إيّاك أن تساوم فالإسلام قادم!  أ.د. محمّد حافظ الشريدة
أبريل 28, 2025
للمشاركة :

الحمد للّه حمدًا كثيرًا طيّبًا مباركًا فيه كما أمر والصّلاة والسّلام على نبيّنا محمّد خير البشر من العرب والعجم والبربر أمّا بعد: فيقول اللّه عزّ وجلّ: ﴿وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ ٱلْغَٰلِبُونَ﴾ أي: سبق قضاء المليك المقتدر ﷻ الذي له وحده الخلق والأمر لعباد اللّه من المرسلين وكلّ من تبعهم بإحسان إلى يوم الدّين أنّ لهم الغلبة والتّمكين والفتح المبين والنّصر العظيم على أعدائهم من الكافرين تارة بقوّة السّلطان والسّنان وتارة بالحجّة والبيان! ومن المعلوم أيّها الأحبّة المباركون أنّ جند ربّ العالمين من المجاهدين هم الغالبون لأعدائهم المجرمين في أيّ مكان وحين وفي أيّ مقام ومجال باعتبار حسن العاقبة والمآل وهذه بشارة عظيمة من المولی الكبير المتعال لعباده النّشامى خيرة الرّجال والدّعاة الصّادقين الصّالحين المصلحين الميامين الأبطال بأنّ من كانت أحواله مستقيمة وسعی لتكون كلمة اللّه هي العليا وكلمة الذين كفروا هي السّفلى وليس لغرض دنيويّ أو الحصول على الغنيمة فإنّه غالب منصور وسعيه مبرور مشكور من ربّ رحيم غفور ﷻ والحقّ يقال معشر المؤمنين من الرّجال: إنّ هذا الوعد الصّادق بالنّصر والتّمكين لا يتعارض مع هزيمتهم أحيانًا كما حدث في موقعة أحد حين نزل الرّماة عن أشهر الجبال: لأنّ هذه الهزيمة المادّيّة هي من أنواع التّمحيص والابتلاء الذي قدّره فاطر الأرض والسّماء ليتميّز قويّ الإِيمان من غيره من الجبناء! ولا جرم أيّها الإخوة الفضلاء أنّ  النّصر في نهاية المطاف للعباد المؤمنين الصّادقين الصّابرين المصابرين المرابطين المتّقين وَالتّاريخ أكبر شاهد على ذلك معشر المسلمين! فقد فتحت مكّة المكرّمة ودخل العرب أجمعين في هذا الدّين بعد أن جاهد الصّادق الأمين ﷺ هو والصّحابة الكرام رضي اللّه عنهم أجمعين وانتصروا على أعداء اللّه الكافرين! قال الإمام ابن عاشور في تفسير قول اللّه تعالی: ﴿وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ﴾: (في هذه الآية الكريمة بشارة للمؤمنين فإنّ المؤمنين جند اللّه أي أنصاره لأنّهم نصروا دينه وتلقوا كلامه كما سمّوا بحزب اللّه في قول اللّه تعالی: {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} وقوله: ﴿لهُمُ الغالِبُونَ﴾ يشمل علوّهم على عدوّهم في مقام الحِجاج وفي ملاحم القتال في الدّنيا وعلوّهم عليهم في الآخرة كما قال تعالی: ﴿وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ إنّ معنى قوله تعالى: ﴿المَنصُورونَ﴾ أي: في أكثر الأحوال باعتبار العاقبة فلا ينافي أنّهم يُغلبون نادرًا ثمّ تكون لهم العاقبة)! وما دام ذلك كذلك فارفع رأسك أخي المرابط وإيّاك إيّاك أن تساوم فالإسلام وربّ البيت قادم وليكن معلومًا لديكم معشر الأحبّة الكرام أنّ الصّراع علی فلسطين درّة بلاد الشّام ليس صراع مياه وحدود بل صراع شريعة ووجود وقد استهانت (فصائل وطنيّة) مع الأسف الشّديد بعقيدة التّوحيد ونحّت الشّريعة الإسلاميّة عن ميادين الحياة اليوميّة وتبنّت العلمانيّة واليساريّة والقوميّة الرّأسماليّة.. نعم أخي المسلم! لن ننتصر علی الغاصبين ولن تعود أولی القبلتين طالما رفع الرّعاة أو الرّعيّة رايات جاهليّة! إنّنا نقولها بكلّ صدق وأريحيّة وبكلّ شجاعة أدبيّة: لن تتحرّر ديارنا الإسلاميّة إلا إذا أعلنتها الحكومات الإسلاميّة والعربيّة: إسلاميّة لا شرقيّة ولا غربيّة.. ونحن قوم أعزّنا ربّ البريّة بهذا الدّين ومهما ابتغينا العزّة بغيره أذلّنا أحكم الحاكمين. إنّ الذين يلهثون باستمرار ممّن يعشق الدّولار ويدور مع المال حيث دار.. لن ينالوا سوی المزيد من الخزي والعار والشّنار! إنّ أرض المحشر والمنشر إسلاميّة قبل الاحتلال وما بعده ومستحيل أن تتحرّر بغير دين اللّه العزيز المقتدر! لقد اندحرت جيوش الصّليبيّين علی يد السّلطان البطل صلاح الدّين في معركة حطّين ومعلوم يا قوم أنّ صلاح الدّين الأيّوبيّ ليس بفلسطينيّ ولا بعربيّ -ولكنّه مسلم كرديّ- حرّكته عقيدته فنادى في النّاس حيّ علی الفلاح حيّ علی الكفاح فلبّى المسلمون نداءه ثمّ أتوا زرافات ووحدانًا لتحرير أولى القبلتين وثاني مسجد بني في الأرض للمصلّين العابدين وثالث المسجدين الشّريفين وبعد ذلك انتصر الحقّ على الباطل في أمّ المعارك حطّين وتلا فم الزّمان أنشودة النّصر التي صيغت على لحن النّضال وقد وقف التّاريخ زاهيًا بهذا الانتصار ثمّ سجّله بمداد من أنوار على صحائف من قلوب الأبرار الأطهار! قال اللّه تعالی: ﴿يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾ وقال رسول اللّه ﷺ: {إنَّ اللَّهَ زَوَى لي الأرْضَ فَرَأَيْتُ مَشارِقَها ومَغارِبَها وإنَّ أُمَّتي سَيَبْلُغُ مُلْكُها ما زُوِيَ لي مِنْها وأُعْطِيتُ الكَنْزَيْنِ الأحْمَرَ والأبْيَضَ وإنِّي سَأَلْتُ رَبِّي لِأُمَّتي أنْ لا يُهْلِكَها بسَنَةٍ عامَّةٍ وأَنْ لا يُسَلِّطَ عليهم عَدُوًّا مِن سِوَى أنْفُسِهِمْ فَيَسْتَبِيحَ بَيْضَتَهُمْ وإنَّ رَبِّي قالَ: يا مُحَمَّدُ! إنِّي إذا قَضَيْتُ قَضاءً فإنَّه لا يُرَدُّ وإنِّي أعْطَيْتُكَ لِأُمَّتِكَ أنْ لا أُهْلِكَهُمْ بسَنَةٍ عامَّةٍ وأَنْ لا أُسَلِّطَ عليهم عَدُوًّا مِن سِوَى أنْفُسِهِمْ يَسْتَبِيحُ بَيْضَتَهُمْ ولَوِ اجْتَمَع عليهم مَن بأَقْطارِها حتَّى يَكونَ بَعْضُهُمْ يُهْلِكُ بَعْضًا ويَسْبِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا}! (رواه الإمام مسلم)!

تصنيفات :