الإسلام دين عملي يدعو أتباعه للقيام بالمهمات التي تؤدي إلى إقامة مجد الإسلام وعزه، والناس صنفان: صنف ينفذ الأوامر ويقوم بالمهمات لا يتلكأ ولا يتراخى استجابة لأمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
وصنف يتقاعس؛ إما جبنا، أو لعدم قناعته، أو لأنه يرى أن هذه المهمات لا جدوى منها ولن تحقق النتائج المرجوة.
والإسلام يعلم أتباعه الانقياد والطاعة والامتثال لأوامر القادة، كما جاء في الحديث:” على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره ما لم يؤمر بمعصية فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة”.
والنبي صلى الله عليه وسلم ضرب في سيرته الأمثلة لأصحابه ليقتدوا به، ولم ينظر إلى النتائج هل ستتحقق أم لا، لأن النتائج في علم غيب الله، ويتوقف تحققها على إرادة الله، والمطلوب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يطيع الله فيما أمره به، ولا يخالف أمره.
في مكة تعرض النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعه للاضطهاد والقهر واشتد أذى قريش على حملة رسالة السماء وكان أمر الله يقضي بأن يصبر أتباع النبي على التعذيب والمعاناة. لم يقل النبي صلى الله عليه وسلم يومها لا جدوى من المقاومة والثبات وبالتالي دعني أفاوضهم وأقبل بالحلول الوسط وأنهي هذه المعاناة، وإنما ثبت وأصحابه حتى نجاهم الله.
وفي الهجرة وقد أحاط فتيان قريش ببيت النبي صلى الله عليه وسلم يريدون قتله وتفريق دمه بين القبائل، وقد أحكموا خطتهم للقضاء عليه، لم يفكر النبي صلى الله عليه وسلم بالنتائج وإن كان ظاهر الأمر أن قريشا ستقتله، بل فكر بامتثال أمر الله بالهجرة من مكة، وأخذ بكل الأسباب الممكنة، ورغم ذلك وصلوا إليه وهو في الغار إلا أن ثقته بالله لم تتزعزع من أن الله سينجيه وسيرد الكفار خائبين.
وفي بدر رغم القلة القليلة التي كانت تقف معه، ورغم أنها لا تملك من السلاح إلا القليل، وحتى الجنود المدربين، إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم قرر خوض المعركة، ولو سأل أي محلل عسكري لقال له:” أنت تخوض معركة خاسرة.. استسلم”، إلا أنّه واجه الأعداء ولم يفكر بالنتائج وكان النصر حليفه.
وفي أحد قرر القتال، والخروج إلى خارج المدينة رغم التحديات، ورغم الرؤيا التي رآها في المنام – ورؤيا الأنبياء حق- من أنه ستكون مقتلة في أصحابه، واقتحام للمدينة، وأن يقتل أعز الناس إلى قلبه إلا أن ذلك كله لم يثنه عن القيام بواجبه، من خلال تنظيم الجيش وترتيب المواقع وإحكام الخطط، وإن حصلت الهزيمة بعد ذلك.
فعلى كل مسلم ألا يحسب حساب النتائج، فالنتائج بيد الله، ربما يحقق لنا الانتصار والمكافأة لنا، وربما نهزم تأديبا وتعليما ولحكمة يريدها الله، وكما قيل: على المرء أن يسعى.. وليس عليه إدراك النتائج
تصنيفات : قضايا و مقالات