التكاليف الباهظة في الأعراس بين ضوابط الشرع والعادات المستحدثة، للدكتور أبو حذيفة محمد اسليمية
يوليو 13, 2022
للمشاركة :

التكاليف الباهظة في الأعراس بين ضوابط الشرع والعادات المستحدثة

د. أبو حذيفة إسليميه 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد؛

فإن الزواج نعمة من الله على عباده، فمن حق هذه النعمة أن تُشكر، وألا تُتخذ وسيلة للوقوع فيما حرم الله وقد استحدث الناس بعصرنا أموراً كثيرة فأصبح الزواج صعبا للشباب فأدى ذلك إلى كثرة العنوسة للفتيات ويتحمل العريس فوق طاقته ويحتاج إلى سنوات لسداد الديون فأصبحت الأعراس للتفاخر والمباهاة وليست لله ومن التكلفة الباهظة للعرس:

أولاً: التكلفة الباهظة للعرس من ذبح الذبائح وإطعام المعازيم (وليمة العرس)، مع أن الشرع لم يكلف الإنسان إلا بوسعه وطاقته وعدّ الشرع شر الطعام طعام الوليمة يدعى إليها الأغنياء ويحرم منها الفقراء، فكيف بالإسراف والتبذير ورمي باقي الطعام بالقمامة؟  

ولا يشترط في الوليمة أن تكون من لحم، بل يُستحَبُّ في طَعامِ الوليمةِ أن تكونَ على قَدرِ حالِ الزَّوجِ، ولا يُشتَرَطُ فيها ذَبحٌ، نَصَّ عليه الجُمهورُ، وهي سنة مؤكدة عند جمهور العلماء، فمن طبقها له الأجر ومن لم يطبقها لا أثم عليه ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها

ثانيًا: إحضار الفرق الموسيقية وما يتبعه من مخالفات شرعية كثيرة من إسراف وتبذير وضياع المال فيما لا فائدة فيه من أدوات اللهو والمعازف، فأصبح من لم يحضر فرقة موسيقية عرسه ناقص أو هو أقل من الناس فأصبح الناس يتسابقون على الحرام؟ والسؤال هل سماع المعازف حرام؟ وكيف يكون الفرح إذا؟  وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْحِرَ وَالْحَرِيرَ وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ، وَلَيَنْزِلَنَّ أَقْوَامٌ إِلَى جَنْبِ عَلَمٍ يَرُوحُ عَلَيْهِمْ بِسَارِحَةٍ لَهُمْ، يَأْتِيهِمْ يَعْنِي الْفَقِيرَ لِحَاجَةٍ فَيَقُولُونَ ارْجِعْ إِلَيْنَا غَدًا، فَيُبَيِّتُهُمْ اللَّهُ، وَيَضَعُ الْعَلَمَ، وَيَمْسَخُ آخَرِينَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ إِلَى يَوْمِ القيامة”. رواه البخاري الحر: الزنا. والمعازف: آلات اللهو.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم أيضا: «صوتان ملعونان في الدنيا والآخرة: مزمار عند نعمة، ورنة عند مصيبة». والحديث صحيح وواضح الدلالة في تحريم صوت المزمار، فكيف إذا كان عند نعمة؟ فإنه ملعون.

وهناك اليوم ما يعرف: (بالحداية)، ولعله إن التزم بالضوابط الشرعية أحسن ما يكون في الأعراس، وأفضل ما يحضر اليوم. لأنه إن ضبط وتم الاتفاق مع الرجل المنشد ألا يقول إلا الخير، فإنه يكون بذلك قد فعل ما أمر الله به من إعلان النكاح، وابتعد عما نهى الله عنه من الموسيقى والأغاني المنكرة.

ولو كان الناس عندهم من الوعي الديني والإيمان الكافي لقلنا لهم: لماذا صار مفهوم العرس عندكم: غناء ورقصا ومنكرات؟ ولماذا لا يكون في الفرح موعظة دينية تبصر الناس بكيفية الفرح الإسلامي؟ ولماذا لا يكون في الفرح كلمة تبين للناس كيفية التعامل الإسلامي الذي ينبغي للرجل أن يتحلى به مع زوجته؟

ثالثا: استخدام الأعيرة النارية ، التي أودت بحياة الكثير من المسلمين ، إثر طلق ناري طائش ، فتحولت الأفراح إلى مآتم وأتراح، فلا بد من منع تلك المهازل ، لما تسببه من إزهاق النفوس البريئة ، وإهدار الأموال. قال تعالى “إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفوراً ” [الإسراء: 27] وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ ، عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ ، وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ ، وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ ” [ أخرجه الترمذي وقَالَ : حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ]

ونكتفي بذلك وصلى الله على سيدنا محمد

تصنيفات :