تعدّ المناهج المدرسية التي يدرسها الطالب في المراحل التعليمية المختلفة وسيلة من وسائل تكوين فكره، والنهوض به ليكون لبنة صالحة داخل مجتمعه، كما أنها تشكل شخصيته، وتظهر له طبيعة العوالم من حوله، فهي بمنزلة الدليل الذي يرسم الطريق لكل طالب، فالمنهاج التعليمي هو: مجموعة المواد الدراسية التي يدرسها التلاميذ، والمتضمن عددا من موضوعات المقررات الدراسية. أو هو جميع الخبرات المخططة التي تقدمها المدرسة لمساعدة التلاميذ على تحصيل مخرجات تعليمية محددة بأقصى ما تمكنهم قدراته.
فالتغيير قد يكون إيجابياً يهدف إلى تحسين المناهج وتطويرها لمواكبة التطور، وقد يكون على العكس من ذلك، وهو ما نشير إليه في هذا المقال.
لم يعد خافياً على أحد الاختراقات الإسرائيلية للأوطان العربية. فإذا كانت فكرة التطبيع لم تلق قبولاً عند شعوب المنطقة العربية، فإن تغيير المناهج أحد هذه الاختراقات، وهو من أخطرها؛ لما له من تأثير على الجيل القادم، وهو ما فكرت فيه إسرائيل منذ فترة؛ ففي عام 2018، دعت دراسةٌ صادرة عن «مركز أبحاث الأمن القومي» الإسرائيلي إلى إحداث تحوّل جذري في مناهج التعليم والتثقيف في العالم العربي، لضمان تغيير مواقف الرأي العام تجاه إسرائيل، وحسب الدراسة، التي أعدّها موشيه يعلون وزير الحرب السابق، والباحثة ليئا فريدمان، فإنه على الرغم من تعاظم مظاهر التعاون السري وتعدد أنماط الشراكات بين تل أبيب والدول العربية، فإنّ أنظمة الحكم العربية تعي في المقابل عمق معارضة الرأي العام العربي للتطبيع مع إسرائيل واتساعه، ما يقلص من قدرتها على نقل العلاقة مع تل أبيب من الإطار السري إلى العلني. بحسب هذه التقارير الإسرائيلية يعد المنهاج التعليمي الذي يتلقاه الطالب في مراحل تعليمه المختلفة من الوسائل المانعة لفكرة التطبيع النابعة من فكرة تغيير الثقافة التي ينشأ عليها الطالب الفلسطيني في المدرسة.
ففي حال حدوث مثل هذا التغيير، كما لو تم إدخال كلمة إسرائيل (كدولة) على المناهج، أو تم تغيير خارطة فلسطين، أو تم حذف النصوص التي تتحدث عن الجهاد وتحرير المسجد الأقصى، وغير ذلك مما له علاقة بتحسين صورة إسرائيل أمام الجيل القادم، فإنّ ذلك كله يُعدّ مساسًا جسيمًا غير مسبوق بثوابتنا وقيمنا وانتمائنا لديننا ووطننا، وتغييبًا واضحًا لقضيَّة المسجد الأقصى المبارك أُولى القبلتَين وثالث المسجدَين، وهو أمر غير مقبول.
إن تغيير المناهج بهذا الاتجاه الذي تم ذكره سابقاً فيه إنجاح لأهم المحاولات الإسرائيلية المستمرة لاختراق الأجيال الجديدة، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: ما مدى نجاح هذا التغيير في عقليات الجيل الجديد مستقبلا؟!
يرى بعض الخبراء “أن كل التعديلات التي أُدخلت على المناهج خلال السنوات الأخيرة لن تنجح في تغيير نظرة الطلاب إزاء إسرائيل، وأنه “مهما سعت المناهج إلى تحقيق هذا الهدف، فإن جريمة واحدة للاحتلال يطالعها الطلاب عبر وسائل الإعلام أو مواقع التواصل الاجتماعي قادرة على تثبيت وجهة نظرهم تجاهها بوصفها كياناً محتلاً ومغتصباً لحقوق الشعب الفلسطيني”.
فواجبنا الديني يحتم علينا الحفاظ على هويتنا الإسلامية والوطنية، من خلال المحافظة على مناهج التعليم من التغيير والتبديل الذي من شأنه إحداث الخلل في عقول النشأ الفلسطيني، مع الأخذ بعين الاعتبار أن المسلم مطالب برعاية من يعيشون معه من غير المسلمين ومعاملتهم بالبر والإحسان ما داموا مسالمين داخل المجتمع المسلم.
تصنيفات : قضايا و مقالات