يمر الشعب الفلسطيني بظروف صعبةٍ تجعل من التعليم أمراً معقداً، فيقع على عاتق المعلم دور كبيرٌ لإنجاح العملية التعليمية، لأن المعلم يؤدي دور الوسيط بين العلم والمتعلم من جهة، وبين المتعلم وعالمٍ مليءٍ بالمخاطر والتحديات من جهةٍ أخرى.
فإذا أردنا ان نشكل جيلاً فريداً قادراً على تخطي العقبات وما يواجهه من تحديات، فلا بد أن يكون ذلك من خلال المنهج القرآني والمنهج النبوي الذي أثبت نجاحه ونجاعته في تربية أعظم جيلٍ على الإطلاق وهو جيل الصحابة الكرام الذين كان لهم دورٌ كبيرٌ في نشر الدعوة إلى معظم دول العالم حتى أصبحت الأمة الإسلامية في مقدمة الأمم.
فالمعلم الذي نريد
* هو المعلم القائد الذي يستمع لطلابه في الوقت الذي يراه مناسباً ويتجاهل في أحيان أخرى، فهو ليس مستبداً ولكنه لا يسمح لهم بأن يتحكموا في مجريات الأمور فهو الذي يبدأ وهو الذي ينهي.
* هو المعلم القدوة الذي يبحث عنه طلابه لأن الإنسان دائماً ما يبحث عن نموذجٍ مثاليٍ يحتذى به، فإن لم يجد هذا النموذج المثالي في واقعه سيبحت عنه في مكانٍ آخر ليتخذ منه قدوة، لذلك لا بد للمعلم أن يتحلى بصفاتٍ تجعل منه قدوةً حسنةً لطلابه حتى يصنعا معاً بيئةً تعليمية ًفريدة ًلا تخلو من الإبداع و التقدم المنشود.
*هذا المعلم لديه أهدافٌ واضحةُ تضفي على المنهاج لمسةً من الإبداع لأنه يسعى دائماً إلى التجديد، كما أنه ينسجم مع نفسه دائماً فهو ليس مزاجياً بل يتخذ قراره بذكاء، يساعد الطالب في تجاوز مشاكله العاطفية والاجتماعية بنجاح .
*المعلم الذي يمتلك روحاً إيجابيةً تنعكس على الطلاب، ما يؤدي إلى حالةٍ من التفاؤل الذي يؤدي إلى تحقيق الهدف بنجاح.
*وهو معلم حياديٌ يستمتع بوقته في أثناء أداء عمله، ويتكيف مع احتياجات الطلاب، فيثني على الطالب متى ما استحق الثناء؛ لأن الطالب يحتاج إلى من يثق به وبقدراته ومواهبه فيحفزه ويشجعه.
*هو المعلم المنفتح على الآخرين، فهو لا مانع لديه أن يتعلم من الزملاء لأنه لا يتوقف عن التعلم، ويستشير ذوي الخبرة كما أنه يبحث دائماً عن وسائل وأدواتٍ تعليميةٍ تساعد الطالب في الفهم والنجاح.
*كما أن المعلم الناجح مثقف عالم بالواقع الذي يحياه الناس في فلسطين فيغتنم الفرص المناسبة لتوعية طلابه بحقوقهم على هذه الأرض المباركة وحقهم في الدفاع عنها وأن العلم الذي يسعون في طلبه هو من أعظم السبل للدفاع عنها والتمسك بها، معلم يجعل من فلسطين وحربها ضد الاحتلال مادة مباركة مقدسة تستحق أن يبذل أهلها في سبيلها الغالي والرخيص، وأن الرباط في هذه الأرض لا يعادله رباط ولا يوازيه ثواب، فرسولنا عليه الصلاة والسلام يقول عن هذه الأرض: “لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين، لعدوهم قاهرين، لا يضرهم من خالفهم إلا ما أصابهم من لأواء، حتى يأتيهم أمر الله. وهم كذلك”، قالوا: يا رسول الله وأين هم؟ قال: “ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس”.
معلم صادق الانتماء لوطنه ودينه حريص على نقل هذه الصفة إلى أبنائه الطلبة؛ فيغتنم الفرص المناسبة للحديث عن ذلك، ويوضح لهم بأن حب الوطن والدفاع عنه من الإيمان؛ فيضرب لهم الأمثال ويقص لهم القصص عن بعض الرموز التاريخية ابتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم وانتهاءً بالمجاهدين الصادقين الذين ضحوا بأغلى ما يملكون من أجل الدفاع عن الدين والوطن.
بل وأكثر من ذلك يدرب الطلاب على حب المواطنة وكيفية التعامل مع إخوانه في نطاق المدرسة وخارجها، ويعلمهم أن الولاء والبراء من العقيدة الإسلامية فيقع على عاتقهم حب المؤمنين الصادقين وبغض الكافرين المعتدين وبذلك يبسط لهم المفاهيم المجردة بمفاهيم محسوسة.
وباختصار شديد نريد معلما يبقى دائما يذكر طلابه ومجتمعه بقوله تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [آل عمران: 200].
هذا وأسأل الله العظيم أن يسدد الخطى إلى ما يحبه ويرضاه.
تصنيفات : قضايا و مقالات