
القدس.. قلب التاريخ وروح الأمة
القدس ليست مجرد مدينة كباقي المدن، بل هي قلب التاريخ وروح الأمة. فيها اجتمع نور النبوات، وكانت معراجًا للأنبياء، وجعلها الله أرضًا مباركة حولها. ولذلك فإن الثبات فيها ليس عملاً فرديًا عابرًا، بل هو رسالة أمة وواجب حضاري وديني وأخلاقي.
واقع المقدسيين تحت الاحتلال
اليوم يعيش أهل القدس في ظروف بالغة الصعوبة، حيث يسعى الاحتلال إلى طمس الهوية، وفرض روايته المزورة، وتغيير معالم المدينة المقدسة عبر التهويد والاستيطان.
ورغم كل ذلك، يضرب المقدسيون أروع الأمثلة في الصمود والمرابطة؛ فهم حراس المسجد الأقصى، ودرع الأمة المتقدم في مواجهة المخططات. إن وجودهم في بيوتهم، وتمسكهم بعقاراتهم، وإصرارهم على البقاء رغم التضييق، يعد شكلاً من أشكال الجهاد والمقاومة.
المرابطة.. دفاع عن العقيدة والهوية
إن المرابطة في القدس ليست دفاعًا عن الحجر والشجر فحسب، بل هي دفاع عن العقيدة والهوية والتاريخ. فالمقدسي حين يدفع الضرائب الباهظة المفروضة عليه ظلمًا، أو يقف في وجه محاولات الهدم والإخلاء، فإنه يعلن تمسكه بحقه الشرعي والتاريخي.
هذا الحق لم تمنحه قوة بشرية، بل هو حق موثق بالقرآن الكريم، إذ قال الله تعالى: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ﴾. وهذا وحده كافٍ لإثبات أن الأرض لنا، وأنها أمانة في أعناق المسلمين.
رسالة الصمود إلى العالم
إن صمود المرابطين في القدس يبعث برسالة قوية إلى العالم كله: هذه أرض لا تقبل التنازل ولا البيع ولا المقايضة. ورغم كل الضغوط، ما زال المقدسيون يفتحون متاجرهم، ويؤدون الصلوات في الأقصى، ويعلمون أبناءهم حب الأرض والهوية، لتنتقل الأمانة من جيل إلى جيل.
إنهم المرابطون على الثغور، الذين يمثلون خط الدفاع الأول عن كرامة الأمة بأسرها.
واجب الأمة تجاه القدس
لكن الواجب لا يقع على المقدسيين وحدهم، فالأمة كلها مطالبة بالوقوف خلفهم، ماديًا ومعنويًا وإعلاميًا. فالثبات في القدس يحتاج إلى دعم متواصل، وإلى وعي جماهيري يرفض كل أشكال التطبيع والتنازل.
ومن المؤسف أن الاحتلال يراهن على نسيان الشعوب للقضية، لكن حضور المقدسيين في الميدان يفضح زيف تلك الرهانات، ويجدد الذاكرة بأن القدس كانت وستبقى عربية إسلامية.
القدس قدر ومسؤولية
وفي النهاية، فإن الثبات في القدس ليس خيارًا، بل هو قدر تاريخي، ومسؤولية شرعية، وحق لا يسقط بالتقادم. كل حجر في المدينة يشهد على عروبتها، وكل صلاة في المسجد الأقصى تؤكد قدسيتها. وسيبقى المرابطون فيها، رغم الألم والمعاناة، رمزًا للصمود والتحدي، وأصحاب حق لا يمكن أن يُنتزع منهم مهما طال الليل أو اشتد البلاء.
تصنيفات : قضايا و مقالات