القرآن الكريم والتفوق الدراسي
أ. جيهان محمد الزير
محاضرة غير متفرغة في جامعة الخليل وجامعة البوليتكنيك
لقد أظهرت العديد من الدراسات العلمية دور القرآن الكريم في التفوق الدراسي للطلاب، وكذلك إرساء القيم الأخلاقية الإيجابية لديهم، وذلك مصداقا لقوله تعالى: {إنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} [الإسراء: ٩].
وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أثر التعامل مع القران تلاوة وتفسيرا وتدارسا وحفظا في تفعيل ذكاءات الطلاب، وتقوية مراكزهم العصبية المختلفة، بحيث يظهر ذلك في عدة جوانب لديهم، وسأستعرض ذلك في هذا المقال.
أولا: الذكاء اللغوي.
يظهر أثر القران الكريم جليا في زيادة الحصيلة اللغوية لدى الطالب، عن طريق زيادة المهارة في إنتاج اللغة، واستعمالها في إثبات الحجة، مع الاختلاف بين الذكر والأنثى في ذلك. والتوصية هنا للطلاب للاستفادة القصوى في تنمية هذا الذكاء في قوله تعالى: {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا}، [المزمل: 6]
ثانيا: الذكاء المنطقي الحسابي.
إنّ التشريعات الإسلامية الفريدة المتنوعة الواردة في القران الكريم كالزكاة ومقاديرها المختلفة وحساب الأشهر والسنوات، وأوقات العبادات، والأبعاد الكونية تزيد من هذا الذكاء وتنميته، ويشير تعالى لذلك: {الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ} [الرحمن:5].
ثالثا: الذّكاء الذاتي.
إنّ مطالعة الطالب لقصص الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، والقادة ومغامراتهم، والصعوبات التي اعترضت طريق دعوتهم، وتفوقهم في حل مشكلاتهم، لهي المنهج العظيم الذي يرتقي بعقل الطالب وينمي ذكاءه الذاتي، إنّ سورة يوسف عليه السلام ما قرأها محزون إلا فرح! وحوارات إبراهيم عليه السلام ما اطلع عليها أحد إلا زادت عقله توقدا وذكاء!
رابعا: الذّكاء الاجتماعي.
إنّ تركيز القرآن الكريم على ضرورة وجود القيم والأخلاق النبيلة التي تحكم المسلمين كأمة واحدة يظهر جليا في العديد من الآيات، وقد استعرض القرآن الكريم نماذج من الشخصيات التي حافظت على مجتمعاتها بسبب ذكائها الاجتماعي العالي، مثال ذلك الملكة بلقيس التي يسرد القرآن الكريم تفاصيل قصتها.
خامسا: الذكاء البصري المكاني.
كثيرة هي الآيات التي تتحدث عن مخلوقات الله المختلفة، كالملائكة وعملها، النجوم ومواقعها، والخنس ودورها، بل والعوالم الميتافيزيقية الأخرى كالجنة وخيراتها، النار ودركاتها، وسدرة المنتهى وعظمتها، وتصوّر ذلك ينمي هذا الذكاء الذي يؤثر في عمق الإيمان بالغيبيات.
سادسا: الذكاء الجسمي الحركي.
تصف الآيات الكريمة قوة موسى: { فَوَكَزَهُ مُوسَىٰ فَقَضَىٰ عَلَيْهِ}، [ القصص: 15]، ودقة أصابع داوود في إتقان صناعة الدروع:{ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ}، [سبأ: 11]، ودقة تصويبه المدهش في قتل جالوت، وكل ذلك ينمي في نفس الطالب حب تقليد هذه الشخصيات الجليلة والعمل عل امتلاك مهاراتها التي يمجدها القرآن.
سابعا: الذكاء النغمي.
وأي شيء أجل وأعظم من تلاوة القرآن وتجويده في الارتقاء بالذكاء النغمي للطلاب! ويقص عليهم نبأ النبي داوود وامتلاكه لهذا الذكاء حتى أوّبت معه الجبال والطيور.
ثامنا: الذكاء الطبيعي.
تزخر الآيات القرآنية بالمظاهر الطبيعية التي تعمل على النهوض بهذا الذكاء، فنوح-عليه السلام- الذي يعدّ المصنف الأول للكائنات، الذي استغل مكونات البيئة في إنتاج منتج فريد حفظ التواجد الإنساني على الأرض، وكذلك تعامل النبي سليمان مع كائنات مملكته، كلها أمثلة تعمق مفهوم أهمية التعامل مع مفردات البيئة بذكاء وبما يرضي الله.
وبعد هذا العرض ندرك أثر القرآن الكريم في الارتقاء بالذكاءت المتعددة للطلاب، وكلما زاد الاهتمام بتلاوته وتدارسه كان أثره أعمق وأعظم على العقل البشري؛ فمن قرأ القرآن وعمل به أمِنَ الخرف، فعن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: (من قرأ القرآن لم يُرَدّ إلى أرذل العمر، لكي لا يعلم بعد علم شيئا، وذلك قوله- عز وجل: {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ }، [التّين:5- 6]، قال: إلا الذين قرؤوا القرآن [الحديث في المستدرك على الصحيحين رقم 3952]
تصنيفات : قضايا و مقالات