القرآن والإيمان مصنع الأبطال من بدر إلى غزة، د. أنس المصري
أغسطس 1, 2024
للمشاركة :

القرآن والإيمان مصنع الأبطال من بدر إلى غزة

ظهرت في هذه الأيام من معركة طوفان الأقصى تجليات القرآن والإيمان في صناعة الأبطال والرجال الرجال، وبرهنت هذه الأحداث والمشاهد المباركة التي نراها صباح مساء على قدرة القرآن العظيم في تخريج أجيالٍ من المؤمنين الصادقين والرجال الثابتين {مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا}، فما هذه المشاهد المتنوعة من إقدام الأبطال في ساح النزال، إلى صبر أهل البلاء في أشد ساعاته قوة وحُلكة، إلى معاني الاحتساب والإيمان العميق التي نسمعها من أطفال غزة ونسائها ورجالها؛ بل من عموم أهل هذه الديار المباركة على امتداد أماكن تواجدهم.. كل هذه المعاني والتجليات أوضح دليل على أن الإيمان يصنع الأعاجيب، وأن الإيمان يهز الجبال، وأنه يصنع الأبطال.

تعيد لنا هذه الأيام مشاهد كنا نسمعها ونقرأها في كتب السيرة ومصنفات المغازي والسِير عن يوم بدر واليرموك والقادسية.. فإذا بنا نراها ماثلةً أمام أعيننا ومن أبناء زماننا، بل من أبناء جيلٍ قد عملت كل قوى الشر والإفساد على إفساده وإبعاده عن دينه وقضايا أمته وشعبه وهموم وآلام مسجده الأقصى المبارك، ولكنه الإيمان.. ولكنه القرآن.. ولكنها حلقات القرآن وتربية المساجد تصنع الرجال وتخرّج الأبطال {إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}. ولعل فهم أعداء هذا الدين لهذا الدور العظيم للمحاضن الإيمانية وأثرها، والمساجد وثمار غرسها المبارك.. جعل هذه المحاضن موضع استهدافٍ متواصل وبشتى الوسائل لتغييبها أو منعها أو تفريغها من دورها الحقيقي، وجعل المساجد موضعاً لاستهداف آلة حربهم وغرضاً لسهامهم وقذائفهم، وما نراه في هذه الأيام من تدمير معظم بل كل مساجد غزة لهو خير برهان على هذا الخوف الدفين في قلوبهم من بيوت الله، وحقدهم الظاهر عليها وعلى عُمارها الراكعين الساجدين المقبلين على الله عزوجل.

وأمام هذا يتجلى السؤال الأهم عن الدور المطلوب منا في إحياء هذا الإيمان في النفوس، وإعادة رسالة المساجد والقرآن وحلقاته إلى واقع الحياة، ولعل هذه الأفكار تقدم بعضاً من الدور المطلوب منا:

  1. تجديد معاني الإيمان في النفوس بحضور مجالس العلم وحلق الذكر وقيام الليل وتعاهد صلاة الجماعة في المساجد.
  2. الإقبال على كتاب الله تلاوةً وحفظاً وفهماً وتعاهده صباح مساء فهو المعين الذين لا ينضب والصاحب الذي لا يخون.
  3. تربية الأبناء على التعلق بكتاب الله عزوجل، وإشراكهم في حلقات القرآن ودوراته العامرة في بيوت الله، ليتربى هذا الجيل على موائد القرآن وينهل من نبعه الصافي الزُلال.
  4. إحياء مجالس الذكر وحلقات العلم في البيوت، لتجتمع العائلة على كتاب الله عزوجل وقراءة أحاديث النبي ﷺ، فتربي النفوس وتهذبها، ويحُل الخير في البيت، وتتنزل رحمات الله على البيت وأهله.
  5. إعادة دور المساجد في التوجيه والتربية وتخريج الأجيال المؤمنة المتوكلة على ربها الواثقة بنصره وعونه لعباده المؤمنين.

نسأل الله العلي العظيم أن يجعلنا من أهل القرآن.. وأن ينور قلوبنا بالإيمان.. وأن يجعلنا من جند المساجد وعُمارها

{فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ}

تصنيفات :