“قلعة القدس… وهويتها الإسلامية، وما تتعرض له من عدوان”
أ.ممدوح غالب بري/ ماجستير تخطيط وتنمية سياسية
تعد قلعة القدس من أهم معالم المدينة المُقَدسة ، يطلق عليها اسم القلعة أو قلعة باب الخليل أو قلعة القدس، وتقع في الجهة الغربية بين بلدة القدس القديمة، والمدينة الحديثة التي بدأت تتوسع خارج الأسوار منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وتحديدًا على يمين الداخل إليها من باب الخليل، وتُمثل حصناً للمدينة يحميها من هجمات الأعداء، وهي في مكان يشرف على المدينة والقضاء المحيط بها، وبنيت القلعة في أضعف نقطة على أطراف مدينة القدس، بالمقارنة مع أطرافها الأخرى، وذلك لأن الجهة الغربية للمدينة غير محاطة بالجبال، ومُرتَفِعة نسبياً، على إحدى التلال الأربع التي بنيت عليها مدينة القدس.
يحيط بالقلعة خندق من جهاتها الشمالية والشرقية والغربية، يعلوه جسر متحرك للعبور إلى الشارع العام، وتحتوي القلعة على أسوار وثلاثة أبراج ومئذنة ومسجد وقاعات وغرف للمبيت في طابقين، يعتبر برج داود أكبر أبراج القلعة، والثاني برج مريم، والثالث برج فصايل.
يعد البناء الحالي للقلعة – في غالبيته – إسلاميا، حيث يعود تاريخ بناء القلعة بشكلها الحالي إلى العهد المملوكي في حدود عام 1310م، سيما في فترة حكم السلطان الناصر محمد بن قلاوون، ومن أبرز معلم القلعة المملوكية المسجد المملوكي، وجرى للقلعة بعض الترميمات والإضافات في العهد العثماني، أهمها بعض التحصينات في عهد السلطان سليمان القانوني عام 1537م، وينسب له بناء المسجد الصيفي، بينما قام السلطان محمد باشا (الرابع) ببناء المئذنة عام 1655م، تعرضت عبر تاريخها لعدة زلازل وحروب، مما أدى إلى انهيار أجزاء منها، فقام المسلمون بترميمها وإضافة الأبنية عليها.
يقع المسجد المملوكي في الزاوية القبلية الغربية، ويُطلُ على حارة الأرمن، ويتكون من بيت للصلاة، يتم الدخول إليه عبر مدخل شرقي، وهو مكان صغير الحجم نسبياً، وقد سقف بيت الصلاة على شكل قبو برميلي، يحتوي على محراب مزخرف بطريقة فنية جميلة، يقع المحراب في منتصف الجدار الجنوبي لبيت الصلاة، وهو على شكل فجوةٍ حجرية متوجة بطاقية يتقدمها عقد يرتكز على عمودين على جانبي محراب الصلاة.
وتتكون المئذنة التي بناها السلطان محمد الرابع من ثلاثة طوابق حجرية، يُشكل أولها قاعدة المئذنة المربعة، ويعلوها شكل إسطواني، وهو الطابق الثاني، ويعتليه الطابق الثالث وهو أصغر حجماً، وشكله إسطواني أيضاً، ويتوسطه بناء صغير الحجم على شكلة طاقية المئذنة أو قُبتها.
وقد بدأت الحفريات الصهيونية أسفل قلعة القدس منذ نهاية الفترة العثمانية، حيث أرسلت بريطانيا مبعوثين من علماء الآثار، وقامت بعدة حفريات وتنقيبات ودراسات حول آثار مدينة القدس وقلعتها الأثرية.
حَوَّلَت دولة الاحتلال القلعة ومسجدها إلى متحف، وأسمته متحف قلعة داود، بعد سيطرتها العسكرية على مدينة القدس إثر حرب 1967، ويحاول الاحتلال اليوم ترسيخ أحقيته في فلسطين من خلال متحفها، إذ ينسب اسم كنعان إليه، ويجسم الهيكل مقاما مكان الأقصى، ويصور من خلال مجسم ثلاثي الأبعاد امتلاءه بالحجيج اليهود، ويدعي في روايته أن الرومان قد هدموا الهيكل، وبنى المسلمون المسجد الأقصى مكانه.
افتتح الاحتلال في ثمانينيات القرن الماضي القلعة للسياحة الداخلية والخارجية، استكمالاً لفكرة المتحف التي نفذها بعد حرب عام 1967م، كما حوّل غرفها إلى معارض تشرح تاريخ مدينة القدس من وجهة نظر صهيونية، عبر استخدام صور توضيحية ومجسمات، محاولاً تسويق روايته الصهيونية.
كَثَّفَ الاحتلال الصهيوني من حفرياته في منطقة قلعة القدس منذ سنوات قليلة، وأن هذه الحفريات أسفل القلعة يصل طولها إلى ثمانين مترا، وبعمق 15 مترا، ونتج عن هذه الحفريات تفنيد زيف الادعاء الصهيوني، حيث تم اكتشاف آثار إسلامية قديمة تعود للفترة الأموية والفترات الإسلامية المتعاقبة بعدها، سيما العباسية والمملوكية والعثمانية.
تصنيفات : قضايا و مقالات