بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد؛
فيقول الله تعالى:” ذلك بأن الله لم يكُ مغيرًا نعمة أنعمها على قومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم”، حقيقةٌ ربانية! وقانونٌ إلهيٌّ جازمٌ بأن أحوال الناس تابعة لتصرفاتهم في هذه الدنيا، كثير من الناس يتساءلون: أين اللهُ مما يجري للعالم الإسلامي؟ أين اللهُ مما يحدث من قتل وتشريد وتهجير في بلاد المسلمين؟ ولكنهم لم يتساءلوا: أين نحن من شرع الله تعالى؟! حقيقة يخشى كثير من الناس مواجهتها، أن التغيير سنة من سنن الله تعالى التي لا تتغير قوانينها، ولن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا، جعل الله سبحانه سنة التغيير باقية إلى يوم الدين، والتغيير تحكمه علاقة طردية مع سلوك العباد، فإذا كان سلوك العباد إيجابيا أصبح التغيير إيجابيا، وإذا كان سلوكهم سلبيا أصبح التغيير سلبيا.
وقد جعل الله تعالى للتغير شروطا ومبادئ حتى يتحصل العباد عليه، ولعل من أهمها:
أن ينظر العباد إلى موقعهم من شرع الله تعالى، فإن كانوا بعيدين عن شرع الله فإنهم من التغيير بعيدون، ولعل هذا هو السبب الرئيس فيما يجري في بلاد المسلمين من ظلم واضطهاد، فلا يتصور أن يصف بلد ما نفسه بأنه بلد إسلامي، وكل قوانينه مناهضة للإسلام!! ولا يرجى لأي قوم من الأقوام تغيير إلى ما يحبون من الأحوال إذا لم يقيموا بينهم ما يحب الله تعالى من الأقوال والأفعال.
وعلى الإنسان أن يبدأ في التغيير بنفسه أولا ثم ينتقل للتغيير في الآخرين، فالإنسان السويّ قدوة بنفسة لا بغيره، وعلى كل منا أن يدرس موقعه بين أقرانه وفي مجتمعه، فإذا كان مؤثرا في فئة الشباب فليحرص كل الحرص على العمل في دائرة الشباب، ولا يتعدى غيرهم إلا بعد التمكن والتمكين، وإن كان مؤثرا في فئة العوامّ فليحرص على العمل في دائرتهم؛ لأن أنجح العمل ما يكون عن علم وخبرة فيمن تقابلهم، وهذا كله رهن الصبر على طريق الإصلاح والتغيير، فإن من الناس مخذّلون، ولا بد كذلك من التعاون على التغيير بين الإخوة والأهل والأصحاب وأهل الاختصاص، فلا يتصور نجاح لأي عمل إلا إذا كان هناك صبر عليه، وتعاون بين أهل الاختصاص على إنجاحه ونشره.
وإذا نظرنا إلى حال أهل فلسطين، هذه الأرض التي بارك الله فيها للعالمين، لا بد أن نعلم علم يقين بأن هذه الأرض لا يعمّر فيها ظالم، ولا يُمكّن فيها خبيث، فالنصر والتمكين في هذه الأرض لعباد الله المؤمنين، الذين يسعون إلى التغيير بأنفسهم وبمن حولهم، ويصلحون ما أفسد غيرهم.
نعم، إنها طريق صعبة! طريق التغيير الذي يتبعه نصر وتمكين، فإذا أردنا في هذه البلاد أن ننتصر على عدونا، وأن يمكن الله لنا فلا بد لكل منا أن يعيد حساباته مع ربه، وأن يرتب أفكاره على ما ترضيه سبحانه، إذا أردنا نحن أهل فلسطين أن تتبدل أحوالنا للأفضل فلنرجع إلى دين الله تعالى في كل مجالات حياتنا الفردية والمجتمعية والاقتصادية والسياسية، وإذا أردنا أن تتبدل أحوالنا لما نحب من الأحوال، فعلينا أن نأخذ بأيدي بعضنا إلى طريق النصر والتمكين، كيف ذلك؟ بأن ننصر من نصر الدين، ونواجه من يواجه الدين، وأن نؤازر أهل الاختصاص كل في موقعه وبما يرضي الله، ولنتذكر دوما قول ربنا: ” إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم”، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
تصنيفات : قضايا و مقالات