المرأة الفلسطينية ليست مجرد جزء من المجتمع؛ هي روح المقاومة وصانعة الأجيال، ومن بين يديها خرج الأبطال الذين يحملون راية الحرية. هي المعلمة، الطبيبة، المهندسة، والأم التي تحمل عبء الوطن على كتفيها وتزرع في أبنائها حب الأرض والكرامة، بفضلها، بات الصمود الفلسطيني يتجاوز التحديات السياسية والاقتصادية التي يفرضها الاحتلال.
المرأة الفلسطينية وصمودها الأسطوري
المرأة الفلسطينية ليست فقط زوجة أسير أو أم شهيد؛ هي ركيزة المجتمع الفلسطيني في وجه التحديات؛ فقد أثبتت على مر التاريخ أنها قادرة على الصمود والتكيف مع الظروف القاسية التي يعيشها شعبها، وبحسب إحصائيات الجهاز المركزي للإحصاء لعام 2021، بلغ عدد النساء العاملات أكثر من 157 ألف، وهو رقم يعكس دورهن الفاعل في المجتمع.
هذه المرأة هي التي تتحمل مسؤولية إعالة أسرتها في غياب الزوج أو الأخ أو الابن، فتظل دائمًا في قلب المعركة، سواء في المنزل أو مكان العمل، وتسهم في تعزيز الصمود الأسري والاقتصادي، مما يجعلها أيقونة للنضال الفلسطيني.
لقد استطاعت المرأة الفلسطينية أن تقتحم مختلف مجالات العمل وتثبت وجودها رغم القيود الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي تفرض وجودها عليها؛ وكانت خير سند لشعبها، ولبنة أساسية في بناء الأمة؛ فهمي العاملة في القطاع الصحي ممرضة، طبيبة، أو مسعفة، مقدمة الدعم والرعاية لأبناء وطنها في أحلك الظروف، وهي المعلمة التي تسهم في بناء الأجيال من خلال التعليم، ليس فقط بالأدوات الأكاديمية بل بفرض قيم الصمود والتحدي، وهي التي تربي أبناءها من الطلبة على الرباط، وتغرس فيهم عقيدة الثبات في هذه الأرض المباركة، وإلى جانب عملها في المجال التعليمي، وكذلك تسعى المرأة الفلسطينية باستمرار إلى تطوير نفسها عبر التعليم المستمر، مما يزيد من وعيها وقدرتها على التعامل مع التحديات المختلفة، هذه التنمية الذاتية تسهم في تعزيز ثقتها بنفسها وتوسع دائرة علاقاتها الاجتماعية، مما يجعلها أكثر قدرة على التأثير والمشاركة في بناء المجتمع.
وكذلك هي المزارعة التي تحافظ على أرضها، وتعلن تجذرها في هذه الأرض، فلا تفريط فيها، لأنها أمانة الله، وصية رسوله عليه السلام.
ومن المجالات المهمة التي وقفت فيها المرآة الفلسطينية سدا وسندا في مواجهة الاحتلال وأدواته، أنها شاركت في القطاع الحكومي، وكانت عضوا بارزا في صنع القرار والسياسات التي تخدم الشعب الفلسطيني، مما يعزز دورها السياسي والاجتماعي، وكذلك كانت في عملها العمل الأهلي والتطوعي والمجتمعي من خلال مؤسسات نسوية وجمعيات خيرية، هدفها كان بناء الوطن، ورفعته ، وتعزيز وجود الإنسان الفلسطيني في أرضه، هذا العمل يعزز الوحدة والتماسك داخل المجتمع الفلسطيني، مما يخلق شبكات دعم اجتماعية تساهم في تعزيز القدرة على الصمود والتماسك في وجه التحديات.
ولم تغفل هذه المرأة الجانب الاقتصادي والريادي؛ فالاقتصاد ركن أساسي في ثبات الشعب في أرضه وتعزيز وجوده وصموده، فكانت هذه المرأة تدير المشاريع الصغيرة وتسهم في تطوير الاقتصاد الوطني، محققة إنجازات في ريادة الأعمال رغم التحديات، وعملها هذا هو سلاح قوي في مواجهة الاحتلال والتحديات الاجتماعية والاقتصادية، من خلال مشاركتها في سوق العمل، تعزز المرأة الاستقلال الاقتصادي الذي يمكن الأسر الفلسطينية من التغلب على الصعوبات اليومية، التي أوجد جزءا كبيرا منها الاحتلال الصهيوني، مستخدما سياسة التضييق من أجل إجبار الناس على مغادرة أرضهم، وتركها، لذا فالمرأة في هذا المجال تكون قد واجهت سياسة التغريب والتهجير التي هي أهم هدف للاحتلال.
وفي الختام لا يمكن إنكار الدور المحوري الذي تؤديه المرأة الفلسطينية في تعزيز الصمود الوطني، من خلال عملها المتواصل وإسهاماتها الاقتصادية والاجتماعية، فهي بانية الأجيال لتحقق مستقبلا أفضل للشعب الفلسطيني، ومع استمرار التحديات، يظل تمكين المرأة ودعمها أحد أهم أدوات مواجهة هذه التحديات، فلا يخلو أي بيت فلسطيني من قصص صمود وبطولات النساء.
تصنيفات : قضايا و مقالات