مدارسُ القدسِ … صمودٌ ورباط
د. إسراء عزام سلايمة
يوجد في مدينة القدس الشّريفة عددٌ من المدارس التّابعة لوزارة التّربيّة والتّعليم الفلسطينيّة، عدد هذه المدارس يُقارب ثلاثين ونيف.
فهل حال هذه المدارس كحال المدارس الأخرى الموجودة في مدينة القدس؟؟
بالتّأكيد لا، فوجود هذا المدارس في مدينة القدس يغيظ العدو الصّهيوني الحاقد؛ لذلك يسعى الاحتلال لملاحقة هذه المدارس وملاحقة موظفيها وطلابها والتّضييق عليهم، ويسعون لمنع تطوّرها، ويضعون خططًا ليُعيقوا توسعها وانتشارها، ومن ذلك:
* يمنعون إصدار تراخيص لإنشاء مدارس جديدة تابعة لوزارة التّربيّة والتّعليم الفلسطينيّة.
* عدم السّماح للمدارس القائمة بإجراء توسعات لمبانيها وساحاتها.
* هدم لمدارس قائمة بحججٍ واهيةٍ، كحجج فتح طُرق عامّة وحدائق عامّة.
* يقومون بإنشاء مدارس جديدة تابعة لبلديّة الاحتلال بالقرب من المدارس التّابعة لوزارة التّربيّة والتّعليم؛ لإيجاد بديل أفضل مُهيّأ للتّعليم والتّرفيه معًا، وهذا ما تمّ تطبيقه فعليًّا على أرض الواقع، وكانت النتيجة الملموسة انتقال عدد كبير من طلاب المدارس التّابعة لوزارة التّربية والتّعليم الفلسطينيّة إلى المدارس الجديدة التّابعة لبلدية الاحتلال، حيث أصبح عدد الطّلاب في الصّف الواحد في المدارس التّابعة لوزارة التّربيّة والتّعليم الفلسطينيّة لا يتجاوز ثلاثة عشر طالبًا في السنة الأولى من إنشاء مدارس بلديّة مجاورة لها، فكيف يكون الحال في السّنوات القادمة؟!!
يجب أن يكون لنا دورٌ بارزٌ في مواجهة هذا الخطر الذي حلَّ بمدارسنا، وهذا الدّور لا يقتصر على القائمين على هذه المدارس، بل لأولياء أمور الطّلبة وللمعلّمين والمعلّمات وللموظّفين والموظّفات ولأهل القدس بشكلٍ خاص، كلٌّ له دوره حسب موقعه وفي موقعه، يدًا بيد، كلمة على كلمة، خطاب وراء خطاب، نقف أمام هذه المخططات صامدين عازمين على نشر الأمل وطمس الألم، دحض الاحتلال ومدارسه وثبات القدس ومدارسها.
هل البقاء في المدارس التّابعة لوزارة التّربيّة والتّعليم الفلسطينيّة يُعدُّ رباطا في سبيل الله أم هو بقاء كأي بقاء لا يتميز عن غيره؟!
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها، وموضع سوط أحدكم من الجنة خير من الدنيا وما عليها، والروحة يروحها العبد في سبيل الله تعالى، أو الغدوة خير من الدنيا وما عليها ) متفقٌ عليه
يُخبرنا الحديث بأنّ رباط يوم في سبيل الله خيرٌ من الدّنيا وما عليها، والرّباط هو الإقامة على الثّغور، والثّغور عي الأماكن التي يُخاف عليها من الأعداء.
فهل الثّغور تقتصر على الحدود ومواقع التّماس مع العدو أم لها معنى أشمل من ذلك ؟!
الثّغور ليست مقتصرة على ما ذُكر بل معناها أبعد من ذلك حيث تشمل الأماكن المُهدّدة بالطّمس والزّوال، ومن أهم هذه الأماكن ” مدارس القدس التّابعة لوزارة التّربيّة والتّعليم الفلسطينيّة ” فهي تحت خطرٍ حقيقيّ، يتمثّل هذا الخطر فيما تتعرّض له هذه المدارس من تنفيذ مخططات صهيونيّة ل ” أسرلة التّعليم في القدس” هدفها الأساسيّ القضاء على مدارس القدس التّابعة لوزارة التّربيّة والتّعليم الفلسطينيّة.
من أجل ذلك ندعو لنشر فكرة الجهاد والرّباط في مدارس القدس … وعدم الخضوع لمخططات الاحتلال … وتوعيّة أهل القدس لمجابهة هذا الخطر الذي يلحق بمدارسها العريقة التي تُثبت في أقدميّتها حقّ الشّعب الفلسطينيّ في هذه الأرض المبارك، وتُميز بين الدّخيل والأصيل.
* ثبات القائمين على هذه المدارس من إداريين ومشرفين هو نوع رباط في سبيل الله
* ثبات المعلمين والمعلمات وكلّ موظّف في هذه المدارس هو نوع رباط في سبيل الله، على الرّغم ممّا يُعانوه من عدم الإنصاف في حقوقهم مقابلة مع موظّفي المدارس التّابعة لبلديّة الاحتلال
* ثبات الطّلاب على مقاعدهم الدّراسيّة في هذه المدارس هو نوع رباط في سبيل الله، على الرّغم ممّا يُعانوه من تردي البنيّة التّحتيّة فيها، وضيق مبانيها وغرفها الصّفيّة، وصغر ساحاتها إن لم أقل انعدامها في بعض المدارس مقارنة بحال المدارس التّابعة لبلديّة الاحتلال التي تتمتّع ببنيّة تحتيّة كاملة، ومباني واسعة، وغرف صفيّة مٌجهّزة بأحدث الأجهزة والأدوات اللازمة، وساحات كبيرة وواسعة…
* ثبات الأهل على مبادئهم وعدم تنازلهم عنها في مقابل المُغريات التي يجدونها في مدارس البلديّة
* ثبات جنود الخفاء الذين يواظبون على عملهم ودعوتهم من وراء الظّل
اذكر طلابي دومًا – كوني معلمة في مدارس القدس التّابعة لوزارة التّربيّة والتّعليم الفلسطينيّة – بأنّهم في كلّ يوم يأتون فيه إلى مدارسهم وبيتهم الثّاني، ويجلسون على مقاعدها، ويحملون همّ وطنهم، ويرفعون مبادئ دينهم، ويتعلمون فيها سُبل مواجهة كلّ خطر موجّه إليها وإلى بلدهم الحبيبة … بأنّهم في رباط في سبيل الله وينالون فضائله، فرباط يوم على مقاعد الدّراسة في هذه المدارس بنيّة الرّباط خيرٌ من الدّنيا وما عليها… فكيف بأيام السّنة كاملة، وكيف إذا اجتمع رباط في سبيل الله وعلم لرفعة هذه الأمة، فهذا خيرٌ عظيم… لا يحصل لأي أحد، إنّما لأهل فلسطين
يشهد لهذا الرّباط خطوات أقدامهم إلى تحفر في شوارع القدس ثباتهم، وترسم على أزقّة مداخلها مجدهم، وتعزف على جدران مبانيها عزّتهم …
يا له من رباط يغفل عنه الكثير… كيف ذلك؟! وهو من أرفع أنواع الرّباط وأشرفه، فهو رباط وطن، ورباط علم، جمع بين نورين: نور عشق الوطن، ونور حبّ العلم، بدمج النّورين معًا يشعُ الأمل، ويحصل لأهل فلسطين العز والتّمكين…
أبناء الشّعب الفلسطينيّ يرفعون صوتهم في وجه مُخططات الاحتلال قائلين:
رضعنا حبّ الوطن منذ أن كنّا صغار
وتعلّمنا الثّبات فيه منذ جلسنا على مقاعد الدّراسة
وتخرّجنا منها حاملين في صدورنا آثار صمودنا
وسنحصد بإذن الله ثمار حبّنا وثباتنا وصمودنا نصرًا مؤزرًا
تصنيفات : قضايا و مقالات