![](https://dorarquds.org/wp-content/uploads/2022/06/photo5879800105442326452-1200x1200.jpg)
افرح ولكن..
د. فادي خطاب
أباح الإسلام الفرح ومظاهره المختلفة في حياة المسلم، بل شرع إظهاره للناس ابتهاجا وفرحا بنعماء الله التي لا تعد ولا تحـصى، قال تعالى: ” قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق ” [الأعراف: 32]؟ بل وأكثر من ذلك، إذ جعل الإسلام إدخال السرور والبهجة إلى نفوس المسلمين من فضائل الأعمال إلى الله تعالى، إذ ورد في الأثر قوله عليه الصلاة والسلام: “أحب الأعمال إلى الله سرور تدخله إلى قلب مسلم “[حديث حسن رواه الطبراني وغيره].
وإن أول ما يفرح به المسلم أن هداه الله للإيمان والقرآن والطاعات والعبادات؛ لما لها من أثر طيب وسعادة في الدنيا، وثواب جزيل في الآخرة، قال تعالى: ” قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون” [يونس: 58].
ويصدر الفرح عن محبة ورضا في الأمور كلها، وهو نتيجة طبيعية لما يرغب به الإنسان ويحصل عليه بعد جهد متواصل وتعب ومثابرة ومكافحة، كالفرح في الأعياد الإسلامية التي تأتي بعد طاعات، والفرح في النجاح في الدراسة والحصول على الشهادة الجامعية، والفرح في الأعراس، والفرح بالمولود، والفرح بخروج أسير، والفرح بفوز قائمة في انتخابات.
إن الإسلام إذ يأمرنا بالفرح وإظهاره؛ جعل لذلك ضوابط شرعية لتهذيب النفوس وتوجيهها، بحيث لا ترتكب المعاصي والمحظورات مع الفرح، فلا تأخير للصلاة عن موعدها مع الأفراح، ولا اختلاط محرم فيها، ولا تبذير وإسراف في مظاهر الفرح الدالة على الغرور والتكبر المنافي للخضوع لله وخشيته.
إن الابتهاج بالأفراح المختلفة يجب ألا تبعدنا عن احترام الآخرين ومشاعرهم، فإن مما جاء في أخلاقيات الدين الإسلامي هو الأمر باحترام الآخرين والنهي عن إزعاجهم، فإن كان الرسول عليه الصلاة والسلام قد نهى المصلين عن إزعاج بعضهم بالقرآن الكريم في المسجد، فمن باب أولى ألا يزعج بعضنا بعضا بغيره.
وبتنا نرى الكثير من الناس يتصرف في مناسباته وكأنه يعيش وحده في منطقته، فيغلق الشوارع الرئيسة ويمنع حركة المرور لساعات متأخرة من الليل، ويطلق العنان لمكبرات الصوت بالأغاني والموسيقا، فضلا عن إطلاق الأعيرة النارية الكثيفة في السماء، فيزعج الكبار والصغار والمرضى والرضع ويعرض حياة الناس للخطر.نعم نفرح ولكن لا ننتهك حرمات الله تعالى، نفرح ولكن لا نؤذي أنفسنا والآخرين من حولنا، نفرح ولكن لا نربك جهاز الشرطة وطواقم الإسعاف ولجان الإصلاح في أفراحنا التي قد تنقلب إلى مأساة حقيقية، وليكن شعارنا دائما قولهم: تنتهي حريتك عندما تبدأ حرية الآخرين.
تصنيفات : قضايا و مقالات