حكم الجدل والمراء على صفحات التواصل الاجتماعي، الدكتور الشيخ: أحمد شوباش
يونيو 21, 2022
للمشاركة :

حكم الجدل والمراء على صفحات التواصل الاجتماعي

تتوالى الأحداث وتتوارد الوقائع على الساحة الفلسطينية خصوصاً، والعالمية عموماً، في شتى الميادين الدينية والدنيوية، السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ويبدأ بعض الناس بالتعليق على هذا الحدث أو ذاك، ويرد عليهم آخرون في جدال لا طائل منه، وفي مراء لا يأتي بخير غالباً، ويكاد يحدث فتنة، فما الحكم الشرعي في الجدل؟ وما المطلوب من المسلم حيال هذه المسألة؟

الجدل: مقابلة الحجة بالحجة، والمجادلة: المخاصمة والمناظرة، ويطلق على الجدال المراء والمماراة، كما يطلق على الطعن في قول الآخر تزييفاً له وتصغيراً لقائله. 

والجدل يكون مذموماً إذا كان عن جهل أو بالباطل يهدف إلى نصرته أو يفضي إليه، أو كان بهدف التعالي على الخصم والغلبة عليه بغير حق، فهذا ممنوع شرعاً، ويتأكد تحريمه إذا قلب الحق باطلاً والباطل حقاً، قال سبحانه: } وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ  { ] الكهف: 56 [ وقال: } مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلَادِ  { ] غافر: 4 [، أما إن كان الجدال يهدف إلى تأكيد الحق أو إبطال الباطل أو يفضي إلى ذلك فهو ممدوح، وقد يكون فرض عين إذا تعين على شخص الدفاع عن الحق، وإذا تعدد المدافعون فيكون فرض كفاية، وهذا الذي مارسه الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وأمر الله تعالى به، وهو الذي نص عليه قوله تعالى: } وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ { ] النحل: 125 [ وقوله  عز وجل: } قَالُوا يَانُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا {  ] هود: 32 [، فالجدال لإيضاح الحق ودفع الباطل من أفضل القرب إلى الله تعالى. 

هذا وللأسف، فإن أكثر الاعتراضات والمجادلات تصدر عن جهل ودون علم وإلمام بالأدلة والواقع، والدخول في هذا يورث الأمة الضلال، قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ” مَا ضَلَّ قَوْمٌ بَعْدَ هُدًى كَانُوا عَلَيْهِ إِلَّا أُوتُوا الجَدَلَ، ثُمَّ تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الآيَةَ: {مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ} [الزخرف: 58]   ” ] رواه أحمد والترمذي وابن ماجة، حديث حسن [.

وينصح المسلم بترك الجدال إن وجد الخصم لا ينشد الحق ويماري بالباطل، فقد روى أبو أمامة – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: ”  أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا ” ] رواه أبو داود، وإسناده صحيح [ .

وخلاصة الأمر أن الجدال بالباطل ومن غير علم مذموم، وهو محرم ولا يأتي بخير، وعلى المسلم تجنب الكلام فيما لا يعلم أو انتصاراً لنفسه ولو بالباطل. 

والله يقول الحق وهو يهدي السبيل

                                                                                                                            د. الشيخ أحمد شوباش

                                                                                                                      مفتي محافظة نابلس/ فلسطين

تصنيفات :