من أبرز خصائص ديننا الإسلامي أنه دين تضامن وتكافل، فحيثما وُجد الإسلام الصحيح في أي بلدةٍ أو قرية، أو مجتمعٍ صغيرٍ أو كبير، لا بد أن تجد هناك شبكةً متواصلةً من المسؤوليات ومظاهر التضامن والتكافل ساريةً في تلك المنطقة.
ولا يتحقق الإسلام الذي أمر الله عز وجل به في كيان الفرد المؤمن، إلا إذا كان جزءًا لا يتجزأ من هذه الشبكة المتواصلة، ففي الصحيحين عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلَّ الله عليه وسلم قال: “كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راعٍ ومسؤول عن رعيته، والرجل راعٍ في أهله ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعيةٌ في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها، والخادم راعٍ في مال سيده ومسؤول عن رعيته، ألا كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته”.
فالإسلام لا يقرُّ أن يلتفت الإنسان المسلم إلى نفسه ثم يحصر رقابته في ذاته، فالإسلام دين المسؤولية، فالمسلم مسؤول عن نفسه وذاته، ثم هو في الدرجة الثانية مسؤول عن أسرته، وكل من جعل الله عز وجل رعايتهم إليه، وهو ثالثًا مسؤولٌ عن أصدقائه وأقاربه وذوي رحمه الأباعد، وهو رابعًا مسؤول بالقدر الذي تطول طاقته، وبالقدر الذي يناله جاهه، ومسؤول عن أهل حيّه أو أهل بلدته، ثم هو إن كان حاكمًا أو عالمًا، مسؤول عن المجتمع الذي يعيش فيه أيضًا، وهكذا تنتشر شبكة المسؤولية التي أقامها الله بين عباده، ولو أن المسلمين قاموا بعُشر المسؤولية هذه التي ألقاها الله على كاهلهم، لَصَلُحَ المجتمع الإسلامي، ولكن المسلمين اليوم ساهون سادرون عن هذا الواجب الملقى على أعناقهم، خاصةً في مسألة قضية المسلمين الأولى قضية فِلسطين .
فقضيّة فلسطين وتحرير المسجد الأقصى، ونصرة غزّة والتعاطف والتعاون والنصرة للمسلمين، من الإيمان الواجب والمسؤولية العامة لكل المسلمين في كل أنحاء العالم بالقدر المستطاع.
والواجب أن يسارع المسلمون لدعم الفلسطينيين ماديًا ومعنويًا، وكسر الحصار عنهم، وبكل ما تيسر من السبل، السياسية والإعلامية والمادية والإغاثية، واللَّهجُ بالدعاء لهم بالنصر والثبات، فهذا فرضٌ عظيم والتخاذل عنه إثمٌ جسيم.
ومع مرارة المآسي المستمرةُ في غزّة، في حقّ الرضّع والأطفال والنساء والرجال والشيوخ، من قتلٍ وتشريد، مع هذا كله فإن ثبات المسلمين في غزّة فاق كل ذلك، ثباتٌ عجيبٌ فرحين وهم يشيّعون الجنائز، يقينٌ ورضا بقدر الله.
ختامًا فإنه يتبين لنا قيمة هذا الحديث الشريف، الذي يعد دعامةً كبيرةً في القيام بالواجبات والحقوق، والإحسان في الأعمال والرعاية لما تحت اليد، كما أنه يقرر مسؤولية كل فردٍ فيما وُكّل إليه من نفوسٍ وأموالٍ ومصالح وأعمال.
فالكل راعٍ ومسؤولٌ عن رعيته.
تصنيفات : قضايا و مقالات