دور الحركات الطلابية الجامعية في تنمية الوعي المجتمعي الفلسطيني
أعوام الثمانينيات مثالا أ. ماجد حسن
المقدمة:
لعبت الحركة الطلابية الفلسطينية -وبالأخص الإسلامية منها- دورا بارزا ومهما ومفصليا في الوعي المجتمعي الفلسطيني، ولا زال، ولو بنسب أقل، بسبب الظروف الموضوعية المستجدة على الساحة، وقد مثلت سني الثمانينيات وأوائل التسعينيات من القرن الماضي أوج عطاء الحركة الطلابية في هذا المضمار، وكاتب هذه السطور عايش هذه المرحلة بكل جوانبها وتفاصيلها كونه أحد أبناء الحركة الطلابية الإسلامية في جامعة بيرزيت من عام 1982-1987، ولا أبالغ إن قلت إن تنمية الوعي المجتمعي الذي اضطلعت به الحركات الطلابية في الجامعات الفلسطينية قد أسهم إسهاما أساسيا في تهيئة الأرضية لاندلاع انتفاضة الحجارة، وتجذير مفاهيمها النضالية والكفاحية في أوساط الجماهيرالفلسطينية، وترسيخ مفاهيم ثقافية وتوعوية في أوساط أبناء الشعب الفلسطيني، وهو ما سيتضح من خلال عرضنا لجوانب الوعي المجتمعي الذى قامت به الحركات الطلابية.
جوانب الوعي المجتمعي:
لقد قامت الحركات الطلابية بدورها -وبالأخص الإسلامية منها، عبر ذراعها الكتلة الاسلامية في جامعات الضفة والقطاع- في تحقيق الوعي المجتمعي من خلال أربعة جوانب أساسية هي:
الجانب الوطني، والجانب الفني، والجانب الثقافي، والجانب التعليمي التوعوي.
*الجانب الوطني:
لقد عملت الحركات الطلابية على إقامة المهرجانات الوطنية في مناسبات وطنية مختلفة، كذكرى وعد بلفور، ويوم الأرض، وذكرى النكبة الفلسطينية، وحرب حزيران، وغيرها من المناسبات الوطنية المختلفة، وكانت تتم دعوة جماهير الشعب الفلسطيني لحضورها، خصوصا طلاب وطالبات المدارس، كما عملت الأطر الطلابية على إقامة الأمسيات الوطنية وإقامة ما عرف في وقتها ب”أسبوع فلسطين”، والذي كان يشمل إقامة معارض للتراث الشعبي والصناعات الوطنية، ومعارض للكتب، وأمسيات فنية، وغيرها من الأنشطة المختلفة والتي كان محورها تعريف الجماهيرالطلابية والشعبية بوطنهم وتاريخ قضيتهم، وخطورة المشروع الصهيوني على وجودهم، وقد كان يؤم هذه المعارض الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني ويتأثرون بها.
*الجانب الفني:
لقد حرصت الكتل الطلابية على إنشاء فرق فنية باعتبارها جانبا أساسيا من مكوناتها وبنيتها، وذلك من أجل القيام بأنشطة فنية تخدم مشروعها وبرنامجها الفكري والسياسي والوطني، فعلى سبيل المثال قامت الفرق الفنية للكتل الإسلامية بدور مهم وكبير في إثارة الوعي المجتمعي بجوانبه المختلفة، فهذه الفرق كانت تشارك في معظم الاحتفالات والمناسبات الوطنية والإسلامية، وكذلك مشاركتها في إحياء الأعراس الإسلامية، إضافة إلى دورها على صعيد الجامعات، وكانت هذه الفرق تؤدي الأناشيد الوطنية والتي تدعو إلى حب الوطن، والجهاد في سبيله، والعمل على تحريره، وكذلك تؤدي هذه الفرق السكتشات المسرحية التي تتناول معالجة قضايا وطنية مثل بيع الأراضي للمحتل وخطورتها على الشعب الفلسطيني، وغالبا ما ينتهي السكتش المسرحي بقتل سماسرة بيع الأراضي، وبإبرازالسمعة السيئة لعائلة بائعها، كما كانت تعالج هذه السكتشات قضايا اجتماعية مثل غلاء المهور، والمشكلات الزوجية، وتسرب الطلاب من المدارس، واالعلاقة بين المدرسين والطلبة، وأهمية الاهتمام بالتشبث بالأرض واستصلاحها وزراعتها، وغيرها من القضايا المجتمعية المهمة.
*الجانب الثقافي:
حرصت الكتل الطلابية المختلفة -وعلى وجه الخصوص الكتل الإسلامية- على إقامة معارض الكتب، في كل عام مرتين على الأقل، مرة في الفصل الأول، ومرة في الفصل الثاني، وكانت هذه المعارض تستمر لمدة أسبوع، وتعقد على هامشها الندوات السياسية والفكرية والثقافية المختلفة، والتي غالبا ما تركز على الشأن الفلسطيني والقضية الفلسطينية، وكانت هذه المعارض تستقطب أعدادا كبيرة من شرائح المجتمع الفلسطيني، وخصوصا طلبة المدارس الثانوية، وكان لهذه المعارض والفعاليات المواكبة لها أثر كبير في الوعي المجتمعي الفلسطيني، إضافة لذلك كانت الكتل الطلابية، وخصوصا الكتل الإسلامية، تحرص على تسيير الرحلات إلى مختلف أنحاء فلسطين التاريخية، وكان يشارك فيها إضافة إلى طلبة الجامعة، طلبة المدارس الثانوية، وجمهور شباب المساجد من العمال والفلاحين، وكانت هذه الرحلات تأخذ أبعادا تربوية وثقافية مختلفة، حيث كان من خلالها يتم التعريف بتاريخ فلسطين، وتاريخ مدنها، وتضاريسها الجغرافية، وأيضا يتم إطلاع المشاركين على أطلال القرى التي دمرها العدو الصهيوني في عام 1948، وعلى أماكن ومواقع المعارك التاريخية التي حصلت على ثرى فلسطين، وكذلك المعارك التي حصلت إبان حرب عام 1948، وكان لهذه الرحلات آثار واضحة وجلية في زيادة منسوب الوعي الثقافي والوطني لدى المشاركين في هذه الرحالات، وإضافة لمعارض الكتب والرحلات كانت هناك المجلات الثقافية المختلفة، حيث أصدرت الحركة الطلابية الإسلامية في فلسطين على سبيل المثال مجلة شهرية، اسمها “المنطلق”، وكانت توزع على نطاق واسع في الجامعات وفي المدارس والمساجد والمكتبات العامة، وكذلك كانت هناك المسابقات الثقافية المختلفة والتي كانت تركز على الشان الفلسطيني، وكذلك أنشطة ثقافية متنوعة كان لها دور مهم في زيادة الوعي لدى الجمهور الفلسطيني.
*الجانب التعليمي والتوعوي:
لقد حرصت الأطر الطلابية -وخصوصا الكتل الإسلامية -على مساعدة أبناء المجتمع الفلسطيني في قضايا تعليمية مختلفة، فعلى سبيل المثال كان هناك متطوعون من أبناء وبنات الكتل الإسلامية يساهمون في محو الأمية لدى شريحة واسعة من أبناء الشعب الفلسطيني وخصوصا جمهور النساء في القرى الفلسطينية، من خلال التطوع للعمل في مراكز محو الأمية المنبثة في كثير من البلدات والقرى الفلسطينية، وقد حققوا إنجازات معتبرة في هذا المجال، كما كان البعض الآخر يتطوع في إعطاء دروس التقوية لطلبة المدارس في مختلف المراحل، وغالبا ما كان يتم ذلك في المساجد، كما كان طلبة الجامعات يستغلون مخيمات العمل التطوعي وخصوصا في مواسم قطف الزيتون في توعية سكان القرى والبلدات الفلسطينية في مواضيع مختلفة، سواء في حثهم على استصلاح أراضيهم، وعلى مقاومة الاستيطان، أو في كيفية استصلاح أراضيهم، والاستثمار الأمثل لمواردهم الاقتصادية المختلفة.
الخلاصة:
تتضح مما سبق آنفا طبيعة الدور الذي لعبته الحركات الطلابية –وخصوصا الكتل الإسلامية- وأهميته، في إنجاز وعي مجتمعي إيجابي كبير، وفعال، خصوصا في الجانب الوطني، والذي كان أحد مخرجاته الكبرى انتفاضة الحجارة عام 1987، والتي شكلت منعطفا تاريخيا في تاريخ الصراع مع العدو الصهيوني كان له ما بعده.
تصنيفات : قضايا و مقالات