والثقافة من خلال نفس الأجهزة المحمولة التي أصبحت في كل جيب؛ وبث دروس الإيمان القصيرة التي يمكن أن تستوعبها الأجيال الصاعدة عبر وسائل التواصل المتاحة؛ وإعادة هيبة المسجد وقيمته ودوره في التربية والدعوة إلى الله؛ الى أن يأتي الفرج من الله بانتصار هذا الدين وعودته الى سدة الحكم بعز عزيز أو بذل ذليل. عن المقداد بن عمرو بن الأسود، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” لا يبقى على ظهرِ الأرضِ بيتُ مَدَرٍ ولا وَبَرٍ إلَّا أُدخِل عليهم كلمةُ الإسلامِ بعِزِّ عزيزٍ أو بذُلِّ ذليلٍ” صحيح ابن حبان
“هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ” ( الصف:9)
[1] حنان خياطي https://www.hespress.com/%d8%a7%d9%84%d8%ad%d8%b1%d9%8a%d8%a9 -%d8%a7%d9%84%d9%81%d8%b1%d8%af%d9%8a%d8%a9-%d8%a8%d9%8a%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%b3%d9%84%d8%a7%d9%85-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%ba%d8%b1%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d8%aa-314073.html
[2] – أحمد منصور ؛ مجلة اليوم السابع ـ أفلاطون معلمه سقراط وتلميذه أرسطو.. ما حكاية هؤلاء الفلاسفة؟ – اليوم السابع (youm7.com)
سقراط
الذى يعتبر أحد مؤسسى الفلسفة الغربية ولد سنة 470 قبل الميلاد، وأجبره أبوه الذى كان يعمل نحاتا على ترك مدرسته فى سن الرابعة عشر من عمره، وعمل مع أبيه فى النحت، ثم بدأ بعد ذلك فى الالتفات لاهتماماته الخاصة، فى الفسلفة والمنطق، أسس منهج الجدل الذى عرف فيما بعد بـ”المنهج السقراطى”، وهو الذى يقر بأنه عند وجود أى مشكلة لا بد من تقديم مجموعة من الأسئلة تساهم الإجابة عنها فى حل المشكلة.
أفلاطون هو ارستوكليس بن ارستون، فيلسوف يوناني كلاسيكي، رياضياتي، كاتب لعدد من الحوارات الفلسفية، ويعتبر مؤسس لأكاديمية أثينا التى هى أول معهد للتعليم العالى فى العالم الغربى، وتمر اليوم ذكرى رحيله إذ رحل عن عالمنا فى مثل هذا اليوم من عام 347 ق.م، عن عمر ناهز 80 عاما، وهو معلمه سقراط وتلميذه أرسطو
أرسطو
هو فيلسوف يونانى وتلميذ أفلاطون ومعلم الإسكندر الأكبر، وهو مؤسس مدرسة ليسيوم ومدرسة الفلسفة المشائية والتقاليد الأرسطية، وواحد من عظماء المفكرين، كما أنه أحد أهم الشخصيات العلمية على الإطلاق فى التاريخ اليونانى أو الإنسانى على حد سواء، ويعده الباحثون مؤسس علم المنطق والعلوم السياسية والأخلاق والزراعة، كما أن قيمته الفكرية والعلمية تعد أعمق وأكثر أثرا من أى فيلسوف آخر. ولد أرسطو فى عام 384 قبل الميلاد فى بلدة ستاجيرا فى اليونان، وعندما بلغ السابعة عشر من عمره دخل إلى أكاديمية أفلاطون للدراسة، وفى عام 338 قبل الميلاد بدأ بتدريس الإسكندر الأكبر، ابن الملك فيليب الثان وتوفى عام 399 قبل الميلاد
[3] – الثورة الفرنسية – مؤمن منصور فنون (mawdoo3.com)
[4] – أقوال الفلاسفة عن الحرية – موضوع (mawdoo3.com)
[5] – د. طارق سويدان: https://suwaidan.com/freemasonry-secret-organization/
[6] – كتاب هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى ص: 260
تصنيفات : قضايا و مقالات