رمضان.. شهر الصيام والربا، أ.د. عبد الجبار سعيد
مارس 1, 2025
للمشاركة :
1

‏الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه والتابعين أما بعد

 فإن الله تبارك وتعالى أكرمنا بشهر رمضان وهو شهر يمثل حالة من النهوض والتغيير في واقع الأمة،  التغيير الجذري الذي يستند إلى القرآن الكريم، والذي تنزل في شهر رمضان المبارك. “شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان”.

 فكان هذا القرآن الكريم محور التغيير واقع الأمة، وانتقالها من التبعية إلى السيادة، ومن الفرقة إلى الوحدة، وبهذا القرآن الكريم أصبحت الأمة الإسلامية أمة من دون الناس، كما نصت على ذلك وثيقة المدينة.

 ولذلك يعد شهر رمضان في ثقافة أمتنا شهر حيوية وتغيير نحو الأحسن دائما، ومزيد من القرب من الله تبارك وتعالى والعبودية له، ومحطة للتزود بأكبر قدر ممكن من الروحانية والطاقة الإيمانية التي تشحن الإنسان المؤمن وروحه. ولعل من أهم علامات هذه الحيوية عند المؤمن في شهر رمضان أنه شهر الجهاد وشهر الفتوحات والانتصارات،  ولذلك وجدنا عدداً من المعارك التي خاضها الصحابة رضوان الله عليهم مع النبي صلى الله عليه وسلم وقعت في شهر رمضان المبارك، ومن ذلك غزوة بدر وهي غزوة الفرقان، وكذلك أيضا فتح مكة وهي معارك مفصلية في تاريخ الأمة الإسلامية.  وكذلك العديد من الغزوات مثل القادسية وعين جالوت .

وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على بركة هذا الشهر وعظمة ما يحدثه في النفوس، على خلاف وعكس ما يتبادر لدى كثير من المسلمين في هذه الأيام، أنه شهر كسل وضعف ونوم ودعة.

و لنا أن نتصور ميزة الجمع بين العبودية لله في رمضان والجهاد في سبيله من حيث عظم الأجر، ومن حيث قوة الارتباط بالله تبارك وتعالى والاعتماد عليه وإخلاص النية له سبحانه وتعالى.

‏ومن صور الجهاد وأبوابه في هذا الزمان: الرباط في الثغور، ومن أهم هذه الثغور أرض فلسطين المباركة، ومنها المسجد الأقصى المبارك. والرباط فيه والدفاع عنه في مواجهة الصهاينة ومحاولات التهديد والتهويد والعمل على تغيير طابع وهوية القدس والمسجد الأقصى .

وفلسطين كلها أرض رباط، وقد قال  صلى الله عليه وسلم: “رباط ليلة في سبيل الله خير من صيام شهر” . وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أهمية الرباط، فكيف بمن يجمع بين عبادة الرباط وعبادة الصيام في رمضان؟! إنها منزلة عظيمة تستحق أن نحرص عليها وأن نقبل على الله تبارك وتعالى في هذا الشهر الكريم،   ولا يغيب عن بالنا أن الرباط في المسجد الأقصى أو في أي من الثغور في مواجهة أعداء الله تبارك وتعالى إضافة إلى أنه جهاد، فهو أيضا اعتكاف في المسجد الأقصى المبارك وسهر وحراسة في سبيل الله تبارك وتعالى، وقد صدق رسولنا صلى الله عليه وسلم إذا قال:” عينان لا تمسهما النار: عين بكت من خشية الله وعين باتت تحرس في سبيل الله”.  نسأل الله تبارك وتعالى أن يعيننا جميعا على أن نحظى بشرف الجهاد والرباط والاعتكاف في سبيل الله والدفاع عن أرضنا ومقدساتنا، في مواجهة أعداء الله الصهاينة ونسأله تبارك وتعالى أن يرفع أجرنا بذلك في شهر رمضان، وأن يعيننا على أن نحسن استثمار هذا الشهر في هذه العبادات،  وأن يختم لنا بالشهادة في سبيله في ظلال المسجد الأقصى المبارك وعلى ثرى فلسطين.

 تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال وجعلنا وإياكم من عباده المجاهدين

تصنيفات :