الرباط الفلسطيني في القدس.. معاناة من زاوية أخرى، د. إسراء السلايمة
أغسطس 31, 2024
للمشاركة :

يواجه الشّعب الفلسطينيّ العديد من السّياسات التي تُقيّده وتعيق طريقة عيشه وتغيّر أسلوب حياته، وقد يصل إلى أن يتنازل الشّخص عن طموحه وأحلامه.

   وهذه السّياسات والقيود منها ما يظهر للنّاس ولا يخفى عليهم، ومنها ما ينطوي في خبايا البيوت وجدران القلوب ويبقى حديث نفسٍ يَعتصرُها ألمًا.

   سأذكر بعض هذه السّياسات والقيود والعراقيل التي تواجه الفلسطينيّ، فكلُّ بيتٍ عانى ويُعاني من هذه القيود وآثارها وما تتركه من آلامٍ وجراح.

   تتنوّع القيود التي يفرضها الاحتلال على أبناء الشّعب الفلسطينيّ إلى العديد من الأشكال، منها:

  • فرض قيود على التّنقّل؛ حيث يتم تقييد تنقّل الفلسطينيّ داخل العديد من المدن الفلسطينيّة، من صور ذلك:
  • منع التّنقل بين مدن الضفة الغربية وبين القدس والدّاخل.
  • منع التّنقل للمبعدين عن أماكن ومدن محدّدة كالمبعدين عن المسجد الأقصى الشّريف والمبعدين عن البلدة القديمة في القدس والمبعدين عن مدينة القدس نفسها.
  • منع التّنقل لأصحاب تصاريح (لم الشّمل) التي تمّ إيقافها، حيث يمنعون من التّنقل خارج حدود بيتهم، في حين يُجبرونهم على المكوث في البيت لحين تفعيل تصاريحهم، وقد يمتد ذلك شهور عديدة، وقد يصل إلى سنوات.
  • منع التّنقل خارج فلسطين للممنوعين من السّفر.
  • فرض قيود على التّعليم، من صور ذلك:
  • منع تدريس المناهج الفلسطينيّة، حيث تمنع المدارس داخل مدينة القدس من تدريس المناهج الفلسطينيّة واستبدالها بالمناهج المُحرّفة أو المناهج الإسرائيلية.
  • منع إنشاء مدارس تابعة للأوقاف الفلسطينيّة في مدينة القدس، كما يمنع توسعة المدارس القائمة أو ترميمها.
  • إغلاق العديد من المدارس التي تُدرّس المنهاج الفلسطينيّ، كمدرسة النّخبة للبنين في صور باهر، ومدرسة اليتيم العربيّ في القدس.
  • فرض قيود على العمل، من صور ذلك:
  1. منع خريجي أغلب الجامعات الفلسطينيّة العمل بشهاداتهم في المؤسّسات والوزارات داخل الخط الأخضر، حيث يواجه ذلك أغلب أبناء مدينة القدس ويحرمون من العمل داخل مدينتهم.
  2.  منع الحاصلين على تصاريح (لم الشّمل) من التّقدّم للعمل في أي مؤسّسة أو وزارة داخل الخط الأخضر (تابعة للوزارة) حتى حصولهم على الهويّة الزّرقاء المؤقّتة وقد يطول ذلك لسنواتٍ وعقود.
  3. فرض قيود على العلاقات الأسريّة، من صور ذلك:
  4. منع الفلسطينيّ من العيش في بيته الذي تربّى فيه أو بيته الذي يُحب أو بيته الكبير (خارج الجدار) مقابل إعطائه حقوقه كمواطن مقدسيّ، فيضطر إلى استئجار بيتٍ صغير بمبلغٍ كبير أو السّكن في بيت عائلته الصّغير (داخل الجدار) – في أغلب الأحيان –.
  5. منع الزّوج والزّوجة من العيش في بيتٍ واحد عندما يكون أحد الزوجين يحمل الهويّة المقدسيّة ويحمل الآخر الهويّة الخضراء، وذلك في حال عدم حصول صاحب الهويّة الخضراء على تصريح لم الشّمل، وهنا تبدأ الأسرة مرحلة جديدة من المعاناة الطّويلة، قد لا يدرك صعوبتها إلّا من مرّ بها وذاق مرارتها.
  6. منع الأبناء من العيش في أحضان آبائهم لسنواتٍ عديدة، وذلك إذا لم يحصل أحد الآباء على تصريح يسمح له بالعيش في الدّاخل المحتل، ونرى صورًا متعدّدةً لعائلاتٍ حُرمت من العيش تحت سقفٍ واحد.

وهناك العديد والكثير من القيود التي فرضها الواقع الذي يعيشه الشّعب الفلسطينيّ تحت الاحتلال الصّهيونيّ الجائر، وإن كان القيد الأكثر مرارة وإيلامًا هو الاعتقال الذي يتعرّض له الشّباب الفلسطينيّ، فهو القيد الجامع المانع، نسأل الله الفرج القريب العاجل لجميع الأسرى والأسيرات.

تعيش في وطنك ومدينتك وبلدتك مُقيّدًا مُكبّلًا، لا تستطيع التّجوّل في أروقته وشوارعه وجباله وبحاره متأمّلًا طبيعته وجماله.

تعيش في وطنك ولا تستطع مشاركة أهلك وأحبائك في مناسباتهم، لماذا؟ لأنّك لا تملك إذنا من المحتل، فقط لهذا السّبب!!

تعيش في وطنك وتدرس سنوات للحصول على شهادات جامعية تؤهلك للعمل وتكون النّتيجة ألّا يُسمح لك بالعمل، لماذا؟ لأنّهم يُجبرونك على العيش في مكان لا يسمحون لك بالعمل فيه!!

       في فلسطين تتنوّع السّجون، جميعنا يعرف نوعًا واحدًا من السّجون وهو سجون الاعتقال وإن كانت هي أشدها وأكثرها مرارة، ولكن؛ في الحقيقة السّجون في فلسطين متنوعة وعديدة.

   مهما زادت القيود ومهما فاقت الصّعاب سنجد الشّعب الفلسطينيّ مثالًا للثّبات والتّضحية والعزّة، وسينال هذا الشّعب العظيم المرابط الصّابر أجر الرّباط في أشرف البقاع مصداقًا لقول حبيبنا المصطفى المجاهد: (رباط يومٍ في سبيل الله خيرٌ من الدّنيا وما عليها) وقوله صلى الله عليه وسلم عن مكان الفئة الصّابرة الثّابتة على الحق القاهرة للعدو بأنّها: (في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس).

تصنيفات :