ضيف العدد، أ. ضحى انعيرات
سبتمبر 1, 2025
للمشاركة :
  1. من هي ضحى انعيرات؟

أريد أن أجيب بطريقتين:

  • الطريقة الأولى:

ضحى انعيرات، من بلدة ميثلون في قضاء جنين، هي أستاذة في كلية الشريعة بجامعة النجاح، وطالبة في كلية الدراسات العليا بتخصص ماجستير الفقه والتشريع. تخرجت الأولى على جامعة النجاح عام 2023-2024 في كلية الشريعة، تخصص الفقه والتشريع، مع مرتبة الشرف. هي حافظة لكتاب الله، وقد أتمت تثبيته في ملتقى القرآن الكريم بالجامعة، كما تشرف على إحدى حلقات الحفظ فيه.

  • الطريقة الثانية:

ضحى انعيرات، أمة الله التي تنتسب إليه، ومن دينه تستمد كل شيء. هي مستخلفة في أرضه، تريد أن تعمرها كما يريد، وتؤدي واجبها وتحصّل حقوقها كما أمرها. ميزانها شريعته؛ فمنها تعرف ترتيب المهم والأهم في شؤون حياتها كلها، صغيرها وكبيرها. تبحث عن الدليل والمرجع وتجعل تصرفاتها وسلوكياتها تنبثق عنه، وإن غاب عنها الدليل، تدرك أنه المباح فترجح الأقرب لقلبها وعقلها. تحب الاختلاف وتراه آية من آياته، وتجعل من نقاط التشابه منطلقًا لفهم الآخر. تحسّ بيد الله في كل ما في هذا الكون من أشياء وأحياء، وتجعل من قوله تعالى: “وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَىٰ تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ” شعارًا خالدًا، فتذكّر نفسها والجميع بكل ما فيه نفع في الدنيا والآخرة، راجية من الله أن يسدّدها ويتقبل سعيها.

ضحى تلميذة سيد قطب صاحب تفسير “في ظلال القرآن”، تربّت على فهمه الحركي الواقعي لآيات كتاب الله، فغيّر في نفسها، وبنى فكرها، ورسم معالم شخصيتها، وأثر في كل كيانها.

ضحى ترجو أن يكون لها من اسمها نصيب، فتكون كوقت الضحى تأتي على كل زاوية مظلمة في كل نفس، فتمنحها نورًا ودفئًا وأمانًا. وترجو أن تكون كسورة الضحى، إذ تسكب الرضا والطمأنينة في قلب النبي صلى الله عليه وسلم، فتكون كذلك لمن يجالسها أو يذكرها. وأن تكون كموعد الضحى بين سيدنا موسى والسحرة، فتجلو الظلم والقهر، وتبصّر مواقع الحق وتتبين الدليل. وأن تكون كصلاة الضحى، يُؤتى إليها بشوق وحب ورغبة دائمة في الإياب، وتكون بركة وسببًا لتحصيل الأجور بترك أثر حقيقي ولو في نفس واحدة.


2. كيف كانت تجربتك في كلية الشريعة، ولماذا اخترتِ هذا التخصص تحديدًا؟

الحمد لله، مرت تجربتي بفيض من الرحمة والكرم واللطف الإلهي الكبير، وفقني الله لسعي -أحسبه- متقن فيها، إذ إن لسان حالي هو لسان حال المؤمنين: {وَٱلَّذِينَ يُؤۡتُونَ مَآ ءَاتَواْ وَّقُلُوبُهُمۡ وَجِلَةٌ أَنَّهُمۡ إِلَىٰ رَبِّهِمۡ رَٰجِعُونَ}.

درسني أساتذة ودكاترة كان شعارهم:

“أنتَ نشءٌ وكلامي شُعَلٌ

علَّ شَدْوِي مُضْرِمٌ فيكَ حَريقَا

ليسَ في قلبيَ إلا أن أرى

قطرةً فيكَ غَدَتْ بحرًا عميقَا”

وأخص بالذكر من كان كذلك وأكثر: مرشدي دكتوري الأنموذج والقدوة الملهم بإتقانه وعطائه المخلص في محاضراته: د. صايل أمارة، الذي منحني حرية جعلتني أبدع وأبذل كل ما بوسعي وطاقتي، ووهبني فرصًا ووقتًا لا يقدر بثمن، أغدق علي فيه نصائح وتوجيهات وإشارات، فزادت معرفتي وتوسع أفقي.

فأسأل الله أن يجزيه عني خيرًا ويضاعف له الأجور والعطايا، هو وكل من علمني حرفًا وأخلص به وأتقن، وكان له الأثر الحقيقي!

وفيما يتعلق باختيار التخصص، فمن المعلوم أن الاختيار يرتكز على ركيزتين أساسيتين: الأولى الكفاءة، والثانية الرغبة والميول.

وبفضل الله كانت الركيزة الأولى متوفرة؛ إذ إنني كنت متفوقة طوال سنواتي الدراسية، أحصد المركز الأول على صفي وعلى مدرستي، بمعدلات ما بين 98.3-99.4، وأنهيت الثانوية العامة في الفرع العلمي بمعدل 97.4. أما الميول والرغبة، فقد كان لرحلتي في حفظ كتاب الله -والتي امتدت لخمس سنوات وانتهت في الثانوية العامة- الدور الأكبر؛ إذ احتجت خلال حفظي أن أفهم الآيات والمناسبات بينها لأتمكن من حفظها، فاقترح والدي –أسأل الله أن يكتب أجره- أن أقرأ تفسير “في ظلال القرآن” لسيد قطب، وبالفعل كان خير مصدر مُعين. ومع ميلي لسماع قصص إسلام المسلمين الجدد -فقد كنت أتابع برنامج “بالقرآن اهتديت” وكذلك مقاطع د. ذاكر نايك- تكونت عندي رغبة في أن أخدم ديني خدمة قائمة على أساس الدراسة العلمية المتخصصة، والفكر العلمي الرصين، والمنهج القريب المؤثر. فالتحقت بكلية الشريعة في جامعة النجاح، وبعد طول نظر في التخصصات الثلاثة وموادها ومحتواها، اخترت تخصص الفقه والتشريع.


3. ما السر وراء هذا التفوق الأكاديمي، وهل كنت تتوقعين الحصول على المرتبة الأولى على الجامعة؟

بدايةً أقول ما قاله الله على لسان نبينا شعيب عليه السلام: {وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ ۚ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}. تفضل علي ووهبني قدرات، ووفقني لتطويرها وامتلاك الكثير، وأدركت مؤخرًا أني أتبع طرق دراسة فعالة وأساليب مثبتة علميًا من غير حول مني ولا قوة. فمنذ نعومة أظفاري وأنا أنظم وأرتب أموري كافة، ولدي انضباط والتزام عالي المستوى، مع حب وشغف للعلم والدراسة. حتى أني أذكر نفسي يوم كنت في عمر السادسة والسابعة، فور وصولي البيت يوم الخميس، أدرس وأحضر للأسبوع التالي وأؤجل اللعب، على غير عادة من هم في مثل عمري. وانتبهت منذ وقت مبكر لوقت الذروة الخاص بي، فخصصته للمهمات الكبيرة، ولا أمل من الاستغراق فيه بما أحب.

بدأت حفظ القرآن في عمر الثانية عشر بشكل منتظم، فكان نقطة التحول في حياتي وسببًا في كل خير.

وبالتأكيد كان لمحيطي دور كبير، ممثلًا بـ:

عائلتي: أمي وأبي اللذين اجتهدا في صناعة روتين ثابت لنا وحمايته، وأختي الكبرى سجى معلمتي الأولى التي اعتنت بي ومهدت لي الطريق وهيأتني لكل ما هو آتٍ، جنى أختي رفيقة اللحظات في الأزمات والفتور والإنجاز، ومساعدتي الأولى في حل ما أعاني، تلبّي ما أريد حينًا وتبادر من نفسها أحيانًا أخرى، أخي عمر الحنون السند، رغم أني أكبره بأربع سنوات، لكني أشعر بالعكس، هو مستشاري الجميل ومساعدي فيما أحتاج ومضيفي الدائم، محمد حبيب القلب ومنظم قائمة المهام الخاصة بي حينما تتجاوز المهمات الصفحة، فيرشدني للأولويات لحظة فتوري وتعبي، ويكرر عبارته الشهيرة: “تفكرّيش بلشي اشتغلي” ويدهشني كل مرة، وكأني أحادث شخصًا أكبر من عمره بكثير.

كذلك بيئة المدرسة والجامعة، والكلمات الداعمة والتذكيرات المهمة التي تتكرر على مسامعي من معلماتي ودكاترتي الحقيقيين، والمسجد وأجواؤه الإيمانية، وصديقاتي المخلصات، ومن أتابعهم على مواقع التواصل الاجتماعي، وكل نظرة داعمة، وكل ابتسامة حقيقية، وكل تربيتة صادقة، وكل دعوة خالصة.

أيضًا اجتهدت أن أعدّد معانيّ، أي لم أضع كل جهدي وتركيزي في دراستي الأكاديمية في كليتي فقط، فالتحقت بملتقى القرآن الكريم فور تسجيلي بالجامعة وأتممت تثبيت القرآن حسب النظام المعتمد، وكذلك التحقت بكلية الشرف وتميزت فيها، واستمررت في القراءة، وتطوير مواهبي.

وعن توقعي الحصول على المرتبة الأولى على الجامعة، نعم بفضل الله توقعت تحقيق هذه المرتبة، لكن الحقيقة أني لم أضعها هدفًا عند دخولي الجامعة. كان هدفي الأساسي القيام بدوري وواجبي بوصف كوني مسلمة ابتداءً، وطالبة علم ثانيًا، وشرعية ثالثًا. ودائمًا ما أردد:

“مني اجتهاد وسعي في مناكبها           ومنك يا ربّ توفيق وتيسير”


4. ما هي أبرز النصائح التي تقدمينها للطلاب الجدد، خاصة في كلية الشريعة، ليحققوا التميز؟

هناك جانبان يتوجب علينا العمل عليهما وتطويرهما:

الجانب الأول: الجانب النظري

وهو يشكل الأساس والدافع للجانب العملي، ويشمل هذا الجانب تعاليم ديننا الحنيف الذي نستقي منه تصورنا عن الحياة والمبادئ والقيم، والذي يحثنا على استغلال الوقت وتنظيمه. والذي لو نظرنا لأسرار شرائعه وجوهر أوامره ونواهيه، وكيفية تشريعها وطريقة تعامل الإله الخبير مع هذه النفس، لأغنانا عن الكثير.

لكن بشكل عام:

  • فهم أن الحياة كلها كبد وتعب {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ} (البلد: 4)، وتعب الدراسة جزء منه.
  • وعي أن كل حركة وكل نشاط وكل عمل وكل انفعال هو عبادة لله تعالى، فديننا متكامل متداخل فيه من الثنائية والازدواج والسعة الكثير.
  • فقه أن المطلوب من المسلم السعي وبذل الأسباب بإحسان وإتقان، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “إنَّ اللَّهَ كَتَبَ الإحْسَانَ علَى كُلِّ شيءٍ”. أما ما يتعلق بالنتائج فليس له من الأمر شيء، فهذه الدنيا دار ابتلاء لا دار جزاء؛ لذا نجد الآيات في هذا السياق متضافرة كثيرة: {وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (البقرة: 216)، وفي سياق ذكر نعيم أهل الجنة قال: {إِنَّ هَٰذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُورًا} (الإنسان: 22)، سعيكم لا نتائجكم.
  • وبعد هذا السعي وبذل الأسباب يأتي التوكل على الله بالاعتماد عليه وتسليم زمام الأمور إليه، فإن الواحد منا إذا وعده مسؤول أو متقن لعمله بإنفاذ ما يريد، وثق به واطمأن وتوقف عن التفكير، فكيف إذا سلم كل أموره إلى مالك كل شيء والمتصرف فيه؟ {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ ۚ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا} (الطلاق: 3).
  • العمل على تقدير كل نعمة، وعيش كل لحظة، وعدم التعامل مع تجربة الحياة الجامعية كطريق ينبغي أن نتخطاه ونقطعه كي نصل لوجهة، بل كرحلة ودرب نقف على كل ما فيه بنضج وإدراك واختيار ورضا وامتنان.
  • توطين النفس على الرضا بقضاء الله، والتسليم لقدره، بحسن الظن به ودوام الاتصال به.
  • الذكر الدائم لله تعالى والصلاة على نبيه الكريم يورث طمأنينة وسكينة وقوة وتوفيقًا، فقد جاء في الحديث القدسي: “وأنا معهُ إذا ذَكَرَنِي”، وقال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} (الرعد: 28).

الجانب الثاني: الجانب العملي

  • اتباع طريقة S.M.A.R.T goals عند وضع الأهداف القريبة، أي أن يكون الهدف:
    • محددًا (Specific).
    • قابلًا للقياس (Measurable).
    • قابلًا للتحقيق مع معرفة الكيفية (Achievable).
    • واقعيًا (Realistic).
    • محددًا بمدة زمنية (Time-related).

مثاله: أخطط أن أدرس من مادة (س) 50 صفحة خلال 4 ساعات.

  • ممارسة الاستذكار الفعال/التسميع: وهو عملية استدعاء المعلومات بعد حفظها وفهمها؛ فالدماغ لا يحفظ من خلال إدخال المعلومات إليه، بل باستخراجها منه. وكلما تم بذل جهد أكبر باستخراجها، زادت متانة الحفظ. لذا هي الطريقة الأساسية المعتمدة لدى دور ومؤسسات تحفيظ القرآن الكريم.
  • المراجعة المتباعدة: حيث أثبت علميًا أن الإنسان ينسى قدرًا كبيرًا مما يتعلمه بعد مضي أربع وعشرين ساعة، لذا لا بد من مراجعة المحفوظ في اليوم الأول بعد الحفظ، ثم في اليوم الثالث، ثم في اليوم السادس، ثم في العاشر، وهكذا، مع الإشارة إلى حصول الإنجاز المضاعف، بمعنى ما احتاج عند مراجعته لأول مرة إلى ساعتين من الوقت، فإنه سيستغرق ساعة واحدة مع المراجعة المنتظمة.
  • ومن الكيفيات المهمة في المراجعة: حل الأسئلة، ويستحسن لو كانت من أسئلة الامتحانات في السنوات السابقة. ومن هذا المنطلق أنشأت قناة على منصة (تليغرام) فيها أسئلة سنوات لكثير من مواد كلية الشريعة، أسأل الله أن ينفعهم بها، وهذا رابطها: https://t.me/shasiellasanawatd
  • وقبل كل ذلك، على الطالب أن يعرف نفسه وأي نوع من المتعلمين هو، فهناك من يميل للتعلم البصري بالمرئيات والصور والخرائط الذهنية، وهناك من يميل للتعلم السمعي، وهناك من يميل للتعلم الفيزيائي.
  • ما الأوقات التي يكون فيها تركيزه بأعلى مستوياته؟ كم ساعة يستطيع خلال اليوم أن يدرس فيها دون شاغل أو مشتت بتركيز عالٍ إلى متوسط؟ -فإن كانت قليلة عليه العمل على زيادتها بالتدريج-.
  • وفيما يتعلق بالجامعة: أنبه على أهمية الالتزام بحضور المحاضرات وكتابة أهم الملاحظات، والمشاركة الفاعلة فيها، فلا يكون الطالب مجرد متلقٍ ومستمع، ومن ثم تكرار هذه المعلومات. ولعل النقطة الأهم هي إعادة تنشيط المعرفة السابقة من خلال الاستمرار في مراجعتها.

5. كيف توفقين بين الجانب الأكاديمي والتحصيل العلمي وبين الجانب الدعوي والعمل من أجل نشر رسالة الإسلام؟

بتنظيم وقتي، والتوكل على الله في أن يسددني ويبارك لي في وقتي وجهدي ويلهمني. وأشير إلى أن الجانب الدعوي تلقائي عندي، أي أني أنظر لتجربتي؛ إيمانًا مني أن الإخلاص والأثر يكون بكل ما هو حقيقي وصادق ومُعاش. فأتوقف عند نقاط التحول فيها وأتحسس الأسباب التي تقف وراءها، منها ما هو تراكمي، ومنها ما هو بفعل كتاب، أو نص، أو مقطع، وأسعى لمشاركتها لعلي أؤثر ولو بنفس واحدة. وبما أن مواقع التواصل الاجتماعي اليوم تلعب دورًا هامًا على كافة الأصعدة وفي مختلف الميادين، وتمثل مصادر مقروءة ومسموعة ومرئية لمدخلات كثيرة، ومع كثرة التعرض لها ومتابعتها توفر محيطًا تتكرر به هذه المدخلات، ولما كانت القاعدة “ما تكرر تقرر”، ومن باب فقه الموازنات، وانطلاقًا من واجبي ومسؤوليتي، قررت أن تكون هذه المواقع منبري ووسيلتي لأداء أمانة الدعوة وتزكية ما عندي. فبحمد الله، أشارك باستمرار نصوصًا أثرت في شخصيًا وألهمتني، وأعددت مقطعين قمت بمشاركتهما على صفحاتي على منصتي “فيسبوك” و”إنستغرام”. الأول عن العلاقة بالله والدعاء؛ استلهامًا من نهج الأنبياء والصالحين في القرآن، والذي يبين أن الاتصال بالله والحديث معه لا يقتصر على الدعاء بمعنى الطلب فقط، والذي يختزل هذه العلاقة السامية الضرورية بـ: عبد يطلب وإله ينفذ! بل إن الحديث مع الله يكون لوصف الحال، للامتنان، لبث الشكوى، وفي كل الأحوال والشؤون. وأهمية هذا وآثاره تتجلى في معرفة كل إنسان لنفسه، معرفة حقة تحتم عليه تربيتها وتهذيبها باتخاذ الله العليم اللطيف الخبير شاهدًا ومعينًا. وثاني هذه المقاطع عن الذكر وأهمية ملازمته في كل حين وآن، وآثاره التي لا حد لها من الوهاب الكريم الغفار.


6. ما هو الدور الذي ترينه لخريج كلية الشريعة في المجتمع، وكيف يمكنه أن يحدث تغييرًا إيجابيًا؟

خريج كلية الشريعة هو مبلغ للعلم الشرعي، وهذا التبليغ مهمة عظيمة وجليلة تتطلب أن يكون المبلغ على قدر المسؤولية في كل مكان ومنصب يشغله، بإتقانه وإحسانه وإخلاصه، سواء كان معلمًا أو باحثًا أو محاميًا أو قاضيًا أو خطيبًا أو إمامًا أو واعظًا. فيتابع التحصيل المعرفي والعلمي من جهة، ويزكي نفسه وروحه من جهة أخرى على الدوام.

وعليه أن يعرف نفسه ويفرغها لما تتقن، حتى يصل لدرجة كماله الخاصة التي هيأه الله لها، فيسهم بإيجابية وفاعلية في عمارة الأرض وتسيير الحياة وفق منهج الله.


7. إذا أتيحت لكِ الفرصة، في أي مجال ترغبين في المساهمة لخدمة المجتمع الفلسطيني والعالم الإسلامي؟

أرغب في المساهمة في مجال صناعة المحتوى الهادف الذي يترك أثرًا حقيقيًا في كل نفس، ومجال إنتاج الأبحاث العلمية النافعة، والاستمرار في مجال التدريس الأكاديمي، فأكون أستاذة متقنة لعملي ومخلصة لخالقي، وملهمة، أضع خلاصة تجاربي بين يدي طلابي، وأخرج أحسن وأفضل ما فيهم، وأرضي ربي وحبيبنا معلمنا الأول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عني.


8. ما هي الرسالة التي توجهينها للشابة الفلسطينية بشكل خاص، لتكون مؤثرة في مجتمعها؟

في ظل ما نعيشه اليوم، دورنا الأكبر هو الرباط في هذه البلاد، ويتعاظم هذا الدور بينما يدفع أهلنا في غزة –شركاؤنا في الدين والدم والأرض- جل الفاتورة. ولتكن نساء غزة الثابتات الصابرات المضحيات خير قدوة لنا.

ولما كانت مشاكلنا الكبيرة هي ذاتها مشاكلنا الكبيرة كما يقول المفكر مالك بن نبي، فإنه يتحتم علينا تربية أنفسنا وتهذيبها، وتهيئتها مستقبلًا لتربية جيل صالح مصلح يحمل هم عقيدته وأمته ولا يتوانى عن خدمتهما.

علينا أن نحيط أنفسنا بكل خير ونفع، وننتبه لكل من نجالس ونكلم -من نتابع على مواقع التواصل الاجتماعي على سبيل المثال-. ولا خير ولا أفضل من أن نحيط أنفسنا بالقرآن حفظًا ومراجعة؛ فهما في جوهرهما تكرار، والتكرار شأنه عظيم وأثره في النفس عميق، من وجهين: أولهما: أنه إحاطة بالآيات من خلال قراءتها وسماعها، وما يتكرر استحضاره واستذكاره خلال اليوم يتقرر أثره في القلب ويمتد. وثانيهما: أنه يفتح الأسرار والمعاني؛ فإن الواحد منا يقرأ الآية أو السورة، يمر عليها ولا تؤثر فيه بشيء، لكن مع تكرارها، يشرق في قلبه نور معانيها، ويدرك عقله توجيهاتها، ويهتدي لعوالمها، وتصنع في حياته صنع المعجزة في تحويلها من منهج إلى منهج، ومن طريق إلى طريق.


9. هل تشجعين الطلبة على الالتحاق بكلية الشريعة ولماذا؟

بدايةً، أبارك لهم نجاحهم وإنهاءهم هذه المرحلة، وأشجع من يمتلك منهم القدرات الكافية والرغبة في التخصص في العلم الشرعي على الالتحاق بكلية الشريعة، داعية الله لهم بالتوفيق والسداد!

وأذكرهم بتوفير كلية الشريعة في جامعة النجاح منحة كاملة للحاصلين على معدل 90% فأعلى، ونصف منحة للحاصلين على معدل 80% فأعلى.

أما عن جواب (لماذا)، فلأن كل إنسان يستحق أن يكون في مكان يشبهه ويريده بحق، وإن توفرت الركيزتان السابقتان فلمَ لا؟! وأيضًا بسبب الاحتياج الكبير للتخصصات المتعلقة بالدراسات الإنسانية والاجتماعية؛ إذ إن هذه العلوم أوصل بالمجتمع وأكثر تأثيرًا فيه، وعلى رأسها بالطبع علوم الشريعة.

تصنيفات :