بسم الله الرحمن الرحيم
الدلالات البلاغية في القرآن الكريم قراءة وتحليل بثوب جديد
الدكتور عطية الأطرش
قدر البلاغيون والمفسرون في قوله تعالى:”بسم الله” محذوفا تقديره: بسم الله أتلو، أو أقرأ، أو أبدأ. والعرب إنما جرت عادتها بالحذف في الكلام بقصد الاختصار والتخفيف من الكلام على قدر الحاجة؛ ذلك أن البلاغة الإيجاز، وهو أداء المعاني الكثيرة بألفاظ قليلة. فالمختار والمؤمل إذن أن المحذوف في قولنا “بسم الله” إنما حُذف لتذهب النفس فيه كل مذهب فيحقق الإيجاز والإعجاز، ويصيب كبد البيان في مقام واحد، وفي الأحوال كلها.
فالتقدير عام إذن، فالمعنى: بسم الله أقرأ، وأتلو، وبسم الله آكل، وأشرب، وأكتب، وألعب، وأنام، وأقوم، وأخرج من البيت، وأبدأ العمل، وأقود السيارة، واللعب هو اللعب المباح الذي ليس فيه لهو عن ذكر الله، وأفعل كل شيء في حياتي مما شرعه الله وأحله. وبهذا المعنى جاءت السنة العملية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين كان يذكر اسم الله في شأنه كله من طعامه وشرابه ونومه ودخول الخلاء ودخول المسجد والخروج من البيت وفي طهوره وحتى في أخص أحواله عندما كان يأتي شهوته التي أحل الله له.
وهذا أيها الإخوة وأيتها الأخوات القراء درس عملي لنا ونموذج يقتدى به دائما وأبدا إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وهو أن نذكر اسم الله على كل أمر من أمورنا المشروعة ومن غير استثناء، سواء كانت دينية أم دنيوية لنحقق هذا الوصال الرباني القوي بخالقنا الرحمن الرحيم علنا نفوز بالرحمة الإلهية في الأولى والأخرة.
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل
تصنيفات : قضايا و مقالات