يعود أصل مصطلح الرباط الذي ورد ذكره في قوله تعالى: “يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون” (آل عمران)، إلى قيام المجاهدين بربط خيولهم وتجهيزها استعداداً لأي وقت يدعوهم فيه داعي الجهاد فيسرعوا ملبين للدفاع عن ثغور الإسلام وحياضه، ويعضده في بيان فضله وضرورته في حياة المسلم المرابط وخاصة حول المسجد الأقصى المبارك حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم “رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه، وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله، وأجري عليه رزقه، وأمن الفتان”.
وانطلاقاً من معاني الرباط السابقة اعتاد أهل فلسطين على أن يكون من بينهم مرابطون بالمسجد الأقصى -منذ احتلاله في العام 1967- في أوقات مختلفة، وازدادت هذه الضرورة في السنوات الأخيرة إذا زاد حجم الاقتحامات وإقامة الصلوات التلمودية الطقوس الأخرى كافة تحت حماية الشرطة وعربدة المقتحمين.
وإن كان العلماء يعرفون الرباط بأنه حَبْس النفس بالإقامة في الثغور التي يخاف فيها هجمات العدو لتقوية المسلمين والدفاع عنهم، والأقصى يئن تحت الاحتلال؛ فلذا أصبح الرباط ومداومة الصلاة فيه باستمرار ضروريا حتى لا نتركه وحيدا، وأصبح رباطنا فيه أمرا ملحا بحيث لا يكون خاليا من رواده في أي ساعة على مدار اليوم والأسبوع والشهر والعام.
وما يدفع المرابط إلى شد الرحال من كل مناطق فلسطين إلى الرباط في المسجد الأقصى فضله ومضاعفة أجر العبادة فيه، سواء الصلاة أو تلاوة القرآن الكريم والأذكار والاعتكاف مع نية الصيام والإفطار في باحات المسجد، وفي خلال هذا الرباط والاعتكاف في المسجد الأقصى المبارك فإن هذا الأمر لا يروق لسلطات الاحتلال ولذلك فهي تمارس كل المضايقات الممكنة وغير الممكنة للتضييق على الناس دفعا لعدم الدخول للمسجد بالتفتيش المذل وحجز الهويات الشخصية ومنع الدخول، وأشدها إذلالا الاعتقال وتلفيق التهم والسجن لفترات متباعدة، أو المنع من دخول المسجد لفترات من أسبوع واحد إلى أسابيع وأشهر وربما يستمر الأمر لسنوات من خلال المنع لمرات عديدة، وأنا شخصيا مُنعت في خلال عام واحد عشرة أشهر على فترتين الأولى أربعة أشهر والثانية ستة أشهر، -ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم- مما يضطرنا إلى إقامة الصلوات على الأبواب حول المسجد، وربما هذا أيضا لا يروق لشرطة الاحتلال فيتم منعنا وإخراجنا خارج بوابات البلدة القديمة من القدس.
إلا أن كل هذه الإجراءات الاحتلال لا تفت في عضد محبي المسجد الأقصى المبارك والقدس، وسيبقى الأقصى منارة لنا في القدس نبذل الغالي والنفيس في سبيل الدفاع عنه لأنه العقيدة والقبلة الأولى الذي تشد إليه الرحال من كل صوب.
ولا يسعنا إلا أن ندعو الله بالفرج العاجل لأقصانا وقدسنا وسائر بلادنا وشعبنا الفلسطيني وشعوبنا العربية والإسلامية
تصنيفات : قضايا و مقالات