العلم والتعليم أساس التغيير، د. مَدْيَن بن جمال القِرْم
أغسطس 31, 2024
للمشاركة :

” اقْرَأْ ” مِشعل النور والتغيير، والقُرْب مِنَ الله القدير، العلمُ تاج الوقار والفَخار، وبه يَتحقق الانتصار.

لَمْ يكنْ عَبثًا أنْ يأْمر الله تعالى نبيَّه صلى الله عليه وسلم أنْ يَسْأَلَه الزيادةَ مِنَ العِلْمِ، لا مِنَ المال ولا أيَّ شيءٍ مِنْ زُخْرِف الحياةِ الدُّنيا، فقال تعالى: ” وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا ” [طه: 114]

لأنَّ العلمَ بوابة التقوى، وبه تُنالُ الدرجات العُلَى، ويسير المسلم على بصيرةٍ مِنْ ربَّه، ويَرتقي في هذه الحياة بِسُبُلِ القوة والرُّقي والحضارة.

وإنّ أَولَ عِلْمٍ يجب على المسلم أنْ يَتعلمه، العِلْمُ بالله جَلَّ جَلَالُه، يقول سبحانه:” فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ “[محمد: 19] فالعِلْم المتعلق باللهِ تعالى وأسمائه وصفاته، يَغْرِسُ في القلبِ، محبة الله، وتعظيمه، وإِجلَاله، وخَشْيته، وتوقيره، ورجاءَه، والشَّوقَ إليه، فيَمتلئ القلبُ نورًا وسعادةً وطمأنينةً.

إنّ مَنْ عَرَف اللهَ تعالى خَشَع قلبُه، وراقبَ ربَّه في السِّر والعلَن، فأتقن عبادتَه، وحَسَّنَ أَخلاقَه، وقام بِعَمِله ووظيفته خيرَ قيامٍ، وتلك غاية العِلْم، وهَدَفُه الأَسمى، والقرآن الكريم تَعلُّمه وتعليمه، هو البوابة لذلك.

يقول رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” تَعَلَّمُوا الْقُرْآنَ “.[1]

وقال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ».[2]

فالقرآنُ الكريم هو طريق الهدى في العلاقةِ مع الله ومع النَّفْسِ ومع الناسِ، ولإِصلاح القلب مِمَّا فيه مِنَ العيوب، وطريق النَّصر على الأعداء، فأين نحن مِنْ علومه ونورِه وهُداه؟!

لقد فَقُهَ الصحابةُ رضي الله عنهم ومَنْ سار على طريقهم أهمية العلم والتعليم، فأَقْبَلُوا على العِلْمِ الدِّيني والدُّنيوي، لأنهما سبيلٌ لسعادة المسلم في الدُّنيا والآخرة، ولتحقيق الخلافة التي طُلِبَ مِنِ ابنِ آدم تحقيقها، وللتمكين لنور الإسلام في الأرض، لِيهنأَ ويَنْعَم الناسُ بِظلالِ عَدْلِه ورحمتِه ونصرةِ المظلوم.

إنَّنا اليوم بأَمَسِّ الحاجةِ للعِلم والتعليم في علومِ الدِّين والدُّنيا، عِلْمٌ للإصلاح والتغيير، للبناء والتعمير، لا للحفظِ وتكثير الشهادات العلمية، فما لم يكن العلم صحيحًا قويًّا، يُصْلِحُ الفردَ والمجتمعَ، ويَنهض بالأُمَّةِ مِنْ واقِعها المرير، ويَجعلها قويًّةً، يَهابُها الأعداء، وتَسترد المقدسات، وتَنصُر المظلومين، لا خيرَ فيه!!

إنّ مفتاح النَّصر بالعلم، ومفتاح النهضة بالعلم، ومفتاح التقوى بالعلم.

ولتحقيق التغيير على مستوى الفرد والمجتمع، كما يقول علماء الإدارة: لا بُدَّ مِنْ تغيير ثلاثة أمور: المعلومات، والقناعات، والمهارات.

إنّ حالنا اليوم ليس أسوء مِنْ حال اليابان، ولا مِنَ ألمانيا اللتين دُمِّرتا بعد الحرب العالمية الثانية، ولا مِنْ سنغافورة التي لَمْ تكن تَملك الماء النظيف لِشعبِها، ولا مِنْ كوريا الجنوبية، إنّ كلمة السِّر لنجاح هذه الدول ” العَلْم “، لا الكرة ولا التمثيل ولا الرقص، ولا الحزبية ولا العنصرية!!

فلتهنأْ يا طالب العِلْم بقول الله: ” يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ” [المجادلة: 11]

وبقول النبي صلى الله عليه وسلم: ” إِنَّ المَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ العِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ “.[3]

بالعِلْمِ والعقلِ لا بالمالِ والذَّهبِ   يَزْدَادُ رَفْعُ الفَتى قَدْراً بِلا طَلَــبِ

كَمْ يَرْفَعُ العِلْمُ أَشخاصاً إلى رُتَب   وَيَخْفِضُ الجَهــلُ أَشْرَافــاً بِلا أَدَبِ

العِــلْــمُ كَــنْــزٌ فـــلا تَفْنَى ذَخَــــائِـــرُهُ       والمَرْءُ مَا زَادَ عِلْماً زَادَ بالرُّتَبِ

فالعلم يَرْفَعُك في الدنيا والآخرة، وكما قيل: العلم أمُّ الفضائل، والجهل أمُّ الرذائل، فأَيُّهما تَختار؟!


[1] أحمد ، المسند ، 24/437 رقم 15666 ، قال الإمام شعيب الأرنؤوط :” إسنادُه صحيحٌ ، على شرطِ مسلم ” .

[2] صحيح الإمام البخاري ، 6/192 رقم 5027 .

[3] أحمد ، المسند ، 30/9 رقم 18089 ، قال الإمام شعيب الأرنؤوط :” إسنادُه حَسَنٌ ” .

تصنيفات :