تعد الشريعة الإسلامية مصدر إلهام شامل، يشمل الأبعاد الجسدية والروحية والعلمية في مفهومها للقوة والاستعداد لمواجهة الأعداء والتصدي للحروب والنكبات. وهي تنطلق من العقيدة أساسا لها، فهي ليست عنصراً روحياً محضاً منبتاً عن الواقع، بل يتسع مفهومها ليشمل وجوه النشاط الحيوي للإنسان كافة، ويؤول في محدداته النهائية لأن يكون عبادة يؤجر عليها العبد. وتؤكد الشريعة على تكامل هذه الأبعاد لضمان النجاح وتحقيق العدالة والمصلحة، مما يقتضي بالجملة تبصير حملة المنهاج، وديمومة ثباتهم في في مواجهة الأعداء والحروب.
ولأهمية هذا الأمر تحتاج الأمة في كل الأزمنة والعصور لهذا الإعداد، ولا سيما هذا العصر الذي نعيشه لتعقد الظروف والملابسات من حولنا، ومن هنا كانت الشريعة تحرص على تشريع تكاليف تقتضي أحكاماً اجتهادية، يدبر أمره بما يمسك كيانه، ويجنبه أسباب الضعف والتهافت والانهيار، ومن ذلك ما يكون بالنظر إلى الإعداد من الناحية الجسدية، فيشدد الإسلام على ضرورة الإعداد الجسدي لمواجهة التحديات. وتشجع أحكام الشريعة المسلمين بشكل عام على تطوير قدراتهم وتنميتها، بشكل يضمن الدفاع عن الدين والأرض والعرض بقوة، ومن هنا كان قوله تعالى في القرآن: “وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ” (الأنفال: 60). وتشدد الشريعة على أن القوة الجسدية أحد الأسس الرئيسة لمواجهة الأعداء. ويشمل ذلك تطوير الجيش والدفاع عن الحقوق بكفاءة. وهنا يتجلى دور القوات الدفاعية في الحفاظ على الأمان، والسلام الداخلي والخارجي.
ومن ناحيةٍ أخرى يعد الإعداد الروحي ملازماً للإعداد الجسدي ولا ينفك عنه، ويبرز الإسلام أهمية تعزيز الإيمان والثقة والتوكل على الله؛ لتُشجيع النفوس على تعزيز الصبر والاستعانة بالله في الظروف الصعبة، ومن هنا كانت القوة ليست بكثرة الضحايا، وإنما القوة هي في قوة النفس والإدراك، والعزيمة والإيمان؛ فتنمية الأبعاد الروحية تحث على تعزيز الصبر والثقة بالله. وتشجع المسلمين على تعزيز الروح القتالية وتحفيز العزيمة للوقوف بثبات في وجه التحديات.
ومن ناحية الإعداد العلمي، يشدد الإسلام على أهمية التعلم والتطوير المعرفي، ويُحث المسلمين على اكتساب العلوم وتطبيقها في تقنيات الحرب والدفاع، ويتجسد هذه الإعداد في قول الله: “وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا” (طه: 114). فأحكام الشريعة الإسلامية هي النداء الخالد للحث على اكتساب العلم وتوظيفه في التكنولوجيا بشتى مجلاتها، ويُظهر هذا التوجيه الرغبة في تطوير معارف الأمة وأدوتها، من خلال التقنيات المختلفة، وخصوصاً في مجالات البحث العلمي والاقتصادي والعسكري.
وفي سبيل تحقيق هذه الأمور بمجملها تبرز أهمية تكامل الأبعاد الجسدية والروحية والعلمية وغيرها في تحقيق النجاح ومواجهة الأعداء والحروب، ولها أثر مهم في تشكيل الواقع، والتأثير على الوقائع، وبيان أفضل مسالك التطبيق، ضمناً لمشروعية النتائج وتجنباً للوقوع في ظلال سوء الفهم والتطبيق، وهذا يمثل نهجاً شاملاً لتحقيق الأمان والعدالة، وهذا التوازن يعكس رؤية إسلامية شاملة لتوجيه الجهود نحو تنمية الفرد والمجتمع في جميع الجوانب؛ فالفرد المسلم يجمع بين القوة الجسدية، والصلابة الروحية، والعلم وغيرها من الأمور، ليكون أقوى في مقاومة التحديات.
تصنيفات : قضايا و مقالات