السؤال الأول لو تحدثنا الأستاذة الكريمة عن حياتها العلمية والعملية والدعوية وأهم محطاتها.
عفت صدقي الجعبري من مواليد مدينة الخليل. متزوجة لدي ابنة واحدة وثلاثة أبناء.
التحصيل العلمي
أنهيت المرحلة الثانوية ثم حصلت على البكالوريوس شريعة إسلاميه من جامعة الخليل، وبعدها ماجستير دراسات إسلاميه جامعة القدس. عملت واعظة في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، ومعيدة في جامعة القدس المفتوحة سابقاً، وقمت بعدد من النشاطات الاجتماعية والسياسية منها مثلا: عضو المجلس الوطني الفلسطيني، وعضو المؤتمر القومي العربي الإسلامي – لبنان، وعضو المنتدى العالمي لعدالة فلسطين – لبنان نائب رئيس مجلس أمناء الاتحاد النسائي الإسلامي العالمي، ورئيسة مركز شابات الخليل سابقاً، وأمينة سر جمعية سيدات الخليل سابقاً، وعضو اللجنة العليا للمعتقلين سابقًا، وعضو صندوق الأسير الفلسطيني سابقاً، وعضو مؤازر للعديد من الجمعيات والمؤسسات الاجتماعية.
لقد قمت بتأليف عدد من الأبحاث والمؤلفات منها مثلا: المرأة والعمل السياسي في فلسطين رؤية إسلامية رسالة ماجستير، وقراءات في الاتفاقيات والقرارات الدولية، التحديات التي تواجه المرأة الفلسطينية، والتأصيل المعرفي، المشاكل التي تواجه الأطفال في فلسطين، وغيرها. كما شاركت في العديد من المؤتمرات العالمية والإقليمية والمحلية.
السؤال الثاني للأستاذة عفت تاريخ طويل في العمل الوعظي العام والخاص في مجالس العزاء ومساجد الخليل ما أهم الوصايا والنصائح التي تقدمينها للداعيات الواعظات
أولاً الداعية هي تحمل رسالة عظيمة حيث اختارها الله سبحانه وتعالى وأوكل إليها مهمة عظيمة وهي مهمة التبليغ عن الله سبحانه وتعالى فهي من ورثة الأنبياء والمرسلين وهي قدوة وأسوة لغيرها في جميع مهمات حياتها، وهذا لا يتأتى إلا بالإخلاص لله سبحانه وتعالى والإلمام بالفقه وعلوم الشريعة، وأن تكون بصيرة بواقع المجتمع الذي تعيش فيه ملمة بكل القضايا، وأن تتصف بالصدق والعفة والإيثار والتواضع والحلم والوقار، فهي لا تعاتب ولا تخاصم ولا تبدل ولا تغير ولا تفاوض على ثوابت الدعوة، بل تتمسك بالمصطلحات الشرعية ولا تنساق وراء بدائلها المستحدثة، وهي شديدة الصلة بالله سبحانه وتعالى ربانية السيرة قال ابن عباس في تفسير قوله تعالى )ولكن كونوا رّبانيّن):” أي كونوا فقهاء ومعلمين”، وقال عطاء:” علماء حكماء نصحاء لله في خلقه”، وقال قتادة عن مجاهد الذين يربون الناس بصغار العلم قبل كباره، وقال الطبري الربانيون هم عماد الناس في الفقه والعلم وأمور الدين والدنيا، وقال مجاهد هم فوق الأحبار لأن الأحبار هم العلماء والرباني هو الجامع إلى العلم والفقه البصير بالسياسة والتدبر والقيام بأمور الرعية وما يصلحهم في دينهم ودنياهم.
والداعيه هي من استحفظت كتاب الله؛ فهي مسؤولة أمام الله عن حفظ الشريعة ونقلها وتعليمها لعباد الله قال تعالى: (بما استُحفِظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء) [المائدة:44]، وأي شرفٍ وأي منزلةٍ أعظم من ذلك؟!
نصيحتي لأخواتي لكل من تحمل هذه الرسالة العظيمة
أولاً: تسلحي بتقوى الله والتوكل عليه في كل خطواتك؛ بحيث تكون صلتك مع الله قوية لا تزعزها أي شائبة.
ثانياً: تسلحي بالعلم ولا تكتفي بالشهاده التي تحملينها بل تابعي واشغلي أوقاتك بالمطالعة والكتابة، فالداعية يجب أن تكون ملمة بكل ما يدور حولها من أمور تتعلق بالمجتمع الذي تعيش فيه سواء القضايا الاجتماعية والسياسية.
ثالثاً: كوني لينة سهلة بشوشة قريبة من الجميع، شاركيهم أفراحهم وأتراحهم، وحق الواعظة أن تعرف ما يدور في المجتمع من قضايا فنحن نعيش اليوم في وقت كثر فيه الفساد وكثر فيه اللهو والهرج والمرج والتبذير في الأفراح والمناسبات والحفلات الماجنه؛ فتنبغي النصيحة حول ذلك دون كلل أو ملل، وألا يؤثر ذلك على مهمتك ودعوتك إلى الله (إن عليك إلا البلاغ) [الشورة:48] (لست عليهم بمصيطر) [الغاشية:22] فنحن لا نملك سوطاً، ولا عصا ولا عذاباً ولا حساباً إنما نملك حباً ودعوة وبسمة نقود بها الناس إلى الجنة بإذن الله ( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن) [النحل: 125] ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم قدوة وأسوة حسنة (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنه لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً) [الأحزاب:21].
أخواتي ما نقوم به وعملناه واجتهدنا به فهو من فضل الله علينا فنحن مقصرات أمام الله (ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد) [النور:21] صدق الله العظيم.
السؤال الثالث: الأستاذة عفت نائبة رئيس مجلس أمناء الاتحاد النسائي الإسلامي العالمي تجربه فريدة، فما أهم محطات هذا المنصب وإنجازاته؟
قبل الحديث عن المحطات وعن هذا المنصب يجب الحديث عن تأسيس هذا الاتحاد ودوافعه؛ فقد جاء تأسيس الاتحاد النسائي الإسلامي عام 1996 بعد انعقاد سلسلة من المؤتمرات الدولية بإشراف هيئة الأمم المتحدة. والمتتبع لهذه المؤتمرات يجد أن المستهدف الوحيد من قرارات هذه المؤتمرات هي المرأة المسلمة، وذلك لمخالفة هذه القرارات لكثير من النصوص الشرعية والعقيدة الإسلامية فكانت الحاجة ملحة لضرورة الرد على ذلك، فجاءت الدعوه من السودان وانعقد الملتقى النسائي الإسلامي العالمي عام1996 في الخرطوم عاصمة السودان بحضور وفود نسائية من 65 دولة في العالم ضمت مندوبات عن المنظمات الشعبية والقيادات النسائية في العالم العربي والإسلامي جئن من بقاع الأرض بدءاً من الدول العربية مصر والسودان والمغرب والجزائر تونس والسنغال وتشاد واليمن وجزر القمر والنيجر وجنوب أفريقيا وقطر والبحرين وفلسطين والعراق ولبنان وسوريا ومن الدول الاسيويه ماليزيا وأندونيسيا وتايلند وباكستان وكشمير ومن أمريكيا وفنزويلا وإيطاليا والنرويج وإيرلندا وبريطانيا وألبانيا وغيرها من البلدان.
كنت مندوبة عن فلسطين علماً أنني قد زرت السودان في بداية التسعينيات بدعوة من الشيخ حسن الترابي رحمه الله لحضور المؤتمر القومي الإسلامي؛ فكانت الفرصة أن أقابل الأخت وصال المهدي زوجة الترابي حيث كانت ترأس المنظمة العالمية للمسلمات، تكررت زيارتي للسودان كنت أجد في السودان حركة نسائية واعية ومتقدمة بمراحل عن الحركات النسائية الإسلامية في باقي الدول الإسلامية، تعلمت الكثير من أخواتي في السودان، وبالتنسيق معهم اتفقنا أن نحضر مؤتمر بكين الذي انعقد في الصين عام 1995 والتقينا في الصين ونسقنا مع بعض الوفود التي حضرت من بعض الدول العربية والإسلامية لنتحدث عن ضرورة تأسيس كيان نسائي شامل إلى أن جاء انعقاد الملتقى الأول عام 1996. تواصلت المداولات في مناخ سادته الأخوة والوضوح حول هموم الشعوب وقضاياهم في مقدمتها هموم النساء المسلمات وقضاياهن في شتى بقاع المعمورة فكان هذا الملتقى ضرورة وخطوة أساسية في سبيل السعي الصادق والدؤوب لتحقيق وحدة المرأة على مستوى العالم وفي سبيل تحقيق ذلك خرج الملتقى بالقرارات والتوصيات التي تدعو إلى ضرورة تأسيس كيان نسائي جامع موحد يكون بمنزلة منبر حر للمرأة المسلمة لطرح قضاياها وإيصال رسالتها من خلاله إلى العالم وتشارك عبره في المحافل الدولية والعمل على تحقيق التعاون النسوي بين الأقطار الإسلامية وذلك لتبادل الزيارات ونقل الخبرات والمعلومات وتنسيق المواقف وتوحيدها خاصة في مجالات التحديات والأطروحات الدولية المتعلقة بالمرأة.
عمل الاتحاد منذ اللحظة الأولى للتأسيس على تشكيل اللجان وفتح المراكز، مثل: مركز دراسات المرأة، ولجنة العالمات، ولجنة العلاقات العامة، وإصدار العديد من الكتب والمجلات، وقد أصدر الاتحاد وثيقة المرأة المسلمة، ووثيقة الطفل وغيرها من الوثائق لتوضيح الرؤية الإسلامية حول القضايا كافة، خاصة قضية المرأة للتركيز على دور المرأة المنوط بها وذلك بالعودة إلى الدين واتباع النموذج الرسالي لإرساء معاني القيم والمبادئ العادلة ورفض التبعية للغرب والتحرر من إفرازاتها السالبة.
عمل الاتحاد وبالتعاون مع بعض العلماء على إصدار سلسلة من الكتيبات حول التأصيل المعرفي بمفهومه المرتبط بالإيمان، ووضع كثير من المصطلحات في نسقها الإيماني
والعمل المستمر على خلق رؤية دينية مستنيرة ووجود خطاب ديني مستنير وثابت.
وفي مجال التدريب عمل الاتحاد وبالتعاون والتنسيق مع مكاتب وفروع الاتحاد في العالم على ضرورة التركيز على دور الأمومة والأبوة معاً في تنشئة الجيل وفك الانفصام المصطنع تمشياً مع التأصيل للدور التكاملي للأم والأب والتأكيد على ضرورة الحفاظ على الأسرة باعتبارها مؤسسة اجتماعية يترعرع في كنفها الجيل الصالح، والسعي إلى تعريف دقيق لمفهوم الأسرة المسلمة بحيث يصبح تعريفًا عالمياً معتمداً في المحافل الدولية.
وقد تم تسجيل الاتحاد النسائي الإسلامي العالمي في هيئة الأمم المتحدة في الصندوق الاقتصادي بصفة استشارية لكي يتسنى للوفود المندوبة من الاتحاد الرد على القرارات والاتفاقيات الدوليه وإبراز رأي الإسلام ومعارضته للبنود المخالفة للنصوص الشرعيه لهذه الاتفاقيات مثل اتفاقية سيداو.
وكان لي شرف التواجد منذ لحظة تأسيس الاتحاد هذا العنوان الكبير والجامع، فكان ذلك الداعم الأول والأساسي لي في مشوار حياتي حيث منحني الفرصة والتواجد المستمر لمعظم نشاطاته الخارجية ولقاء العديد من الشخصيات العالمية والإقليمية عبر مكاتب الاتحاد وفروعه المنتشرة في بقاع الأرض، مثل: أندونيسيا وماليزيا وباكستان وكشمير، ومعظم فروع الدول العربية، مثل: لبنان وسوريا واليمن ومصر السعوديه تونس إلى غير ذلك من الدول العربيه والإسلامية.
هذه اللقاءات أعطتني فرصة للاطلاع على تجارب الآخرين وخبراتهم مما أكسبني المعرفة والخبرة في مجال العمل الاجتماعي والسياسي، وفرصة لعرض قضيتي الأولى قضية فلسطين وشرح الظروف والأوضاع المأساوية التي يعيشها شعبنا الفلسطيني من جراء الاحتلال الإسرائيلي الغاشم.
كانت من أهم المحطات عرض ورقة عمل في منظمة حقوق الإنسان في جنيف عن معاناة الأطفال ومشكلاتهم في فلسطين من جراء الاحتلال الإسرائيلي، ومن المحطات التي كان السجال فيها حاداً وقوياً اللقاء مع كوندليزا رايس ووزير الخارجية الأمريكي كولن باول في أمريكيا حول الثوابت الفلسطينية، وأن القدس لن تكون إلا عاصمة فلسطين الأبدية، وكان اللقاء مؤثراً حينما اعترضت على قول كوندليزا رايس حينما انتقدت العمليات الاستشهادية وقد كتبت بعض الصحف عن هذا اللقاء.
ومن أعظم المحطات في حياتي هي عملي بالوعظ في وزارة الأوقاف وتواجدي بمساجد مدينة الخليل لأكثر من خمسة عشر عاماً خاصة درسي الأسبوعي في الحرم الإبراهيمي وتواجدي في بيوت الشهداء.
السؤال الرابع : المرأة الفلسطينية ليست فقط الأم الصابرة والزوجة المجاهدة والابنة المحتسبة بل هي داعية وعالمة، ماذا تقول الأستاذة لبنات هذا الشعب في مسارات حياتهم؟
المرأة الفلسطينية هي أيقونة العالم وهي النموذج الذي يُحتذى به فهي سيدة العالم
تاريخها حافل في مسيرة كفاح الشعب الفلسطيني من أجل التحرير والعودة، فهي المرأة المرابطة والشهيدة والأسيرة والجريحة والمبعدة، وهي المربية والطبيبة والمهندسة والمعلمة والمحامية، وهي السياج الأخلاقي والسياسي والاجتماعي لمشروع التحرر، وهي من دفعت الثمن غالياً بالانتماء لهذا الوطن.
المرأة الفلسطينية استطاعت أن تتجاوز الأزمات والصعوبات التي تواجهها فعملت على تحقيق النماء والازدهار وطورت من مهاراتها وتأقلمت مع الظروف وسعت جاهدة لإعالة أسرتها في أحلك الظروف، وقد أشارت الإحصائيات إلى أن أكثر من 35٪ من النساء في فلسطين معيلات لأسرهن.
فالمرأة التي لا تضعف ولا تلين حاضرة ومؤثرة في كل المواقع، فكل التحية والتقدير والإجلال للمرأة الفلسطينية أينما كانت في الداخل والشتات وفي كل النواحي والمناحي، وكل التحية للأسيرات القابضات على الثوابت والمقدسات، والرحمة والمغفرة للشهداء هذه الأقمار التي تنير سماء فلسطين.
نصيحتي لأخواتي وبناتي في فلسطين أولاً أن نحمد الله أن جعلنا في فلسطين ومن فلسطين وألا ننسى نِعم الله علينا وأن تكون قضيتنا الأولى هي قضية فلسطين، وأن نعلمها لأبنائنا ونعلمهم حب الوطن والانتماء لهذا الوطن وأن قضيتنا هي عقيدة، وألا نخاف من المستقبل والمجهول فهو بيد الله.
أن نخطط لحياتنا دون أن نشغل أنفسنا بالمستقبل فهو بيد الله سبحانه وتعالى، وأن نعمل جاهدين على تطوير أنفسنا وأن نشغل أنفسنا بالقراءة والتعليم، وألا ننساق وراء الأطروحات الغربية والشعارات الرنانة الزائفة التي لا تسمن ولا تغني من جوع.
أن نتوجه إلى الله في كل أمور حياتنا نكرر ونكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله ومن الاستغفار فهو يفرج الكرب ويشرح الصدر ويذهب الهموم والغموم.
السؤال الخامس : تعيش المرأة المسلمة الفلسطينية هجمه شرسة بأفكار معارضة للدين ومناقضة لعاداتنا كيف نواجه ذلك؟ وما دور المرأة في مواجهة ذلك؟
تمر الأمة الإسلامية في هذه الأوقات بمرحلة خطيرة تستهدف هويتها وثقافتها، والمرأة هي الأكثر استهدافاً فالتحديات التي تحيط بالمرأة المسلمة هي جزء من التحديات التي تواجه الأمة الإسلامية وما أكثر الذين يريدون النيل من المرأة فيبدبرون ويخططون لها يأتي ذلك عبر الغزو الفكري المتمثل في العولمة.
إن وسائل العولمة تتسلل إلى بيوتنا دون استئذان وتلعب بشخصية الأفراد والأمم جميعاً، فهي عدوان على ثقافة الشعوب الأخرى لفرض الثقافة الغربية وطمس الهوية الثقافية للأمم والشعوب وتذويب شخصية الأمة بحيث تفقد الأمة هويتها وعقيدتها بالإضافة إلى إحلال عناصر ثقافية جديدة من خلال أجهزة الإعلام المختلفة
هذا الفكر العلماني تبنته الأمم المتحدة بمنظماتها المختلفة منطلقا لأعمالها ونشاطها الاجتماعي والثقافي، حيث نجدها اليوم تركز على النواحي الاجتماعية والثقافية للشعوب وتسعى إلى تأسيس قواعد كونية تحكم السلوك البشري لتكوين نمط بشري واحد في ثقافته
والمرأة تحظى بالاهتمام الواسع من هذه الهيئة لأن المرأة تعد مدخلاً من مداخل التغيير التي تسعى له الأمم المتحدة بقيادة أمريكيا.
في السنوات الأخيرة أشرفت الأمم المتحدة على سلسلة من المؤتمرات العالمية مثل مؤتمر مكسيكو سيتي الذي انعقد عام 1975، هذا العام الذي أُعلن فيه عام المرأة الدولي، ومؤتمر كوبنهاجن الذي عقد عام 1980، ومؤتمر نيروبي عام 1985، ومؤتمر السكان في القاهرة عام1994، ومؤتمر بكين عام 1995، والمتتبع لهذه المؤتمرات وقراراتها يجد أن المستهدف الوحيد من هذه القرارات هي المرأة المسلمة وإن كانت بعض القرارات تضمنت بعض الأمور الجيدة للمرأه فيما يتعلق بتحسين أوضاع المرأة أو فيما يتعلق بالبيئة والمهجرين والتعليم لكن المشكله تكمن في خلط بعض الأمور الجيدة ببعض الأمور والآليات الخبيثة التي لا يمكن الاتفاق عليها أبداً.
من الأمور التي تستدعي الانتباه أن قرارات هذه المؤتمرات دعت إلى تبني استراتيجيات للتغيير، مثل تغيير الأدوار والوظائف بين الرجل والمرأة، وظهرت عبارات تفيد حرية الحياة غير النمطية كونها حقا من حقوق الإنسان.
لقد حفلت وثائق هذه المؤتمرات بمصطلحات خطيرة غير واضحة المعالم مثل مصطلح الاختيارات الإنجابية، والصحة الجنسية، وعبارة المتحدين والمتعايشين، وعبارة الحياة كحق من حقوق الإنسان.
هناك الكثير من العبارات التي تصف دور المرأة وتربية الأجيال بالأدوار النمطية والتقليدية التي لا بد من تغيرها، بالإضافة إلى الحديث عن المساواة المطلقة بين الرجل والمرأة في حق الملكية والميراث والحضانة، وقد نادت إحدى الوثائق بإحداث تغيرات للتشريعات القائمة وتخص بذلك الميراث في الإسلام.
من أخطر الاتفاقيات التي صدرت عن الأمم المتحدة هي اتفاقية سيداو التي وقعت عليها معظم الدول العربية بما فيها فلسطين، وإن تحفظت بعض الدول العربية على بعض بنودها، وذلك لما تحتويه من مخالفات شرعية إلا أن هذا التحفظ ليس له أهمية في تغيير بنودها.
وهذه الوثيقة من أخطر الوثائق التي تتناول أدق التفاصيل المتعلقة بالأسرة من زواج وعلاقة وأدوار ونزع القداسة عن المفاهيم السائدة بين أفراد الأسرة من مودة وتراحم واحترام، فهي تتناول منظومة العلاقات الأسرية وتشير إلى أن العلاقة بين أفراد الأسرة علاقة غير متساوية وقد تم صياغة مواد هذه الاتفاقية صياغة قانونية مُلزمة قانوناً للدول التي تصادق عليها، وبمقتضى هذه الاتفاقية فإنه يتوجب على الدول التي توقع عليها أن تلغي التشريعات والقوانين المخالفة لها. فهذه الاتفاقيات والمواثيق الدولية تمثل تحدياً خطيراً ومعادياً للأديان السماوية بل إنها تخالف الكثير من آيات القرآن الكريم.
نستطيع القول إن بعض الحركات النسوية في فلسطين تبنت الأجندة الغربية في عملها وقد نشطت هذه الحركات بعد اتفاقية أوسلو بعد أن كانت قضيتها الأولى هي قضية فلسطين أصبحت قضيتها الجندر وأغرقوا المرأة بقضايا الجندر، تدفقت أموال الدول المانحة على هذه الحركه التي نشطت بعقد المؤتمرات وورش العمل التي كانت ترفع شعارات مثل حرية المرأة والمساواة والتنمية والعنف ضد المرأة، إلى غير ذلك من الشعارات والعناوين البراقة.
هذه الحركه كان لها التأثير على بعض القرارات السياسية، حيث عملت جاهدة للتوقيع على اتفاقية سيداو من الرئيس الفلسطيني وتم التوقيع على هذه الاتفاقية، واليوم نجد صدى تأثير هذه الاتفاقيات عبر المناهج والقوانين، مثل قانون الطفل الفلسطيني ورفع سن الزواج في قانون الأحوال الشخصية
المطلوب اليوم منا جميعا هو:
أولاً الثقة بأن منهج الله هو الأكمل والأشمل والأعظم الذي يقوم بتنظيم حياة البشر، وأن نعمل جاهدين على نشر الوعي لفهم أمور ديننا الحنيف فهماً شاملاً، بحيث نسعى جاهدين لجعله المنهج الوحيد الذي نسير عليه في حياتنا (قل أن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين ) [الأنعام:162].
ثانياً: الإلمام بحاجة المجتمع وضروراته ورصد المشكلات والعمل على حلها عبر الجمعيات والمؤسسات النسائية التي تهتم بقضايا المرأة ومشكلاتها من منظور إسلامي.
ثالثاً: التركيز عبر البرامج والأنشطة التي تقوم على تربية الأولاد واحتضانهم، وذلك بغرس القيم والمبادئ الإسلامية السامية، وتحصينهم من الغزو الغربي الوافد عبر وسائل الإعلام المختلفه وعدم الانسياق وراء المؤسسات الغربية.
رابعاً: الاهتمام بحفظ القرآن الكريم والسنة النبوية وسيرة العظماء والعلماء إلى غير ذلك من الأنشطة التي تساعد المرأة والأولاد للمضي في بناء مجتمع قوي معافى وسليم.
السؤال السادس : ما هو دور المجتمع الفلسطيني عموماً وأهل الخليل خصوصا في الدفاع عن الحرم الابراهيمي
تواجه مدينة الخليل معركة شرسة ومستمرة مع قطعان المستوطنين والجيش الإسرائيلي، فلا زال الاحتلال يواصل اعتداءاته على المسجد الإبراهيمي؛ ففي الفترة الاخيرة قام بخطوات فعلية للاستيلاء بشكل كامل على الحرم الإبراهيمي، علماً بأن المسجد تم تقسيمه عام 1994 بعد المجزرة التي ارتكبها المجرم جولدشتاين التي اشتشهد فيها 29 وجرح فيها 150 أثناء تأديتهم صلاة الفجر في الحرم الإبراهيمي، وعقب المجزره تشكلت لجنة شنغر برئاسة قاضي المحكمه العليا. حيث أوصت هذه اللجنه بتقسيم الحرم وفصل اليهود عن المسلمين وأصبحت الشرطة الإسرائيلية هي المسؤولة عن الحفاظ على المبنى، وبعد عدة سنوات وبعد انتفاضة الأقصى قام جيش الاحتلال بتوسيع سياسة الفصل على مدينة الخليل وفرض قيود غير مسبوقة على حركة الأهالي في المدينه تمثلت بحصار متواصل وإغلاق شوارع رئيسة في مركز المدينة القديمة، هذه الإجراءات التعسفية تسببت بتحويل وسط مدينة الخليل إلى أشباح مما دفع الكثيرين من الأهالي إلى مغادرة هذه المنطقة.
إن الاعتداءات المتكررة والممارسات العنصرية والانتهاكات اليومية من المستوطنين المدججين بالسلاح على مدينة الخليل مستمرة ولا تتوقف أبداً، أمام هذه الاعتداءات والممارسات الظالمة لا يملك أهالي مدينة الخليل إلا التصدي لهذه الهجمات بصدورهم العارية.
وفي السنوات الأخيرة ظهرت مبادرات شبابية قامت بتشكيل لجان أطلقوا عليها اسم (( حماة الحرم )) تقوم هذه اللجان بتنظيم النشاطات والفعاليات المختلفة وتوزيع الجوائز داخل الحرم الإبراهيمي وإلى دعوة عائلات الخليل عبر برنامج أسبوعي تقوم كل عائلة لزيارة الحرم وصلاة الفجر فيه، وذلك لتعزيز صمود المواطنين وثباتهم على أوطانهم وممتلكاتهم، وكذلك تشكلت لجنة نسائية بالتعاون مع وزارة الأوقاف (مرابطات الحرم الإبراهيمي) وتقوم هذه اللجنة بدعوة النساء لزيارة الحرم والتعرف على معالمه وإقامة المسابقات وتوزيع الجوائز على الحاضرين، وتقديم طبق سيدنا إبراهيم للحضور من تكية خليل الرحمن تحت شعار نساء في ضيافة إبراهيم الخليل.
في هذا المقام نتوجه بالدعوة الى أهلنا في الضفة الغربية وأهلنا في الداخل إلى ضرورة شد الرحال إلى مدينة الخليل وزيارة الحرم الإبراهيمي للصلاة في رحابه وهذه من واجبات الإسلام.
تصنيفات : قضايا و مقالات