قال الرازي في تفسيره:” الحكمة في أن الله تعالى ذكر هذه الألفاظ الثلاثة لا أزيد ولا أنقص، وهو قوله: فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج هي أنه قد ثبت في العلوم العقلية أن الإنسان فيه قوى أربعة: قوة شهوانية بهيمية، وقوة غضبية سبعية، وقوة وهمية شيطانية، وقوة عقلية ملكية، والمقصود من جميع العبادات قهر القوى الثلاثة، أعني الشهوانية، والغضبية، والوهمية، فقوله فلا رفث إشارة إلى قهر الشهوانية، وقوله: ولا فسوق إشارة إلى قهر القوة الغضبية التي توجب التمرد والغضب، وقوله: ولا جدال إشارة إلى القوة الوهمية التي تحمل الإنسان على الجدال في ذات الله، وصفاته، وأفعاله، وأحكامه، وأسمائه، وهي الباعثة للإنسان على منازعة الناس ومماراتهم، والمخاصمة معهم في كل شيء، فلما كان منشأ الشر محصورا في هذه الأمور الثلاثة لا جرم قال: فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج أي فمن قصد معرفة الله ومحبته والاطلاع على نور جلاله، والانخراط في سلك الخواص من عباده، فلا يكون فيه هذه الأمور، وهذه أسرار نفسية هي المقصد الأقصى من هذه الآيات، فلا ينبغي أن يكون العاقل غافلا عنها، ومن الله التوفيق في كل الأمور.”
تصنيفات : مناسبات