1. لو يحدثنا فضيلة الدكتور عن رحلته العلمية والتعليمية
السّلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته وبعد فشكرا لكم علی استضافتي في درركم المقدسيّة..
تخرّجت في المدرسة الإسلاميّة في نابلس عام 1972 والتحقت بالجامعة الأردنيّة وتخرّجت فيها عام 1976، وعملت بعدها في مديريّة أوقاف السّلط ونابلس وثانوية جنين الشرعيّة، ثمّ التحقت بجامعة الملك عبد العزيز لدراسة الماجستير وتخرّجت فيها عام 1980، والتحقت ببرنامج الدّكتوراة في جامعة أمّ القری بمكّة المكرّمة وتخرّجت فيها عام 1983، وتتلمذتُ في هذه الجامعات علی يد كبار العلماء وحضرت دروس أئمّة الحرمين الشّرفين، وعملت بعد ذلك مباشرة في جامعة النّجاح الوطنيّة بنابلس، ومكثت في الجامعة حتی وصلت سِنّ التقاعد عام 2020 م، وخلال ذلك عملت محاضرا في جامعة الخليل والجامعة الإسلاميّة في غزّة وكليّة الدّعوة في أمّ الفحم وجامعة القدس المفتوحة في نابلس وطولكرم، وتشرّفت بتدريس كبار علماء فلسطين مادّة النّظام المالي الاقتصادي الإسلامي لطلبة الماجستير في جامعة النّجاح، ودَرّستُ أكثر من خمسين مساقا في جامعات فلسطين ومنحتني جامعة النّجاح شهادة أكثر أساتذة الجامعة إنتاجا علميّا وغزارة تأليف وكثرة ندوات، وشاركت في عشرات المؤتمرات العلميّة الدوليّة في فلسطين وخارجها وألقيتُ محاضرات في عشرين ولاية أمريكيّة عام 1990 م، وقد ترجم كتابي: [أحكام المساجد] إلی اللغة الكرديّة والفارسيّة، وحَصلتُ وأنا طالب في الدّراسات العليا علی شهادات في: الشعر وحفظ القرآن الكريم وتجويده والقراءة الحرة والبحوث الإسلامية، وحصلت بعد ذلك علی إجازة في المحاماة الشرعية من دائرة قاضي القضاة في الأردن، وجائزة القدس للدّراسات الإسلاميّة واستلمتها في مدينة غزّة من الإمام الشهيد أحمد ياسين، وحَصلتُ علی جائزة أفضل برنامج ديني في فلسطين من مونديال القاهرة الدّولي حيث إنني قدّمتُ مئات الحَلقات في فضائيّة وصوت النّجاح بعنوان: فتاوی علی الهواء، وروعة التفسير، وليتفقّهوا في الدّين، وادع إلی سبيل ربّك، وحصلت علی عضويّة مجمع اللغة العربيّة وكثير من الجمعيات في فلسطين وخارجها، وعملتُ في جامعة النّجاح رئيسا لقسم الكتاب والسّنّة وقسم أصول الدّين، وكنتُ عضوا في البحث العلميّ ومجلّة جامعة النّجاح المُحكّمة سنوات طويلة لأنني الوحيد آنذاك الذي يحمل درجة بروفيسور في الشّريعة الإسلاميّة، وبعد أن تقاعدت اتّصَلت بي جامِعة الجِنان في لبنان وتعاقدتُ معها كأستاذ متفرّغ للدّراسات العليا والإشراف علی رسائل الدّكتوراة ومناقشتها ولا يكاد يمرّ شهر واحد إلّا وأناقش فيه رسالة في باكستان أو فلسطين أو لبنان.
2. للدكتور رحلة مميزة مع العلم، شملت بلادا مختلفة ومحافظات مختلفة في فلسطين، ماذا يقول الدكتور لطالب العلم بهذا الخصوص حول مسار طلب العلم والارتحال له؟
إذا لم يكن عَون من اللّه للفتی: فأوّل ما يجني عليه اجتهاده!
ينبغي لطالب العلم أن يخلص نيّته للّه تعالی، وأن لا يضيع وقته في غير فائدةـ وأن يعمل بما يعلم، وأن يضع نصب عينيه قول الرّسول ﷺ: {من يُرد اللّه بهِ خيرًا يُفقّهه في الدّين} وقوله ﷺ: {العُلماء وَرثة الأنبياء}، وأن لا يمرّ عليه يوم دون أن يعلّم أو يتعلّم، وأن يكون عِلمه حجّة له لا عليه وأن يجهر بكلمة الحقّ بالتي هي أحسن ولا يخشی في اللّه لومة لائم، وأن يعلم أن حبّ الظهور يقصم الظهور وأن أفضل شهادة بعد شهادة لا إله إلا اللّه ليست: [أ.د.] أي بروفيسور التي قد تكون وبالا علی صاحبها إذا لم يعمل بها والعياذ باللّه وإنما شهادة: [ز. ع. ن] أي: زُحزِح عن النّار! أقولُ لكلّ طالب عِلم وأنا طويلب عِلم: إنّ الوقت هو الحياة وهو كالسّيف إن لم تقطعه قطَعك! ومن باب التحدّث بنعمة اللّه أقولُ: نادرا ما كنتُ آكل الفاكهة التي تأخذ منّي وقتا طويلا وكنت أقتصر علی الطّعام الذي لا يستغرق سوی الزّمن اليسير كسبا للوقت! وأقولُ من باب التّشجيع والتّحدّث بنعمة اللّه تعالی: إنني أقرأ منذ أكثر من نصف قرن وحتی الآن عدّة ساعات يوميّا وعمري الآن 70 سنة وأكثر أهلي وأولادي وأحفادي في المدارس والجامعات يلبسون النّظّارات ولكنّي بفضل اللّه ﷻ لا ألبس النّظّارات وعيوني سليمة تماما وأدخِلُ الخيط في الإبرة الصّغيرة علی ضوء الشّمعة إذا انقطعت الكهرباء في الشّتاء!
3. للدكتور حضور لافت في العمل الوعظي والدعوي، ما سر نجاحه؟ وكيف نجح الدكتور بالتوفيق بين هذا الجهد والجهد الأكاديمي؟
مِن فضل اللّه تعالی أنني خَطبتُ الجمُعة ولم يتجاوز عمري التّاسعة! وألقيتُ دروسا في مئات المساجد في فلسطين من النّهر إلی البحر، وأخطبُ الجمُعة في نابلس منذ أربعين سنة حتّی الآن، ولا يمرّ يوم إلّا وأجيبُ فيه عن أسئلة النّاس في فلسطين وخارجها عبر الجوال ووسائل التّواصل الاجتماعي، ويُكَلّفني النّاس أن أتحدّث بِاسمهم في جاهات عقد قران أبنائهم وبناتهم، ولا يمرّ أسبوع إلّا وأقوم بالإصلاح بين المتخاصمين، وكنت النّاطق بِاسم لجان الإصلاح في شمال فلسطين، ورئيسا لزكاة محافظة طوباس، والمُشرف علی مؤسّسة اليتيم ودُور القرآن الكريم، وأقوم بإلقاء كلمة وَعظ في كثير من دواوين العزاء، ولعلّ أكثر ما يُدخل السّرور علی قلبي أنني [يوم بعد يوم في نابلس ويوم في الأسبوع خارج نابلس] أقرأ للمواطنين الرّقية الشّرعيّة وأحلّ مشاكلهم العائليّة! والغريب في الأمر أنّ كلّ من أدخُل بيته يعتبرني واحدا من أفراد عائلته، وحين يطلب منّي من أزوره أن أسلّم له علی أحد أولادي فإنني أقولُ له: لن أسلّم عليه لأنّ ابني لا يعرف أنّي قمتُ بزيارتك وساعدتك في حلّ مشكلتك والبيوت أسرار! وعلی فرض أنّ أحدا قدّم لي هدية ونادرا جدّا ما أقبلها فإنني أعطيه أضعافها!
4. للدكتور حضور كثيف في الإعلام، سواء في البرامج التلفزيونية أم في وسائل التواصل الاجتماعي .. ماذا يقول الدكتور لغيره من العلماء والدعاة حول أهمية هذا الواجب؟
من فضل اللّه عزّ وجلّ أنني شاركتُ في جميع وسائل التّواصل الاجتماعي والإعلام المسموعة والمقروءة والمرئيّة في نابلس وخارجها، وخاصّة فضائية النجاح وإذاعة النجاح وإذاعة القرآن الكريم ومحطّات الرّاديو والتّلفزة المحليّة، وبعد أن أغلِقَت صَفحتي [فيس بوك] عدّة مرّات انضممتُ لمجموعات واتس أب في فلسطين وخارجها وأكتبُ نشرة يوميّة أرسِلها لهذه المجموعات، وتقوم هي بنشرها وأصدقائي يزيدون علی الألف في فلسطين وخارجها! إنّ جهدي الأكبر في هذه الأيّام مُنصبّ للدّفاع عن الإسلام من سفهاء الأحلام ودعاة التغريب الأقزام من العلمانيّين والشّاذّين المثليّين والسّيداويّين اليَساريّين وأقولُ في هذا المقام: ما دامت الحياة والرّزق بيَد اللّه وَحده: فلا نامت أعين الجبناء! لقد استضافني الملك حسين رحمه اللّه في قصره الملكيّ بعمّان، واستضافني أمير تبوك السّابق الأمير ممدوح بن عبد العزيز في قصره وألقيتُ دَرسا للأميرات، واستضافني رئيس الوزراء، ومثّلتُ فلسطين في كثير من المؤتمرات وصافحتُ كثيرا من الزّعامات فما قَبّلتُ يَد مسؤول ولكنني بفضل اللّه تعالی أقبّلُ يَد عامل النّظافة وأشعرُ أنّ رائحة القمامة أطيَب من ريح المِسك وأضمّهُ قائلا له: أتشرّفُ بتقبيلِ يَدك العاملة الطّاهرة التي لم تسرِق ولم تتسَوّل أسأل الله أن يحشرني مَعك في جنّات النّعيم! إنّ جبر خاطر هؤلاء المساكين أفضل عند ربّ العالمين من المشاركة في ولائم الأغنياء والسّلاطين!
5. نعيش حالة استهداف ممنهج لقيمنا وأخلاقنا.. ما أهم مظاهر ذلك وكيف نواجهه؟
إنّ الصّراع بين الحقّ والباطل قديم ودائم ومتشعّب وشرس وما دام ذلك كذلك فيجب علی دُعاة الإسلام أن يكونوا علی مستوی التّحدّي والمسؤوليّة وأن يتناسوا خلافاتهم الجانبيّة وأن يقفوا مُتّحدين أمام العدوّ المشترك
ولو كان سَهما واحدا لاتّقيته: ولكنّه سَهم وسَهم وَأسهمُ!
إننا نعاني في هذه الأيّام الأمرّين من الاحتلال وقطعان المستوطنين ودعاة التّغريب والمُبتدعين والجَمعيّات النّسويّة السّيداويّة اليَساريّة والفِرق المنحرفة وفي مقدّمتها من لا يؤمن بالسّنّة النّبويّة الشّريفة ولعلّ أخطَر ما يُواجه مجتمعنا الفلسطينيّ في هذه الأيّام: العلمانيّة والسّيداويّة المدعومة من الحكومة السّويديّة التي سَمحت شرطتها بحرق الآيات القرآنيّة! واللافت للنّظر والغريب في الأمر: أنّ وكالات الأنباء المَحلّيّة في السّلطة الوطنيّة ترفض رفضا قاطعا أن تنشر ردودي علی من يُروّج لما يَتعارض مع الإسلام ويسعی لتطبيق السّيداويّة اليَساريّة في ديارنا الفلسطينيّة! إنّ يَدا واحدة لا تصفّق ويَد اللّه مع الجماعة وإذا لم يعمل الدّعاة إلی اللّه كفريقٍ واحد لمواجهة هذه الهجمة الشّرسة علی الإسلام والمسلمين فإنّ العقوبة ستعمّ الجميع قال تعالی: ﴿وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَّا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ إنّ دعاة الباطل أقلّ من واحد في المائة من المواطنين وأكثريّة النّاس علی الفِطرة وتحبّ هذا الدّين وما علينا نحن الدّعاة إلی اللّه إلّا أن نشمّر عن ساعد الجدّ وأن نشارك المواطنين أفراحهم وأتراحهم ونساعد علی حلّ مشاكلهم ونزور مرضاهم ونواسي جرحاهم ونستغني عن دنانيرهم.. حين ذاك سيستمع الجميع لنا ويتعاونون معنا في الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر! وبهذه المناسبة أقولُ: إنّ علی الدّاعية أن يكون شجاعا وكيّسا فطنا فلا داعي للشّتائم وتجريح الأفراد والجماعات وإنّما التّركيز علی الخطأ لا علی أسماء المخطئين اقتداء بالصّادق الأمين ﷺ: الذي كان يَقول: [ما بال أقوام]؟
6. ماذا يقول الدكتور للطلاب المقبلين على دراسة الشريعة في السنة الدراسية المقبلة؟
نصيحتي للطّلبة المُقبلين علی دراسة الشّريعة: حيّاكم اللّه وبارك اللّه فيكم وأهلا وسهلا بجيل المستقبل ونجوم هذه الأمّة يقتدي بكم من شاء من عباد اللّه أن يستقيم وأهمسُ في أذن كلّ واحد من أبنائي طلبة العِلم فأقولُ: [لا تحسب المَجد تمرا أنت آكله: لن تبلغ المَجد حتی تلعق الصّبرا]! ومشوار المليون ميل يبدأ بالخطوة الأولی فسِر علی بركة اللّه فأنتَ بإذن اللّه من أولياء اللّه وإذا لم يكن العلماء والدّعاة أولياء للّه فمن هم أولياء اللّه؟! حسبك يا طالبَ العلم أنّ اللّه عزّ وجلّ قرَن شهادته بشهادتك فقال ﷻ: ﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ وحسبك قول رسولك ﷺ فيك وفي أمثالك: {إنَّ اللّهَ و ملائكتَه حتّى النّملةَ في جُحرِها وَحتّى الحوتَ في البحرِ لَيُصلُّون على مُعَلِّمِ النّاسِ الخيرَ} وللّه درّ القائل: [قد رشّحوك لأمر لو فطنت له: فاربأ بنفسك أن ترعی مع الهمَل]!
7. ما رسالة الدكتور للمعلمين والمعلمات مع بداية عام دراسي جديد؟
إخوتي أخواتي المعلّمين والمعلّمات أنتم قادة وقدوة هذه الأمّة فالزّعيم والوزير والطّبيب والمهندس والصّيدلي والموظّف والتّاجر والمزارع والصّانع يتتلمذ علی أيديكم ويتخرّج في مدارسكم ولولا أنّ اللّه تعالی يَسّركم لإنارة الحياة لمجتمعكم لكان المجتمع يعيش في جاهليّة جهلاء وضلالة عمياء! أنتم تيجان علی رؤوسنا ولكم كلّ الاحترام والشّكر والتّقدير وأجوركم باقية إلی قيام السّاعة: {أوْ عِلم يُنتفع بهِ..} قد لا يَملك المُسلم المال وقد لا يكون له الوَلد الصّالح وحتّی لو توفّر له المال وكان له الولد فإنّهما لا يستمرّان ليوم القيامة كالعلم الذي يُنتفع به! ولا بدّ من التّأكيد في هذا المقام علی أنّ المعلّم الفلسطيني هو أفضل معلمّ في العالم العربي! وراتب المعلّم في دول أجنبيّة كراتب أيّ وزير هناك فإن حصل تقصير بحقّكم فحسبُكم أنّ اللّه وملائكته وعباده يُصلّون عليكم!
8. كلمة أخيرة للدكتور .. ماذا يعني المسجد الأقصى للدكتور محمد حافظ شريدة؟
المسجد الأقصی المبارك أولی القِبلتين وثاني مسجدٍ بني في الأرض للعابدين وثالث المساجد التي تشدّ إليها رِحال المصلّين، وقد شاركتُ في عشرات المؤتمرات العلميّة الدّوليّة عن الأقصی والقدس وفلسطين الإسلاميّة منها: مؤتمر فلسطين الوَعد الحقّ الذي عُقد في نيوجرسي بأمريكا، ومن باب التّحدّث بنعمة اللّه أقولُ: إنني عضو مجلس الإفتاء في بيت المقدس قبل قيام السّلطة الوطنيّة وألقيتُ عشرات الدّروس في المسجد الأقصی المبارك وخاصّة الدّرس الأسبوعي بعد صلاة المغرب في قبّة الصّخرة، ونشرت عشرين ورقة عن بيت المقدس ونصف نشراتي اليومية في [واتس أب] تتحدّث عن الأقصی والقدس وفلسطين! ومن الجدير بالذّكر: أنني منذ أكثر من ربع قرن وحتّی الآن ممنوع من دخول القدس والصّلاة في المسجد الأقصی! ولعلّ أفضل قصيدتين نظمتهما في حياتي وكلّ قصيدة منهما عبارة عن ستّين بيتا من الشّعر بعنوان: المسجد الأقصی المبارك تحت نير الاحتلال! وبالرّوح بالدّم نفديك يا أقصی! وأتشرّفُ بنشرهما في أقرب وقت في مجلّتنا الغرّاء الإسلاميّة الدّعوية دُرر مقدسيّة.. والسّلام عليكم في البدء والختام أيّها الإخوة الكرام.
تصنيفات : قضايا و مقالات