مراكز التحفيظ في الضفة الغربية
إعداد: نواف العامر
على غير ما اعتاد عليه الناس من اعتمادهم على شركات الكهرباء ومحطات التوليد طلبا للإضاءة واستخدماتهم اليومية تنتشر في أرجاء الضفة الغربية محطات إشعاع من نوع آخر مصدرها مدارس ومراكز تحفيظ القرآن الكريم التي تشرف عليها وزارة الأوقاف الفلسطينية.
أشجار مثمرة.
وكشفت الأستاذة بيسان عارف مديرة عام التحفيظ في وزارة الأوقاف الفلسطينية عن العدد الإجمالي لمراكز تحفيظ القرآن بالضفة الغربية، وقالت إن العدد الإجمالي لها سجل 1300 مركز، منها 300 مركز للذكور و1000 مركز للإناث، بعدد طلاب إجماله 27464 طالبا وطالبة.
وتقول عارف إن الإدارة العامة للتحفيظ تبذل جهدها لإنجاز البرامج وتفصيلاتها على مدار السنة، وتعقد امتحانين سنويا في شهري شباط وآب، وتعقد في الوقت ذاته امتحان التجويد على ثلاث مراحل ودورة أخرى متقدمة.
وتمنح شهادات للمتقدمين الناجحين باعتبارهم مؤهلين للتدريس، يحملون إجازة برواية حفص عن عاصم الشاطبية، وفق الأستاذة عارف.
وتفصل الأستاذة عارف آليات الترشيحات من مديريات أوقاف الضفة لمن يملك القدرة والتأهيل وأكفأ الحفظة للمشاركة بتصفيات تعقدها الوزارة لثلاثين طالبا وطالبة، تشرف على امتحانهم لجنة مؤهلة وكفؤة وذوو خبرة منهم الشيخ سعيد القلقيلي والدكتور محمود مهنا والدكتور تقي الدين الخليلي والشيخ عمار الجيوسي.
تأهيل وحضور دولي.
الخبراء من ذوي الكفاءة يمتحنون الطلبة بمواقع مختلفة من النصوص القرآنية من بينها الآية المتشابهة، وينال الفائزون من الجنسين الترشح للمسابقات المحلية والعالمية، تؤكد الأستاذة عارف.
وتصنف فلسطين باعتبارها واحدة من أبرز الدول التي تحصد الجوائز الدولية في المسابقات القرآنية عالميا، وقد حصدت على المركز الأول عالميا على مستوى 77 دولة، وأشهر الفائزين الحافظة هديل جبارة من ترمسعيا شمال رام الله، وحصدت الدرجة الثانية في مسابقة ماليزيا بين 50 دولة، إضافة لإعداد غيرها مثل: أسيل ملاح وسعيد قلقيلي، وهو ما أكدته المديرة بيسان عارف.
ولم تقف مرحلة حصد الجوائز الدولية إلى هذا الحد كما تقول عارف، فقد أبدع طلبة فلسطين من حفاظ القرآن المشاركين في مسابقة دبي للذكور، ويملكون القدرة على المنافسة العالية، ويتهيأون للمشاركة في الفترة الواقعة بين 1-14 رمضان القادم والتجهز لحصد المزيد، ومنهم الحافظ آدم من بلدة قراوة بني حسان قرب سلفيت.
وعن الحضور الدولي لحفظة القرآن الكريم تواصل بيسان عارف كشف المزيد وتقول إن الفلسطيني يستعد للمشاركة في مسابقة التبيان في واشنطن العاصمة الأمريكية، وهي مشاركة للمرة الأولى فلسطينيا، وتم ترشيح من يستحقون، ولكن بشرط حمل الجنسية الأمريكية.
وتؤكد عارف أن طلبة حفط القرآن من الجنسين يميزهم الكثير من الحضور والنباهة، ومنها أنهم من النجباء في مدارسهم في شتى المواد التعليمية المقررة في مناهج وزارة التربية .
ماذا عن نابلس؟
مدير أوقاف نابلس الأستاذ محمد جهاد الكيلاني فتح لنا قلبه وملفات التحفيط القرآني في محافظة نابلس، وقال إنها تتميز عن غيرها من المحافظات بإبداع المدارس القرآنية الثلاثة عشر في المدينة ومخيماتها وريفها الممتد.
ويسترسل الكيلاني محدثا: خصصت المديرية قسما للتحفيظ فيها، وهي تشرف بشكل عام على مراكز التحفيظ والمدارس، وتعتبر المرجعية والحاضنة والمظلة الرسمية لمراكز التحفيظ التابعة للجان الزكاة.
وتعتبر مديرية نابلس وفق المدير الكيلاني مركزا لفحص المتقدمين من شمال الضفة الغربية في إجازات التحفيظ والامتحانات الكبرى، والتي تعقد بنابلس مرتين كل عام بمعدل ستة شهور تفصل بين الاختبار والآخر.
ماهية المدارس القرآنية.
وتميزت نابلس -حسب الكيلاني- بظاهرة المدارس القرآنية التي أنشئت من بلدة اللبن الشرقية جنوبا إلى عصيرة الشمالية شمالا، ويقول إنها ليست بديلا عن مراكز التحفيظ المنتشرة في الوطن، وتعتبر الرافد الأساس للمدارس القرآنية.
وارتأت مديرية أوقاف نابلس البدء بمنهجية جديدة لتحفيظ القرآن الكريم، وهي احتضان المدارس القرآنية، ومنح الفرصة للحفظ بوقت وجهد أقل، على أن تتم مراعاة الفروق الفردية بين الطلبة الذين يتم فرزهم في صفوف وفق قدراتهم.
ويلفت الكيلاني إلى أن مراكز الطالبات عددها كما يتضح من خلال الاحصائيات أكثر من الذكور بضعفين، حيث إن عدد المراكز الخاصة بالإناث في محافظة نابلس بلغ 120 مركزا يقابلها 65 مركزا للذكور ، يشرف على تحفيظهم ومتابعتهم حوالي 500 بين محفظ ومشرف من الجنسين، منهم من يعمل بمكافأة من الأوقاف، وآخرون يعملون حسبة لوجه الله تعالى ودعما لحفظ القرآن وتعليمه.
وتحتضن مراكز نابلس ومدارسها وفق الإحصائيات التي أظهرها مدير أوقاف نابلس الكيلاني 1200 طالب، وضعفهم من الإناث بواقع 2500 طالبة.
وعن التدريس في المدارس القرآنية وجنس الحفظة يقول الكيلاني:” إنها ليست مختلطة بحال من الأحوال، وأعددنا لها لوائح خاصة، وزيا رسميا وخلافه مما يميزها، ومثالها مدرسة عبد الله بن مسعود في مسجد رفيديا القديم وابن الجزري في بلدة اللبن الشرقية وبلال بن رباح، ودار البر والإيمان في المساكن الشعبية وغيرها”.
مدرسة ابن الجزري نموذجا .
الشيخ عبد الناصر النوباني ” أبو دجانة ” مدير مدرسة ابن الجزري أبلغنا أن المركز حديث عهد لكن خلفيته دار القرآن ومركز التحفيظ في البلدة على فترات سابقة مثلت الحاضنة للمدرسة .
ويضيف النوباني: الالتزام بالتحفيظ في المركز بداية من العام 2015 دون انقطاع، وكانت البداية الأولى له عام 2000، وكله حسبة لوجه الله تعالى تطوعا، ثم العام 2015 -2020 حتى انطلقت فكرة المدارس القرآنية بمبادرة من الشيخ جهاد العجوة على غرار المدراس الحكومية بغرف صفية يقدم فيها التحفيظ والتجويد وعلوم القرآن وبعض أحكام الصلاة والفقهيات الأولية.
وعن بداية المدرسة في اللبن يوضح الشيخ النوباني أنها كانت طابقا غير معمور جرى تشطيبه وإعماره على نفقة أهل الخير والمحسنين وتطور لغرف وطاولات وشاشات وأثاث وتكنولوجيا وغرفة رياضية ومكتب ومكتبة وغرف صفية أربعة مكيفة صيفا وشتاء، ويرتدي الطلبة البالغ عددهم 140 طالبا لباسا خاصا يحمل اسم المدرسة مع حقيبة خاصة بهم.
وكانت عملية التحفيظ القرآني تعطلت لعام ونصف العام بسبب جائحة كورونا، وعادت الحياة والتدريس بعد الافتتاح الرسمي بمشاركة وكيل الوزارة وأركانها ومديرية نابلس.
ويتلقى الطلبة التحفيظ على أيدي 6-8 محفظين ومشرفين ثلاثة أيام في الأسبوع، ويومين للتجويد وآداب القرآن الكريم، بينما ينالون جوائر تشجيعية وترضية ورحلات استكشافية على نفقة أهل الخير.
ويتعامل المحفظ والمشرف مع الطلبة بلين دون قسوة، ورفق دون شدة بهدف تثبيتهم ومتابعتهم تلقي العلوم القرآنية، يقول النوباني.
وما يثلج الصدر وفق ما يكشفه الشيخ النوباني حول التحفيظ عن بعد عبر الوسائل التكنولوجية والتقنية لعدد من الطلاب من قرى بعيدة عن اللبن، مثل: قرى جماعين وزيتا جماعين الذين تمكنوا من حفظ ثمانية أجزاء خلال سبعة شهور، كما تقوم المدرسة بزيارات منزلية لهم، فيما يزورون المدرسة مع ذويهم لمراجعة ما يحفظون.
ويتهيأ الشيخ النوباني لاستقبال طلبة القرآن من قرية عمورية المجاورة، وتأمين مواصلاتهم على نفقة أهل الخير، وخيركم من تعلم القرآن وعلمه.
مراكز رام الله والبيرة وغراسها.
وتفصح نهى مزاحم رئيسة قسم القرآن بمديرية أوقاف رام الله والبيرة بوسط الضفة الغربية عن عدد المراكز في المحافظة، والبالغ عددها 164 مركزا منها 119، للإناث و45 للذكور.
وتتابع مزاحم قائلة : تستقبل مراكز المحافظة 2065 طالبا، منها 2005 من الإناث، و620 من الذكور، في تميز واضح للاهتمام المجتمعي بتحفيظ الإناث، يشرف عليهم 164 مدرسا ومشرفا من الجنسين.
وحول التحفيظ تطوعا وحسبة لله تعالى قالت نهى مزاحم أن 46 من الإناث و4 من الذكور يعملون بالإكراميات مقابل 114 يعملون حسبة لله تعالى 73 من الإناث و41 من الذكور.
وحسب مزاحم فقد أصدرت المديرية 2000 شهادة السنة الماضية لمن يحفظون أجزاء متفاوتة من القرآن منهم 1500 للإناث على مستوى المحافظة.
مراكز حراء ظاهرة إبداعية.
ويعتبر مركز حراء لتحفيظ القرآن في مخيم الجلزون ظاهرة إبداعية متميزة على مستوى الوطن من حيث الأداء ونوعيات المنتسبين ووسائل التشجيع للطلبة وفئاتهم العمرية.
ويدير المركز الشيخ محمد عليان “أبو صالح” الذي قدم لنا معطيات غنية من بداية التأسيس والبناء ووسائل التشجيع وجذب الراغبين من فئات عمرية مختلفة وصلت لتحفيظ النساء كبيرات السن في حالة لافتة تميز المركز عن غيره من مراكز الضفة الغربية.
وتأسس المركز وفق الشيخ عليان في العام 2010 ويفوق عدد المنتسبين إليه حاليا 300 من الجنسين منهم 50 من النساء الكبيرات في السن ما بين عمري 40-80 عاما.
ومن التجارب الفريدة كما يصفها الشيخ عليان النسوة ما بين عمري 60-80 عاما من الأميات اللواتي لا يقرأن ولا يكتبن أتمت بعضهن 10-12 جزءا من القرآن بالتلقين.
ويضيف الشيخ عليان أن هناك مشاريع لتحفيظ صغار السن باتوا الآن في المراحل النهائية، حيث يتوقع تخرجهم بالحفظ كاملا العام القادم، وتم تخريج دفعة سابقة للفئة العمرية فوق 25 عاما ب 30 حافظا وحافظة يوم عرفة الماضي.
وكشف عليان عن وجود 20 حافظة في المركز لثمانية أجزاء فيما العدد 300 من المنتسبين يجري توزيعهم لحلقات متفاوتة.
وعن وسائل التحفيز للمنتسبين يقول الشيخ عليان يجري توزيع هدايا متواضعة عليهم بمعدل 7-8 مرات شهريا وزيارات ترفيهية من مسابح ومتنزهات، إضافة لرحلة للعمرة سنويا تشمل 30-35 طالبا سنويا على نفقة أهل الخير.
في حمى الإبراهيمي.
وماذا عن محافظة الخليل كبرى مدن الضفة وعاصمة جنوبها في حمى مسجد الحرم الإبراهيمي وتحتضن 170 مركزا للتحفيظ منها 110 للإناث و60 للذكور تتابع زهاء 3000 من المنتسبين لها ذكورا وإناثا، وفق ما أفاد به الشيخ أكرم ابو ارميلة مدير التحفيظ ومفتش مساجد محافظة الخليل.
وتتميز عملية التحفيظ للقرآن في محافظة الخليل عن غيرها من المحافظات ما أتحفنا به الشيخ أبو ارميلة الاستعانة بالدورات والمقارئ الإلكترونية في وقت اشتداد الكورونا أو عقبها.
ويؤكد أبو ارميلة إصدار المؤلفات التي تسهل عملية الحفظ والفهم والانسياب في مخارج الحروف، بينما تقدم المديرية مجانا دورات في المقامات الصوتية والتفسير بصورة ملحق يوازي عملية التحفيظ بكافة مراحلها.
وتنظم مديرية الخليل برامج تثقيفية ودورات تبدأ قبل الامتحان بشهرين، بحيث يستطيع من كان غائبا الاستفادة وتعوضه عن مرحلة التغيب بما يعادل دوام عام كامل .يقول ابو ارميلة.
سلسلة الوقار ورياض الأطفال.
وحسب أبو ارميلة تخرج المديرية حوالي 80 حافظا وحافظة كل عام، بينما تم تخريج 40 حافظا وحافظة في زمن تفشي الكورونا، يقابل هذا العدد منح إجازات التجويد ل 1300 متقدم سنويا، وهي درجات تقسم لمراحل على مدار ثلاثة أعوام والعام الأخير منها لدورة الإتقان التام للتجويد.
وعن حضور رياض الأطفال في مراكز التحفيظ يكشف الشيخ أبو ارميلة عن مبادرة تنفذ في الخليل وطولكرم مفادها خطة قدمها لتحفيظ صغار السن من طلبة رياض الأطفال في الأعمار بين 3-4 سنوات لإنهاء حفظ جزء عمّ خلال 28 يوما.
ويواصل الشيخ أبو ارميلة كشف المزيد ويتمثل بحوالي 1000 من الطلاب والطالبات ينهون حفظ مرحلة الخمسة أجزاء والعشرة والخمسة عشر والعشرين والخمس وعشرين جزءا في كل عام.
تصنيفات : قضايا و مقالات