الطلاق: أحكام وتجاوزات
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد؛
فالأصل في الحياة الزوجية الديمومة والاستمرار والاستقرار والمودة والمحبة والتراحم؛ قال تعالى:” وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ” [الروم:21]، وينبغي على الزوجين أن يعرف كل واحد منهما ما له وما عليه، ومع ذلك، فقد تتعرض الحياة الزوجية لبعض المشكلات، فينبغي أن يتم حلّه بالحكمة دون التعجل بالطلاق، بحيث يكون الطلاق آخر الحلول لا أولها.
وننصح عموم شبابنا وشاباتنا وعموم أزواجنا وزوجاتنا بالوقوف على أهم الأحكام المتعلقة بالخِطبة والعقد والطلاق ونحو ذلك من أحكام تتعلق بالحياة الزوجية عموما، ومن أبز أحكام الطلاق التي نتعرض لها:
- الطلاق يقع باللفظ الصريح الواضح المعروف كلفظ طالق، أو طالقة، سواء أكان باللغة الفصحى أم العامية، بأي لهجة كان ذلك.
- يقع الطلاق باللفظ الصريح سواء أكان ذلك نطقا باللسان، أو كتابة.
- يقع الطلاق باللفظ الصريح سواء أكان من خلال توجيه الكلام للزوجة مباشرة، أو بالاتصال بالهاتف، أو التسجيل الصوتي وإرساله عبر البريد الصوتي بأي وسيلة كانت.
- يقع الطلاق باللفظ الصريح بالكتابة من خلال رسالة ورقية عادية، أو بالكتابة بأية وسيلة اتصال كالرسائل القصيرة من خلال الهاتف أو الواتس أو الماسنجر أو البريد الإلكتوني ونحوها.
- يقع الطلاق باللفظ الصريح سواء أكان الكلام موجها مباشرة إلى الزوجة أو أمام أي أحد، سواء أكانت الزوجة موجودة أو غير موجودة.
- الطلاق قبل الدخول يقع بائنا بينونة صغرى فورا، بحيث لا تحل له التي طلقها إلا بعقد ومهر جديدين بعد الرضا.
- إذا لم يعقد الذي طلق زوجته قبل الدخول عقدا جديدا ودخل بها، يكون حينئذ دخل بها دخولا غير شرعي، وكل طلاق بعده يكون في غير محلّه، ويجب عليه التوجه للمحكمة الشرعية لتصحيح العقد والنسب لأولاده إن حصل بينهما أولاد لاحقا.
- لا يجوز للمعقود عليها ولا العاقد ولا لأهليهما التستر على الطلاق قبل الدخول، بل يجب مراجعة المحكمة الشرعية، وكل من يتستر على ذلك فهو شريك معهم في هذا التجاوز الخطير، وكلهم آثمون.
- يجوز للزوج أن يطلق زوجته بعد الدخول مرتين في مجلسين متفرقين، فإن طلقها الثالثة وهو في كل الحالات بكامل أهليته الشرعية بانت منه زوجته بينونة كبرى، لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره.
- يجوز للزوج أن يرجع زوجته خلال فترة العدة، فإن انقضت العدة الشرعية دون إرجعها بانت منه بينونة صغرى لا تحل له إلا بعقد ومهر جديدن بعد الرضا.
- يجوز للزوجة التي بانت من زوجها أن تطالب بكامل حقوقها المنصوص عليها في عقد الزواج، سواء رغبت في العودة له أم لا، وإذا أراد إرجاعها بعقد جديد فمن حقها المطالبة بمهر جديد، وإن شاءت أخذت كل أو جزءاً من حقوقها في العقد السابق، وإن شاءت سامحت، فالأمر إليها.
- بعد الطلاق الثالث البائن بيونة كبرى، لا تحل المطلقة لزوجها الأول حتى تنكح زوجا غيره ويذوق عسيلتها، بحيث يتم الدخول الحقيقي المعلوم، وإلا فيكون ذلك تحت باب التيس المستعار.
- التلفظ بالطلاق أكثر من مرة واحدة في مجلس واحد يحتسب طلقة واحدة.
- يقع الطلاق في حالتي الطلاق السني والبدعي، والطلاق السني: أن يطلق الزوجة زوجته في طهر لم يمسها فيه، والطلاق البدعي أن يطلقها في طهر مسها فيه، أو وهي حائض أو نفساء.
- يقع الطلاق على الزوجة الحامل والحائض والنفساء والطاهر والجنب ونحوها من اعتبارات في حق الزوجة.
- تنقضي عدة الزوجة الحامل بوضع حملها، وتنقضي عدة المطلقة غير الحامل بانقضاء ثلاثة حيضات، ومن لا تحيض تنقضي عدتها بانقضاء ثلاثة أشهر ومثلها التي يئست من الحيض.
- يقع الطلاق في حال المزاح.
- طلاق الغضباء يقع إن كان مع غضبه يعي ما يقول، ولا يقع إن كان في حالة إغلاق، لا يعي فيها ما يقول.
- طلاق المدهوش والسكران والنائم والمجنون والمكره لا يقع.
- الحلف بالطلاق حرام لا يجوز، ومن قال علي الطلاق نسأله عن نيته.
- الطلاق المعلق على شرط يقع به الطلاق حال وقوع الشرط، وفي دائرة الإفتاء عموما يتم السؤال عن نيته، وبناء على ذلك تكون الفتوى من حيث وقوع الطلاق أو عدمه.
- التهديد بالطلاق سلاح الضعفاء.
- لا يجوز للزوجة طلب الطلاق دون مسوّغ معتبر شرعا.
- المطلقة رجعيا تبقى في بيت زوجها، وتتزين لزوجها، لعل الله يصلح بينهما خلال فترة العدة، ولا تذهب لبيت أهلها تحت إطار مسمى (حردانة)! إلا أن يخرجها هو من بيته.
- الإفتاء بالطلاق من غير المفتين المعتمدين أدى ولا زال إلى كوارث وطوام كبيرة، فنهيب بالجميع علمائنا ومشايخنا ودعاتنا وطلاب العلم الشرعي وأئمة المساجد والمثقفين والمخاتير بتحويل حالات الطلاق لدائرة الإفتاء تحديدا لعمل اللازم دون مقابل مادي طبعا.
تجاوزات تتعلق بالطلاق:
بعد بيان جملة عامة لأبرز أحكام الطلاق التي نتعرض لها، نذكر جملة من التجاوزات المتعلقة بموضوع الطلاق كذلك، فمن أبرزها:
- التسرع في الطلاق وجعل الطلاق أول الحلول لا آخرها.
- العصبية الزائدة عند الزوج والانفعال الشديد وما ينجم عنه من طلاق غالبا.
- كثرة تهديد الزوج زوجته بالطلاق.
- كثرة حلف الزوج بالطلاق، قائلا: علي الطلاق.
- كثرة طلب الزوجة الطلاق من زوجها.
- المزاح بالطلاق.
- التفنن بعبارات الطلاق، كقول: طالق بالمليون، أو طالق ولا يرد شرع ولا فرع، ونحو ذلك من عبارات.
- خروج الزوجة من بيت زوجها إذا طلقها طلاقا رجعيا إلى بيت أهلها فورا، والأصل أن تقضي العدة في بيت الزوجية.
- تدخل الأهل السلبي في حياة الزوجين، وتحريض الزوج أو الزوجة على الطلاق.
- توجه كثير من الأزواج وأهاليهم إلى غير دور الإفتاء أو المحاكم الشرعية، ومن ثم استفتاء من ليس أهلا للإفتاء في الطلاق، ومن ثم حصول الكوارث.
- كذب بعض الأزواج والزوجات على المفتي أو القاضي.
- ذهاب بعض الأزواج بعد صدور الطلاق الثالث إلى طبيب نفسي وإحضار تقرير بأنه مريض نفسي وهو كاذب.
تصنيفات : قضايا و مقالات