تؤدي وسائل الإعلام دورا كبيرا في صناعة الجيل، فكرا وشخصية وسلوكاً وحتى في ردود الأفعال، ففعليا باتت جزءاً لا يتجزأ من مكونات التأثير على نمط الحياة وطريقة التفكير وما نعيشه على أرض الواقع من فعل وردّات فعل.
ولا أحد ينكر بأن أحد الأدوار الرئيسة التي وجدت من أجلها وسائل الإعلام عبر التاريخ ليس فقط نقل الخبر أو الصورة بل وصناعه الأجيال والتأثير فيها، وهذا ما بتنا نلمسه اليوم حقيقة وواقعاً، هذه الوسائل هي من سرقت لبوب العقول واستحوذت على تفكير الكثيرين وأغرقت آخرين في مستنقع في مستنقعاتها.
وكثيرا ما ردد الخبراء والتربويون عبارة مفادها أن “وسائل الإعلام كالسكين في فعلها إما أن يكون لها الأثر الإيجابي من خلال استخدامها لما وجدت من أجله أو أن يكون لها أثر سلبي عندما تخرج عن إطار المألوف وتستخدم في مكان غير مكانها”؛ فالإعلام وجد للتغيير وللبناء والتأثير الإيجابي؛ فإذا خرج هذا الهدف عن سياقه فإننا نتحدث عن وسائل إعلام تدميريه وليست بنائية.
وإن ما نشاهده اليوم في وسائل الإعلام يحتاج إلى وقفة كبيرة ودقيقة وعميقة وصادقة؛ فهل فعليا ما نشاهده اليوم هو يصب في خانة الغاية التي وجدت من أجلها وسائل الإعلام أم أن أغلبها حاد عن الطريق وبات هدفه الوحيد إغواء الجيل وتدمير العقول وحرف الأنظار عن منظومة التربية والأخلاق التي لطالما تغنينا فيها نحن المجتمع الإسلامي والعربي؟
وفي هذه الوقفة سوف نركز على جزئيه من تأثير وسائل الإعلام، وهنا عندما نقول وسائل الإعلام فإننا نقصد بها كل ما تعلق بالإعلام من شاشات مرئية وأجهزة ذكية ووسائل تواصل اجتماعي حديثة، في بناء جيل شاب، شجاع لديه الجرأة على مواجهه التحديات ورسم طريقه مهما كانت الظروف من حوله.
وإذا ما تتبعنا البرامج التلفزيونية الحالية وكثيراً من البرامج الإذاعية، بالإضافة إلى ما ينشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي من مقاطع فيديوهات وغيرها نجد بأن هناك تحديا كبيرا بين أصحاب الأفكار الإيجابية، في مقابل بعض مشاهير التفاهة والهدف في النهاية هو شخصيه الشاب العربي، ومنه الفلسطيني، ومحاولة التأثير على بنيته العقلية والفكرية وبذلك طباعه وخصاله وسلوكه وتفكيره المستقبلي.
ولعل المجتمع الفلسطيني له خصوصيه تجعله مختلفا تماما عن أي مجتمع آخر؛ فوسائل الإعلام وتحديدا وسائل التواصل الاجتماعي كان لها دور كبير في توجيه تفكير الجيل الناشئ والشباب الفلسطيني نحو تحديات كبيره فرضت عليه فجعلته يستلهم كثيرا من معاني الشجاعة والقوه من وسائل الإعلام التي ركزت فعليا اهتماماته على نقل النماذج البطولية، سواء هناك في غزة أو هنا في مدن الضفة وقراها ومخيماتها وأزقتها.
وتؤثر وسائل الإعلام على شخصية الفرد وهو ما ينعكس على وعيه وإدراكه الذي يستخدم لاحقا على أرض الواقع من منطلق قوة؛ فيستطيع من خلال ذلك التأثير الإيجابي في المجتمع إذا ما ترجمت تلك القوة في مكانها الصحيح.
كما أن من شأن هذه القوة المكتسبة من وسائل الإعلام والتأثر بها، أن تخلق جيلا يمتلك من القوة والشجاعة من القوة التعبيرية والفكرية التي من خلالها يستطيع أن يدحض كل الروايات المضللة التابعة للاحتلال من جهة والصحافة الصفراء من جهة ثانية، من خلال تبني الروايات الوطنية الصحيحة ونشر الأفكار الإيجابية التي لها دور في صاغة الدور والراي العالمي والمحلي.
تصنيفات : قضايا و مقالات