
عبارة وردت بالنص في القرآن الكريم في موضعين اثنين:
- قال تعالى: {وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} (آل عمران:139).
- قال تعالى: { فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ} (محمد:35).
الأول في آل عمران وهي السورة التي سُميت باسم الأسرة المباركة المشتغلة بخدمة المسجد الأقصى المؤشر الأساسي لعلو الأمة، والذي ببركته علا قدر أسرة عمران فاصطفاهم الله تعالى كالأنبياء، والثانية في سورة الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم أو سورة القتال، في ارتباط واضح بين هذه الركائز الثلاثة الأساسية لعلو الأمة، فضلًا عن تحقق مفهوم الأمة بواقعية ومثالية، والركائز هي:
- خدمة المسجد الأقصى والدفاع عنه.
- الجهاد في سبيل الله تعالى.
- الاتباع الكامل لمنهج سيد الأنبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وسلم.
علو الأمة بهذه الركائز أقرب ما يكون من منازل العزة والكرامة، وأبعد شيء عن الوهن والتضعضع والانكسار، أما في الآية الأولى فلم يعلق العلو بشيء، والجملة الشرطية في ختام الآية دقيقة جدًا، صدرت بحرف الشرط {إنْ}، الحرف الذي يدل على ندرة تحقق شرطه أو استحالته، خلافًا للحرف {إذا} الذي لا يجوز لشرطه إلا أن يقع وأن يكون أكيدًا، وعليه فعلو الأمة غير مشروط بتحقق الإيمان في كل أفرادها، ودون تحصيل الإيمان في قلوب كل الأمة خرط القتاد، وهو الأمر الذي لم يكن في عصور الجلال والجمال الثلاثة الأولى، وعليه فإن وجود طائفة من الأمة مجاهدة مخلصة عاملة لتحقيق كرامة الأمة متبعة للنبي صلى الله عليه وسلم كاف لعلو الأمة وعدم وهنها.
لذا خلت الآية الثانية من الشرط برمته، ولم تكتف بتركه بل وأضافت مزيدًا من عوامل الطمأنينة للأمة فبينت أن الله تعالى معنا وأنه لن يترنا أعمالنا، أي لن ينقص العاملين المجاهدين المتبعين للنبي صلى الله عليه وسلم شيئًا من ثواب أعمالهم.
ومن لوازم أن هذه الأمة هي الأعلى ألا تستبدل بغيرها، وآيات الاستبدال جميعًا وردت على صيغة التهديد الذي لن يقع مضمونه كما في قوله تعالى: {إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (التوبة:39).
وقوله: { وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ } [محمد: 38]، وهو تهديد على طريقة قوله تعالى لحبيبه محمد صلى الله عليه وسلم: {ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين} [الزمر: 65]، وقوله تعالى: {ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين} [الحاقة: 45].
لأن الأمة معصومة من العذاب العام كالذي كان للأمم السالفة لذا فالأمة معصومة من التبديل، وإذا بدل بعضها فلن تبدل جميعا، وستبقى طائفة هي الأعلى لأنهم على الحق ظاهرين لعدوهم قاهرين ولن يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم.
تصنيفات : قضايا و مقالات