إن سنن الله في الأرض ثابتةٌ لا تتغير، ممتدة في الزمان، غير محدودة بالمكان، فلا ظلمٌ يدوم، ولا اضطهاد يستمر، ولا ظالم يستفحل في بلاط دولة ظلمه -وإن طالت مدته-.
والظلم كالموج، تارة يرتفع عالياً، وتارة تراه في الحضيض، يتلازم ذلك مع دورة الحق في الأرض، وكلاهما في علاقة طردية مهيبة؛ إذا ارتفع أصحاب الظلم، ضَعُفَ أصحاب الحق حتى كدّتَ لا تسمع لهم رِكزا، وإذا علا أصحاب الحق، خَبَت نار الظلم فتكاد لا ترى لها دخانا ولا لهبا!
ولا نستطيع بأي حال فهم سنن الله في التحرر من الظلم بعيدا عن فهمنا العميق والواعي للنص القرآني، ففيها الدليل الشافي، والنور الوافي، والصراط المستقيم.
يقول الحق جل وعلا:” وتلك الأيام نداولها بين الناس”
وتداول الأيام لا يأتي من فراغ، بل هو نتيجة حتمية لنهج التغيير، والتغيير سنة من سنن الله أيضا، ولكنه لا يحدث فجأة، ولا يتم صدفة!! فلا تنمو براعمه إلّا من بذرة نمت في القلب، ومن داخل النفس وعمقها، وقرارة قناعتها ويقينها، وهو حتما ليس شعاراً يُرفع وفقط، بل هو عمل دؤوب، وسلسلة من التمحيص والاختبار، تخلق نفسا مؤمنة واثقة راضية صابرة، هذه النفس وبهذه الصفات لا يمكن إلّا أن تكون لمؤمن مقدام شجاع لا يهاب التغيير الخارجي لأنه استطاع أن يخوض الكثير من التمحيص والتغيير الداخلي مسبقا!
إن الأرضية الاجتماعية الهشة التي نقف عليها اليوم لا تصلح لتحمل التحرير المنشود، لذلك حتما سيدرك الفاهم لسنن الله، أن التحرير يحتاج جيلا شجاعا مقداما، استطاع أن يهز جذور الوهن في مجتمعه، وكسر قيود الخرافات والعادات البالية في محيطه، حتى وصل بقناعته لمعادلة الشجاعة المحضة المنبعثة من عميق ثقته بربه.
تلك الشجاعة التي ستخلق جيل التحرير، جيلا معتصما متمسكا بحبل الله المتين، حينها فقط تشتد الأرض وتتهيأ، فيؤذن بالتحرير بإذن الله.
تصنيفات : قضايا و مقالات