بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
يقول الله تعالى«إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ».)الزمر 10(
ويقول الرسول الكريم ( صلى الله عليه وسلم) “ما أُعطي أحد عطاءً خيراً وأوسع من الصبر”.
والصبر يعني: التسليم والرضا بقضاء الله سبحانه وتعالى، وعدم التضجر والتذمر، وهو حالة من القدرة على التحمل في الظروف الصعبة، والرضا بمقدور الله، مع حُسن التأدب عند البلاء والمحن دون الاعتراض على القدر، ولهذا يعد الصبر جزءا من مدرسة الإيمان، حيث إنه يعكس الإيمان القوي، ويعزز الارتباط الروحي بين المؤمن وخالقه.
وعند الحديث عن علاقة الصبر بالإيمان وأنه من مدرسة الإيمان، نلاحظ أن بينهما علاقة قوية، وهناك جوانب توضح هذه العلاقة، ومنها:
* الثقة بالله والتوكل عليه: فالصبر ينبع من الثقة العميقة بالله، ويعكس التوكل على الله بأنه القادر على التدبير والتوفيق والخير والسعادة، وهذا كله ينبع من مدرسة الإيمان.
*العبادة الحقَّة والطاعة والتخلق بالأخلاق الإيمانية: فالصبر يعزز ذلك كله، فحين يَثبت الفرد في أداء الطاعات والعمل الصالح وحُسن الخلق يُعزز قُربَه من الله، ويعزز تطوير الصفات الايجابية في شخصيته، وهذا كله ينبع من مدرسة الإيمان.
*ولأنَّ الصبر من مدرسة الإيمان فهو من مدرسة الفلاح: يقول الله تعالى “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ ………….. لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ” (آل عمران 200) “
في هذه الأية ربط بين الصبر والفلاح، وأن الموصل للفلاح هو لزوم الصبر: بحبس النفس عن المعاصي والأمور الثقيلة على النفس، والمعنى هنا أنك حتى تتخرج من مدرسة الإيمان فالحا ناجحا، لا بدَّ أن تكون قد نجحت في مادة الصبر؛ لأن الصبر من مدرسة الإيمان.
ولا بد الآن أن نتعرف على بعض أنواع الصبر مع العلم أن هناك الكثير:
- صبر على الطاعات: قال تعالى: “فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ”، ومعلوم أن التكليف لا يخلو من مشقة خاصة عند المداومة على الطاعة والمحافظة عليها كالصلاة والصيام.
- صبر عن المعاصي: بحبس النفس عن ارتكابها، والحرص على اجتنابها.
- صبر على الابتلاءات: بأن يمنع الانسان نفسه من الجزع عند وقوع أي ابتلاء كالمرض والفقر.
- صبر على الظلم: بالإيمان أن الله لا يضيع حق أحد أبداً.
وإذا أردنا التخرج بنجاح في مادة الصبر من مدرسة الإيمان، لا بد أن نتعرف على المعينات على الصبرومنها:
- الإيمان بالله وأن الأمر بيده، واللجوء إليه، وعدم اليأس أو القنوط من رحمته.
- مطالعة سيرة الأنبياء والصحابة الذين صبروا على المحن والابتلاءات.
- الاستعانة بالذكر وتلاوة القرآن، وعدم العجلة في نيل ثمرات الصبر.
- التيقن بأن الحياة الدنيا قصيرة وأن الانسان خُلق في كبد.
- العلم بقبح المعاصي والحياء من فعلها.
ولأن الصبر من مدرسة الإيمان وقد نجحت في هذه المادة لا بد لنا من قطف ثمرات من هذا الصبر، ومنها:
- تخفيف أثر المصيبة والتقليل من ثقلها على الانسان، وتحصيل الطمأنينة في القلب.
- الفوز بالثواب الجزيل والأجر العظيم، قال تعالى:” إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ”.
- نيل الحفظ والتأييد والنصر من الله، والمغفرة للذنوب، والوقاية من كيد الكائدين.
- هكذا تكون قد تخرجت من مدرسة الإيمان وقد نجحت في مادة الصبر، ذلك الخُلُق العظيم الذي يتسم به الرسل والأنبياء والصالحين، مع الحصول على أعلى الدرجات.
مبارك لك أيها المؤمن ولا تنسى قوله تعالى “وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ”
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
تصنيفات : قضايا و مقالات