صالون الردة عن القيم
بقلم: الشيخ ناصر حمد ( باحث ومحاضر في العلوم الشرعية)
صدم الشعب الفلسطيني بمشاهد فيلم( صالون هدى) ومحتواه، والتي تخالف قيم الدين الإسلامي وأحكامه، وتهتك العفة والطهارة والاحتشام، وتضرب في عرض الحائط كافة الأعراف والقيم التي عرف بها الشعب الفلسطيني. تناول هذا الفيلم قضية امرأة وقعت في وحل العمالة مع الاحتلال، مسلطا الضوء على أساليب الاحتلال الإجر.امية في إسقاط الفتيات، ويجعل من هذه المرأة محور الأحداث وآلة الإسقاط؛ لامتلاكها صالون تتردد عليه الفتيات، وخلال ذلك يتعرض الفيلم للدوافع التي توقع المرأة في هذا المنزلق، ويسلط الضوء على حالها في المجتمع، بطريقة تسوّغ لهذا هذا السقوط. يبدأ الفيلم بمشهد إباحي غاية في القبح والسفور، ومخل بكل الآداب والأعراف الدينية والمجتمعية، فاق في قبحه الأفلام المنتجة في دول معاييرها تسمح بالانحلال والسفور، مثل هذه المشاهد دخيلة على ثقافة الشعب الفلسطيني، الذي يحمل قيم الإسلام السمحة، والتي تحرم كل أشكال الانحلال والإباحية والسفور، فالإسلام يحث على الحشمة، ويأمر بالعفة، قال تعالى:” وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ” [النور: 31]، كيف تقبل امرأة مسلمة أن تظهر بهذا الشكل القبيح؟ أين مخافة الله؟ أين احترامها لشعبها ونضاله وقضيته؟ ماذا حصل حتى يُقتل العفاف ويغتال الشرف؟ إن إقحام هذه المشاهد، وبهذا الشكل القبيح، ينم عن نية متعمدة في نشر الفساد والرذيلة، وفتح مجال لهكذا أعمال أن تصبح دارجة ومألوفة، ناهيك عن كونها تعمل على تشويه صورة الشعب المقا.وم في عيون العالم. وقد توعد الله فاعل ذلك بالعذاب الأليم في الآخرة، ناهيك عن الخزي في الدنيا، قال تعالى: “إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ” [النور:19]، وأي فاحشة أقبح من إظهار عورات النساء والرجال على الملأ تحت ستار الفن؟! لم يكتف الفيلم بهذا القبح! بل تعدى فساده إلى إيصال رسائل مبطنة غاية في الخطورة، تضرب عددا من ركائز المجتمع الفلسطيني، وتحاول النيل من تاريخه. حيث ينتقل الفيلم لعرض أسباب سقوط المرأة في العمالة والرذيلة، موحيا بأنها مبنية على مشاكل أسرية، من تعنيف واضطهاد بحقها، محاولا تصوير المرأة الفلسطينية على أنها امرأة معنفة مسلوبة الإرادة مهانة الكرامة. أي اضطهاد هذا الذي يدعيه الفيلم؟ وقد أثبتت المرأة الفلسطينية أنها رائدة في شتى المجالات، حاملة لهموم قضيتها، فهي الشه.يدة، وأم الش.هيد وزوجته، والمرابطة والسياسية المحنكة، والصامدة على أرضها، والمدافعة عن المقدسات، والمربية للأبطال، وقد مثلت نموذجا فريدا، ووصل صوتها الى كل العالم. إن هذه الصورة المشرقة للمرأة الفلسطينية تتعرض لهجمة شرسة من الاحتلال وأعوانه، ويراد أن تصدّر بدلا منها صورة المرأة المعنفة المغلوبة على أمرها، مستغلين في ذلك بعض النماذج الشاذة التي لا يخلو منها أي مجتمع، يسلطون الضوء عليها وكأنها هي الصورة النمطية للمرأة الفلسطينية. يغوص الفيلم عميقا في الوعي الوطني الفلسطيني، فيتعرض لأعظم وأبهى تجليات القضية الفلسطينية المتمثلة بالمنا.ضل، هذه الكلمة التي لها وقع عظيم في ضمير الشعب الفلسطيني وتاريخه النضال.ي الطويل، فهي تمثل ذلك الفلسطيني الشريف الغيور على وطنه وشعبه، الذي نهض وضحى بحياته من أجله، لكن الفيلم يصور المناضل إنسانا انتهج هذا الطريق وسيلة لتبييض صفحته السوداء وماضيه المظلم بشبهة التخابر مع الاحتلال، وفي ذلك محاولة لتشويه النضا.ل الفلسطيني ودوافعه التي لطالما كانت إرضاء لله، ودفاعا عن الوطن. يصور الفيلم مجموعة الشباب الذين يمارسون النضا.ل على أنهم مجموعة قطاع طرق ومجرمون، ويرتكبون أعمالا إجرامية وحشية من ح.رق للبشر، وقتل، مستمدين شرعية أفعالهم من أوامر قائد مجموعتهم، وكأن البلاد بلا شريعة ولا قانون، وأنهم منفلتون لا يحملون قضية. إنّ هذه محاولة يائسة لتشويه صورة النضا.ل الفلسطيني المنضبط بالأخلاق والقيم، والذي يحتكم إلى الإسلام في دفاعه عن أرضه وقضيته، وفي تعامله حتى مع من تورطوا في وحل التخابر مع الاحتلال، وسيبقى النضا.ل الفلسطيني تجليا لأعظم وأشرف قضية في العالم المعاصر، ولن ينال منها مكر المدلسين وأرباب الفواحش والشهوات. وفي النهاية يصدّر الفيلم المرأة التي تسقط الفتيات على أنها صاحبة أخلاق وشهامة، وأنها بإنسانيتها تفوق الشباب المناضلي.ن الذين أمسكوا بها وحاكموها، في محاولة لاستعطاف الجمهور مع هكذا نماذج، وتصديرها على أنها ضحية مجتمع مريض.
تصنيفات : قضايا و مقالات