بسم الله الرحمن الرحيم
فضل الشهادة والشهداء
د. أسماء حمودة
لله دركم أيها الشهداء يا من قدمتم وأرخصتم أنفسكم وما تملكون من أجل الدفاع عن دين الله وحماية أهله ودفع الظلم والفساد، لبيتم نداء ربكم حين ناداكم للجهاد، عظم هدفكم فعظمت تضحياتكم.
فزتم بمنزلة القرب من ربكم، القرب الذي يعبر عنه بأنهم (عند ربهم)، عرفتم أنّ الجنة ثمينة ومهرها غال فسارعتم في دفع الثمن، فهنيئًا لكم، فقد بعتم والله اشترى.
قال الله تعالى:” إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ” [التوبة: 111]
لقد اشترى الله سبحانه وتعالى من المؤمنين نفوسهم لنفاستها لديه إحسانًا منه وفضلاً.
وقد قرن سبحانه ذكر الشهداء مع النبيين؛ تكريمًا لهم، وبيانًا لعلو منزلتهم، وقال تعالى: “وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً” [النساء: 69]. وقال تعالى: “وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاء” الزمر: 69.
وقد أكرم الله الشهداء بفضائل عظيمة منها:
- أنّهم يحيون حياة كريمة عند الله في الجنة، فهم ليسوا أمواتا. قال تعالى:” وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ” [آل عمران: 169-171].
- يخبر الله تعالى عن الشهداء بأنهم وإن قتلوا في هذه الدار؛ فإن أرواحهم حية ترزق عند الله في دار القرار. جاء في الصحيحين:” أن أرواح الشهداء في حواصل طير خضر تسرح في الجنة حيث شاءت، ثم تأوي إلى قناديل معلقة تحت عرش الرحمن”.
لذلك يتمنى الشهيد أن يرجع إلى الدنيا ليقتل عشر مرات: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:”ما أحد يدخل الجنة يحب أن يرجع إلى الدنيا وله ما على الأرض من شيء إلا الشهيد، يتمنى أن يرجع إلى الدنيا فيقتل عشر مرات، لما يرى من الكرامة”.
- *كفى الشهداء فضلاً أن نبينا -صلى الله عليه وسلم- تمنى أن يكون شهيدًا، وأن يُقتل في سبيل الله مرات ومرات، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: “وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ وَدِدْتُ أَنِّي أُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأُقْتَلُ، ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ، ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ”.
- الشهيد لا يجد ألم القتل. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما يجد الشهيد من مس القتل إلا كما يجد أحدكم من مس القرصة».
- الشهيد تكفر عنه خطاياه إلا الدين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين». فالشهادة في سبيل الله تكفر جميع ما على العبد من الذنوب التي بينه وبين الله تعالى.
- الشهيد رائحة دمه مسك يوم القيامة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده، لا يكلم أحد في سبيل الله -والله أعلم بمن يكلم في سبيله- إلا جاء يوم القيامة، واللون لون الدم، والريح ريح المسك».
- الشهيد يشفع في سبعين من أهله، ويرى مقعده من الجنة، ويجار من عذاب القبر، ويأمن من الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاج الوقار، الياقوتة منها خير من الدنيا وما فيها، ويزوج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين.
قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: «للشهيد عند الله ست خصال، يغفر له في أول دفعة، ويرى مقعده من الجنة، ويجار من عذاب القبر، ويأمن من الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاج الوقار: الياقوتة منها خير من الدنيا وما فيها، ويزوج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين، ويشفع في سبعين من أقاربه».
وإذا كان الموت أمرا لا بد منه، والآجال محدودة، والأنفاس معدودة، فلتكن الشهادة والموت في سبيل الله أمنية كل مسلم، قال صلى الله عليه وسلم: «من سأل الله الشهادة بصدق، بلغه الله منازل الشهداء، وإن مات على فراشه»
فهنيئًا لمن اصطفاه الله واختاره شهيدًا.
تصنيفات : قضايا و مقالات