أسباب النصر والتمكين، د. ياسر حماد
نوفمبر 23, 2023
للمشاركة :

أسباب النصر والتمكين

د. ياسر حماد

 الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، والحمد لله الذي بيده مقاليد السماوات والأرض، إن المتأمل في واقع المسلمين اليوم، وفي الأحداث الجارية والوقائع الساخنة في بيت المقدس وعلى أرض غزة العزة، ليدرك تمام الإدراك صدق نبوة النبي – صلى الله عليه وسلم – حينما يرى الأمم الكافرة تتداعى على أمة الإسلام كما يتداعى الجياع إلى قصعتهم، فيقع ذلك الإخبار الغيبي الذي أخبر عنه -صلى الله عليه وسلم- كفلق الصبح، فعَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: (يُوشِكُ الْأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا)، فَقَالَ قَائِلٌ: وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: (بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ، وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ، وَلَيَنْزَعَنَّ اللَّهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمُ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ، وَلَيَقْذِفَنَّ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهْنَ)، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الْوَهْنُ؟ قَالَ: (حُبُّ الدُّنْيَا، وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ).

 الذين فقهوا سنن الله تعالى في النصر والتمكين، هداهم ربهم سبحانه لما اختلف فيه من الحق، ورأوا أنه لا يصلح آخر هذه الأمة إلاَّ بما صلح به أولها، لذا يمكن تلخيص أسباب النصر والتمكين بما يأتي:

أولاً: الإيمان بالله تبارك وتعالى والعمل الصالح، قال تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}.

ثانياً: نصر دين الله تعالى، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَّهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ}.

 ثالثاً: التوكل على الله والأخذ بالأسباب، قال سبحانه: {إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكِّلِ الْمُؤْمِنُونَ}.

رابعاً: الثبات عند لقاء العدو، قال عليه الصلاة والسلام: (أيها الناس لا تتمنوا لقاء العدو، وسلوا الله العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف، ثم قال: اللهم منزل الكتاب، ومجري السحاب، وهازم الأحزاب؛ اهزمهم وانصرنا عليهم (

خامساً: الدعاء وذكر الله، قال تعالى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ}.

 سادساً: عدم الاغترار بالقوة والكثرة، قال تعالى: {كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}.

سابعاً: الوحدة وعدم التفرق والتنازع، فقال سبحانه: {وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}.

 إنها سنة كونية إلهية لا تتغير ولا تتبدل، التمكين يحتاج إلى تمكين الإيمان من القلب، والنصر يحتاج إلى أن ينتصر دين الله في القلب، والصالحون هم الأعلون، قال سبحانه: (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذّكْرِ أَنَّ الأرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِي الصَّـالِحُونَ (.

اللَّهُمَّ هيئ لنا منْ أسبابِ النصرِ ما به عزنا وكرامتُنا وأذل الكفر والكفار والمنافقين وصلَّى الله وسلَّم على نبِينا محمدٍ وعلى آلِهِ وصحبِه أجمَعين.

تصنيفات :